المحكمة الإدارية تعيده إلى العمل في “الصحة”

براءة طبيب من عمليات ترقيع غشاء بكارة

| عباس إبراهيم

قضت‭ ‬المحكمة‭ ‬الكبرى‭ ‬المدنية‭ ‬الأولى‭ (‬الدائرة‭ ‬الإدارية‭) ‬بإلغاء‭ ‬قرار‭ ‬صادر‭ ‬من‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للصحة‭ ‬ولجنة‭ ‬تأديبية‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬بفصل‭ ‬طبيب‭ ‬من‭ ‬عمله،‭ ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬متهما‭ ‬بجريمتي‭ ‬إدارة‭ ‬مكان‭ ‬خاص‭ ‬كعيادة‭ ‬وتقديم‭ ‬خدمات‭ ‬صحية‭ ‬“ترقيع‭ ‬غشاء‭ ‬البكارة”‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬ترخيص‭ ‬للتهمتين،‭ ‬بعد‭ ‬تبرئة‭ ‬محكمة‭ ‬الاستئناف‭ ‬له‭ ‬مما‭ ‬نسب‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬اتهامات،‭ ‬وأمرت‭ ‬المحكمة‭ ‬بإعادة‭ ‬اسمه‭ ‬مجددا‭ ‬في‭ ‬سجلات‭ ‬الهيئة،‭ ‬وإلغاء‭ ‬قرار‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬بإنهاء‭ ‬خدمته‭.‬

وذكرت‭ ‬المحكمة‭ ‬أن‭ ‬وقائع‭ ‬الدعوى‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬المدعي‭ ‬“الطبيب”‭ ‬والمتخصص‭ ‬بأمراض‭ ‬النساء‭ ‬والولادة،‭ ‬كان‭ ‬متهما‭ ‬بإجرائه‭ ‬عملية‭ ‬ترقيع‭ ‬غشاء‭ ‬بكارة‭ ‬دون‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬ترخيص‭ ‬من‭ ‬الجهة‭ ‬المختصة،‭ ‬وقيامه‭ ‬وآخر‭ ‬بإدارة‭ ‬مكان‭ ‬خاص‭ ‬كعيادة‭ ‬دون‭ ‬ترخيص‭ ‬من‭ ‬الجهة‭ ‬المختصة،‭ ‬وتمت‭ ‬إحالتهما‭ ‬للمحاكمة‭ ‬الجنائية،‭ ‬ونظرت‭ ‬محكمة‭ ‬أول‭ ‬درجة‭ ‬الدعوى‭ ‬وقضت‭ ‬ببراءتهما‭ ‬من‭ ‬تهمة‭ ‬إدارة‭ ‬مكان‭ ‬خاص‭ ‬كعيادة‭ ‬دون‭ ‬ترخيص‭ ‬من‭ ‬الجهة‭ ‬المختصة،‭ ‬وحكمت‭ ‬بمعاقبتها‭ ‬بالحبس‭ ‬لمدة‭ ‬سنة‭ ‬واحدة‭ ‬عن‭ ‬تهمة‭ ‬تقديم‭ ‬خدمات‭ ‬صحية‭ ‬دون‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬ترخيص‭ ‬من‭ ‬الجهة‭ ‬المختصة‭.‬

وأضافت‭ ‬أنه‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬الحكم‭ ‬سالف‭ ‬البيان‭ ‬صدر‭ ‬قرار‭ ‬اللجنة‭ ‬التأديبية‭ ‬للمرخص‭ ‬لهم‭ ‬بمزاولة‭ ‬مهنة‭ ‬الطب‭ ‬البشري‭ ‬وطب‭ ‬الأسنان‭ ‬بإلغاء‭ ‬ترخيص‭ ‬مزاولة‭ ‬مهنة‭ ‬الطب‭ ‬البشري‭ ‬وشطب‭ ‬اسمه‭ ‬من‭ ‬سجلات‭ ‬الهيئة؛‭ ‬نظرا‭ ‬لما‭ ‬نسب‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬مخالفات‭ ‬مهنية‭ ‬تتعلق‭ ‬بتجاوز‭ ‬حدود‭ ‬الترخيص‭ ‬الممنوح‭ ‬له،‭ ‬وإنشاء‭ ‬وإدارة‭ ‬عيادة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬ترخيص،‭ ‬وتقديم‭ ‬خدمات‭ ‬صحية‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬ترخيص،‭ ‬واعتمد‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للصحة‭ ‬قرار‭ ‬اللجنة‭ ‬التأديبية،‭ ‬وصدر‭ ‬قرار‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ - ‬بإنهاء‭ ‬خدماته‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬كطبيب‭ ‬لدى‭ ‬الوزارة‭.‬

لكن‭ ‬في‭ ‬بتاريخ‭ ‬25‭ ‬أبريل‭ ‬2018‭ ‬قضت‭ ‬المحكمة‭ ‬الاستئنافية‭ ‬بإلغاء‭ ‬حكم‭ ‬أول‭ ‬درجة‭ ‬وقضت‭ ‬مجددا‭ ‬ببراءة‭ ‬المدعي‭ ‬مما‭ ‬أُسند‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬اتهام؛‭ ‬وذلك‭ ‬بعد‭ ‬تقديم‭ ‬الدلائل‭ ‬وإثبات‭ ‬أن‭ ‬الواقعة‭ ‬مصطنعة‭ ‬وغير‭ ‬حقيقة،‭ ‬وعليه‭ ‬طالب‭ ‬الطبيب‭ ‬بإعادته‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬للعمل،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬طلبه‭ ‬قوبل‭ ‬بالرفض‭.‬

وأشارت‭ ‬محكمة‭ ‬الاستئناف‭ ‬حينها‭ ‬في‭ ‬أسباب‭ ‬براءته‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬القوانين‭ ‬والقرارات‭ ‬المنظمة‭ ‬لمزاولة‭ ‬مهنة‭ ‬الطب‭ ‬البشري‭ ‬قد‭ ‬خلت‭ ‬تماما‭ ‬من‭ ‬أية‭ ‬نصوص‭ ‬تمنع‭ ‬الأطباء‭ ‬من‭ ‬تقديم‭ ‬الخدمات‭ ‬الصحية‭ ‬وحمل‭ ‬أدواتهم‭ ‬الطبية‭ ‬خارج‭ ‬المستشفيات‭ ‬والمراكز‭ ‬الصحية‭ ‬العامة‭ ‬والخاصة،‭ ‬كما‭ ‬خلت‭ ‬من‭ ‬وجوب‭ ‬حصولهم‭ ‬على‭ ‬ترخيص‭ ‬بذلك،‭ ‬وهي‭ ‬الجريمة‭ ‬التي‭ ‬أسندت‭ ‬النيابة‭ ‬العامة‭ ‬للمستأنف‭ ‬ارتكابها،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬المستأنف‭ ‬غير‭ ‬مخاطب‭ ‬بنص‭ ‬المادة‭ (‬19‭) ‬من‭ ‬المرسوم‭ ‬بقانون‭ ‬رقم‭ (‬7‭) ‬لسنة‭ ‬1989،‭ ‬والتي‭ ‬تنص‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يحق‭ ‬لأي‭ ‬طبيب‭ ‬وصف‭ ‬دواء‭ ‬بقصد‭ ‬إجهاض‭ ‬امرأة‭ ‬حامل؛‭ ‬لعدم‭ ‬ارتكابه‭ ‬الفعل‭ ‬المؤثم‭ ‬بموجب‭ ‬تلك‭ ‬المادة،‭ ‬بما‭ ‬يتعين‭ ‬معه‭ ‬القضاء‭ ‬بإلغاء‭ ‬الحكم‭ ‬المستأنف‭ ‬والقضاء‭ ‬مجددا‭ ‬ببراءة‭ ‬المستأنف‭ ‬مما‭ ‬أُسند‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬اتهام‭.‬

وبينت‭ ‬المحكمة‭ ‬الإدارية‭ ‬أن‭ ‬الدعوى‭ ‬خلت‭ ‬تماما‭ ‬مما‭ ‬يفيد‭ ‬الطعن‭ ‬بالتمييز‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬الحكم،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فقد‭ ‬صار‭ ‬حكما‭ ‬باتا،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يغدو‭ ‬معه‭ ‬القراران‭ ‬المطعون‭ ‬عليهما‭ ‬فاقدين‭ ‬سببهما‭ ‬القانوني‭ ‬الذي‭ ‬يقوى‭ ‬على‭ ‬حملهما،‭ ‬وأنه‭ ‬وفقا‭ ‬لحكم‭ ‬المادة‭ (‬309‭) ‬من‭ ‬قانون‭ ‬الإجراءات‭ ‬الجنائية‭ ‬أن‭ ‬للحكم‭ ‬الجنائي‭ ‬البات‭ ‬الصادر‭ ‬من‭ ‬المحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬بالبراءة‭ ‬أو‭ ‬بالإدانة‭ ‬حجية‭ ‬تلتزم‭ ‬بها‭ ‬المحاكم‭ ‬المدنية‭ ‬في‭ ‬الدعاوى‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬قد‭ ‬فصل‭ ‬فيها‭ ‬بحكم‭ ‬بات‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بوقوع‭ ‬الجريمة،‭ ‬ويكون‭ ‬للحكم‭ ‬بالبراءة‭ ‬هذه‭ ‬الحجية،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬ينهار‭ ‬معه‭ ‬السبب‭ ‬الذي‭ ‬استندت‭ ‬إليه‭ ‬جهة‭ ‬الإدارة‭ ‬في‭ ‬إصدار‭ ‬قراريها‭ ‬المطعون‭ ‬عليهما‭.‬