بينيلوبي كروز: أنا محظوظة وفي داخلي بركان

لهذه المرأة حضور قوي وناعم في آن. ليست طويلة ولا قصيرة... هي جميلة جدًا. لها انحناءات بارزة من جهة وملامح ناعمة من جهة أخرى. تبدو مؤثرة على أرض الواقع بقدر ما هي عليه في أعمالها السينمائية. كانت تحدّق في الفراغ أحيانًا في حين يتحرك الجميع من حولها: مصفف الشعر، وخبير المكياج، والمصور، ومدير أعمالها: هي لا تعمل إلا مع أشخاص أوفياء. هكذا مر اليوم من دون مشاكل. بدت جذابة لكن متّزنة واتسمت بنفحة درامية بعض الشيء. كانت بينيلوبي وزوجها خافيير باردم من القلائل الذين رفضوا المشاركة في حملة هوليوود ضد وودي آلن. فقالت كروز “لندع العدالة تأخذ مجراها”، علمًا أنها التزمت في الوقت نفسه بدعم مؤسسة “تايمز آب” التي تموّل قضايا ضحايا العنف الجنسي. هي تفضّل الأفعال الملموسة على المواقف الأخلاقية النظرية. كيف يمكن اختصار بينيلوبي كروز؟ إنها كتلة من العواطف والرغبات والمتعة والمخاوف المتشابكة. إنها خيال ملموس جدًا وحلم واقعي.

 

- أنهيتِ للتو حملة ترويجية مكثفة لفيلم Everybody knows (الجميع يعرفون) للمخرج أصغر فرهادي. لكنك اليوم هنا للتعبير عن نفسك. هل تستمتعين بالتكلم عن نفسك أم تخشين هذا الموقف؟

يمكن أن يكون أي يوم مماثل ممتعًا جدًا. أعمل مع ماركة “لانكوم” منذ أكثر من 8 سنوات وطوّرتُ علاقات وثيقة مع فريق العمل. أعتبر هذا الجانب جزءًا من عملي كممثلة، فأتساءل عن مكان الكاميرا وعن القصة التي نريد سردها. لا أجسّد شخصية مختلفة، لكني لستُ أنا في الوقت نفسه. إنه شعور غامض! أهتم بهذا العمل أيضًا لأنني أراقب وأتعلم. سبق وأخرجتُ بعض الإعلانات وفيلمًا وثائقيًا وأنوي إخراج أعمال أخرى مستقبلًا.

 

هل يمكن أن يكون فيلمًا؟

نعم، فيلم طويل. لا أعرف متى سأحقق ذلك لكني متأكدة من أنني سأفعلها يومًا. أرغب في ذلك منذ أن كنت في عمر السادسة عشرة. أنا من برج الثور ويُقال إن هذا البرج يتأثر كثيرًا بالعوامل البصرية. هذه المعلومة تنطبق عليّ فعلًا. في مهرجان “كان”، ساد جدل واسع حول التوازن بين الحفاظ على صورة النجوم المثالية والسينما التي تعبّر عن الشخصية الفنية. قد يكون هذا الجدل ملخّصًا وافيًا لحياة أية ممثلة، أي السعي إلى إيجاد التوازن بين السحر الخارجي والفن. إنهما ظاهرتان مختلفتان بالكامل من وجهة نظري. حين أصوّر، لا أهتم بجمالي بل أُبقي غروري في منزلي. لكن يختلف الوضع عند تقديم فيلم في مهرجان. لا أجد مشكلة في تحضير نفسي وتصفيف شعري وارتداء أثواب من أهم المصممين. لكني أتأسف لأن التركيز يتحوّل دومًا من مطالبات الحركات النسائية التي تكثفت هذه السنة إلى مواضيع سخيفة مثل مراقبة ما نرتديه في المناسبات.

 

- في فيلم Everybody knows، قبلتِ أن تُروّجي للعمل مع زوجك. هل استمتعتِ برؤية الصحافيين وهم يضغطون على نفسهم كي لا يطرحوا عليكما أسئلة شخصية؟

لا يحصل ذلك إلا في هذه الظروف، أي حين نمثل معًا في الفيلم نفسه. نحن لا نكرر هذه التجربة كثيرًا لأننا لا نحبّذ هذه المواقف. لكن كان الصحافيون رائعين فكرروا سؤالًا واحدًا: “كيف يكون العمل المشترك بين زوجين”؟ بكل صراحة، لا تتغير التجربة كثيرًا.

 

- في هذا الفيلم وفي دور دوناتيلا فيرساتشي في American crime story (قصة جريمة أميركية)، تجسدين شخصيات قاتمة وأقل براءة مما كنت تفعلين في الماضي. هل تتغير خياراتك مع التقدم في السن؟

 

لا أوافق على ذلك. منذ السنة الأولى، شاركتُ في فيلمَي Jamón Jamón وBelle Epoque (حقبة جميلة) إذ قدّمتُ شخصيتين مختلفتين جدًا وشكّلتا ركيزة لمسيرتي التمثيلية. ثم جعلني بيدرو (ألمودوفار) أؤدي دور امرأة حامل تحمل فيروس الإيدز في All About My Mother (كل شيء عن أمي)، وكان هذا الدور غير مألوف بالنسبة إلى ممثلة في عمر العشرين. كان بعض الشخصيات أكثر صعوبة طبعًا لكني أُسَرّ كلما زادت تعقيدًا.

 

- هل تحبين المصاعب؟

أظن أن الممثلين كلهم يحبونها. أحب ألا أعرف كل شيء وأن أشعر بالضياع. إنه أشبه بمخدّر لي. هكذا أشعر بأنني ما زلت تلميذة. يعني التمثيل درس العواطف البشرية. إنها مسيرة لامتناهية.

 

- هل اكتشفتِ أن مهنة التمثيل مشابهة لما كنت تتخيّلينه؟

بدأتُ أحلم بهذه المهنة في عمر الحادية عشرة. لكن حين شاركتُ في فيلم Jamón Jamón، شعرتُ بأن التجربة أفضل مما توقعت. وفي نهاية التصوير، انتابني الخوف، بل الرعب، مما سيحصل بعد انتهاء هذا الفيلم. كان الشعور قويًا جدًا: ما الذي سأفعله إذا لم أتمكن من عيش هذه التجربة مجددًا؟ لكني شاركتُ سريعًا في تجارب أداء أخرى، وتلقيتُ أول مفاجأة عندما حصدتُ ردود فعل إيجابية.