كشخة أم “هَبّة”؟

هل مازال الشباب البحريني يقلد الغرب في لبسه و “ستايله”؟

| طارق البحار

اهتمام الشباب البحريني بالأزياء ليس الشيء الجديد عليهم، فهم متابعون منذ الصغر لكل “الستايل” المتداول في العالم لانفتاحهم وحبهم للتجديد، وإعطاء الصورة الجميلة لهم أمام الناس، واتهموا في مرات عديدة وغيرهم من الشباب العربي بتقليدهم الغرب في كل صغيرة وكبيرة، فالشاب البحريني يهتم بالأزياء بشكل ملحوظ، وبعيدا عن الزي الرسمي، نجد هناك صيحات شبابية رائعة تلائم مناسبات عدة، فضلا عن “التي شيرت” والجلد والجينز الذي يميل إليه معظم الشباب في مختلف المناسبات، إضافة إلى الشورت و “البرمودا” والبنطلون الفضفاض.

وكانت الملابس ترمز في ما مضى إلى الانتساب الاجتماعي والانتماء الحضاري للشخص الذي يرتديها، ولكنها اليوم صارت وسيلة للتعبير عن الذات والشخصية، خصوصا لدى الشباب الذي أضحى يطور ذائقته في اللباس والأزياء والموضة لحاجات وأسباب نفسية واجتماعية.

ويتفاوت تعامل الشباب البحريني مع الموضة الغريبة في اللباس، والتي انتشرت خلال السنوات الأخيرة، فهناك من صار لديه اتباع هذه الموضة بمثابة هوس حقيقي يعيشه كل يوم، وهناك من يعتبرها أمرا عاديا يتبع تطور الزمان، في حين أن آخرين يرونها تقليدا أعمى وتفسخا للهوية المحافظة للمجتمع البحريني البسيط. وحسبما يقول أحد علماء الاجتماع الغربيين بايونج شل بارك، فإن مثل هذه الثقافة الفرعية تكون أقرب للظهور في مجتمعات تتسم بالتغير السريع، وهو التغيير الذي لا يسمح بتوفر أرضية مشتركة بين الشباب ومن هم أكبر منهم سنا، ولا تسمح بوجود مساحات للتواصل والثقافة الفرعية التي تبدو لنا في شكل موضات أو تقليعات شبابية ليست في جوهرها إلا محاولات متخبطة لبناء واقع جديد مازال مجهول المعالم، والمشكلة أن البناء يتم دون خطة ودون خبرة، مما يجعله تعقيدا للمشكلة الأصلية التي يتمرد الشباب عليها وليس حلا لها.

اتباع أحدث خطوط الموضة بالنسبة للشباب أمر طبيعي جدا وهو من المسلمات في حياتهم، فالشاب لا يستطيع تصور شكله من دون أحدث موديلات الجينز والملابس من الماركات العالمية إضافة إلى قصة الشعر الملائمة ؛ليكون مظهره مواكبا لأحدث خطوط الموضة، فلا يحق لأي أحد أن يحاكمه أو ينتقد لباسه؛ لأنه مجرد “موضة” ستموت وتأتي موضة أخرى!

إن الموضة العصرية طغت على معظم الشباب، فأصبح لديهم شغف كبير لاقتناء كل ما هو جديد من ملابس وأحذية وقبعات وساعات وأحزمة وجاكتات بمختلف الألوان والأشكال. وهناك فئة تميل إلى الستايلات الغربية التي أصبحت منتشرة بالسوق وبشكل كبير، كالجينز ذي الخصر المنخفض أو ملابس راقصي الـ “الهيب هوب” أو “التي - شيرتات” ذات الصور المطبوعة أو الكلمات المكتوبة بشكل غير منتظم، وهناك أيضًا من يبتكر لنفسه زيًّا خاصًا به، ويظهر بشكل غريب مختلف تماما عن غيره، فنجد هنا أن هذه المجموعات قد لا تناسب الشاب في البحرين الذي تقيده عادات وتقاليد، فقد تخالف هذه الملابس البيئة التي يعيش فيها، فيظهر بشكل غريب ومحايد.

ولكن مع هذا نجد أن الموضة أصبحت بالفعل المحرّك الأساس لمعظم الشباب، فاهتماماتهم توسعت وشملت كل ما يتعلق بالموضة من أجهزة إلكترونية وهواتف؛ رغبة في التميز والظهور بشكل عصري جديد وجذاب.

وبالطبع فإن للأسرة دورا كبيرا في هذا الانحلال بخصوص ذوق أبنائها في مسألة اللباس؛ لأنه لو كانت هناك مراقبة ورعاية ومتابعة لما يفعله هؤلاء الأولاد، لما تم جرفهم إلى هذا المستوى الرديء من ارتداء ملابس غريبة عن قيم وهوية مجتمع مسلم مثل البحرين.