تبادل الأطباق في رمضان.. هل أسدل الزمن ستاره على هذه العادة؟

| طاهرة جعفر

في زمنٍ غير بعيد في شهر رمضان المبارك كل ليلة وتحديداً قبل أذان المغرب بساعةٍ أو نصف ساعة تقريباً تجد الطريق قد امتلأت بحاملي الصحون و”الصواني” المليئة بالأطباق المختلفة والمكتوب على القصدير المغلفة به “بيت فلان” إشارة إلى المنزل الذي سوف يحط فيه هذا الطبق، وما إن يجتمع الأهل على مائدة الإفطار حتى تجدها مليئة بأكثر من صنف طعام كل واحدٍ منها من بيتٍ مختلف من الأهل أو الجيران لدرجة أن كل ربة منزل قد لا تحتاج لطهو أكثر من صنفين او ثلاثة لتأتيها باقي أشكال الطعام من بيوت الجيران، وفي ذلك الزمن كانت مبادئ الجيرة أروع ما يمكن وحب الإنسان الخير لأخيه بأن لا تسقط في فمه لقمةٌ إلا وتذوقها جاره قبله، ولأن الخير لا زال متمكناً من قلوب الكثير من الناس يُطرح السؤال، لماذا خف بريق هؤلاء من الطرق في ليالي رمضان الكريمة، لم يندثروا ولكن أصبحوا قلةً قليلةً بشكل مُلاحظ، “ البلاد” طرحت التساؤل التالي على عدد من الشابات “هل شهدتِ عادة تبادل الأطباق الرمضانية بين الجيران في الحي الذي تعيشين فيه؟ كيف كانت قبل 12 عاماً وكيف هي الآن؟ وما تعليقك على هذه الظاهرة؟”

شاركتنا في البداية الشابة شريفة المحفوظ قائلةً “ أحن كثيراً الى هالعادة! لأن فيها بركه عجيبة، قبل مدة من الزمن كان الحي كله يتبادل الاطباق من ميسور الحال إلى الفقير وكانت فرصه من خلالها نعطي المحتاج دون أن يشعر بالإحراج، كانت امي تعطينا ما لا يقل عن طبقين، نفتح باب الجار وندخل، نعطيهم المكتوب ونرجع لنأخذ أطباق ثانيه للجار الثاني وهكذا.. من الممكن أن تكون هذه العادة قد اندثرت قليلاً في الأحياء الجديدة لكنها لا زالت موجودة في حيّنا، رغم أنني لا انكر انها تقلصت، فصرنا نتبادل الاطباق مع جار واحد فقط، وكبرنا نحن وأصبح الخدم يقومون بالدور ولكن هذا أفضل من لاشيء.

كما شهدت هذه العادة الجميلة أيضاً الشابة معصومة سلطان، مؤكدةً ان هذه العادة لا زالت قائمة لديهم في الحيّ الذي تسكن فيه وبكثرة قائلة “مازلنا نتبادل الاطباق بيننا وبين الجيران وعادة حلوة عساها ما تنقطع وان شاء الله تستمر للاجيال القادمة لان فيها تواصل وتراحم ومحبه فتبادل الاطباق يثبت لك ان مازال هناك جيرة وصحبة طيبة تحس براحه داخلية عندما توصل الطبق بنفسك وترى بسمة الجار وهو يستلمه ويشكرك ويدعي لك “

و لم يختلف الرأي كثيراً بالنسبة إلى وديعة الوداعي فشاركتنا قائلة “عادة تبادل الاطباق من اجمل العادات التي كانت موجودة في تلك الفترة، فلم يكن تبادل الاطباق والمأكولات الشهية هي الفكرة الاساسية فمن وجهة نظري أن مع كل طبق يتم تبادله يتم تبادل الحب والأمتنان والمشاعر جميلة جداً معه”.

لكنها بينت ان الزمن قد أسدل ستاره بعض الشيء على هذه المراسيم الرمضانية الجميلة حيث أردفت “ مع الأسف أصبحت الان وبشكل تدريجي تختفي، وأنا جداً سعيدة انني استطعت ان اشهد على هذه الفترة من هذا الشهر الفضيل على الرغم من انني كنت اتذمر عندما ترسلني امي لأخذ الصحون وتوزعيها على البيوت المتفرقة، وكان كل بيت يرسل طبقاً معيناً ومشهوراً به لنتعرف من خلاله على اصحابه، اما في زمننا هذا فإن هذه العادة شارفت على الانقراض ان لم تنقرض أصلاُ، فبعد ان كان الناس يتبادلون الاطباق الرمضانية فيما بينهم صاروا يتبادلونها عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي لمجرد العرض وال show of فقط، وأصبحت هذه الصحون باردة والمأكولات تفقد طعمها وحلاوتها لأننا افتقدنا اساساً لذة وحلاوة هذه العادة “.