أعمال غاصت في التعقيد وأخرى مشحونة بالأسرار

قراءة في بعض لوحات معرض البحرين للفنون التشكيلية الـ 44

| البلاد - أسامة الماجد

الفن لغة، وهذه اللغة يجب ان نتعرف عليها ولو قليلا، وخلال تجوالي في معرض البحرين السنوي للفنون التشكيلية الـ 44 والذي افتتحه نائب رئيس الوزراء سمو الشيخ علي بن خليفة آل خليفة نيابة عن رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، شاهدت لوحات تضفي على الفن التشكيلي البحريني طابعا خاصا وشخصية مميزة.. جمال الالوان، جمال الخطوط، جمال الاشكال مجتمعة، بعض الاعمال غاصت في التعقيد وربما هذا ناتج عن تعقيد العصر، حيث القلق والخوف والتباين الهائل في اكثر الاشياء كما في لوحات الفنان مصطفى النشيط والتي حملت ثلاثة عناوين “ رتابة “ “ ملاذ” “هدوء شديد”. ولوحات الفنانة مياسة السويدي “الساعة الخامسة والعشرون”.. لوحات النشيط والسويدي مشحونة بأسرار لا تساعدنا على وضع النقاط على الحروف.. هلع ورعب وترديد اسئلة القلق عن معنى هذا وذاك. حتى الالوان كانت اشد قتامة من الاسود “ لوحات مياسة” وهذا يجعلك تتوه في عالم يتحول فيه الفراء الابيض الى رمادي. 

لوحة “ صندوق الباندورا 1 و 2 “ للفنانة هلا آل خليفة مستمدة من إحدى الاساطير اليونانية التي تحمل نفس الاسم.. لوحة او بالاحرى لوحتان تحفظان الصمت في داخلهما.

هلا آل خليفة ترسم لتعثر على شيء.. الامل.. تذكرنا بتحويل الحياة عند الشاعر “رامبو” وتغيير العالم عند “ ماركس” واحلام الشاعر والرسام “هنري ميشو” الذي ينطلق من حالات التدمير الى حالات البناء.. لوحة صندوق الباندورا تظهر فيها ملامس مختلفة لحد تبدو فيها منحوتة وابعاد جمالية معينة وسحر خاص يذكرنا بالفعل بالاساطير اليونانية وحتى اولئك الكلاسيكيين الذين كان ادبهم غامضا ومبهما كي يكون رائعا وخالد. 

الفنان عدنان الاحمد أشار في كتيب المعرض بأنه لا يحب شرح لوحاته كثيرا، بل يريد ان يشرحها المشاهد لنفسه حسب مفهومه وفكره وثقافته اي كانت هذه الثقافة، ويضيف “اريد ان افسح المجال للمتلقي ان يحلل اللوحة بعيدا عن اطار فكري واغراضي ودوافعي الشخصية عندما رسمت اي لوحة من لوحاتي”. 

الاحمد قدم ثلاث لوحات الاولى بعنوان “ منتصف النهار” والثانية “فتنة تغار” والثالثة”قراءة في الفنجان”.. حقيقة شدتني اللوحة الثانية، حيث ارى فيها احزان امراة تتعانق مع الامومة والاحتضان. الزمن في اللوحة يشتعل، هناك نوع من الانفعال، ربما تشعر المرأة هنا بالقهر والخذلان وذاكرة مثقلة ببشاعة الموت.. هكذا اقرأ اللوحة ومراقبتها من بعيد. 

الفنان باتريك بينيديموس قدم لوحة جميلة بعنوان “ ايجاد النفس” او كما يقول المفكر جورج لوكاتش “ مطلب الحياة الاسمى”.. لوحة تبين علاقة الروح بالعالم “ الرأسين” عناق يرتكز على هدوء النفس والثقة الباسمة والتحرر من الصمت، وتفاصيل جسم الانسان ضمن فلسفة وتعبير مختلف. 

الفنان يرسم ثم يطلب فهم الجمهور لعمله، وتلك كانت قراءتي لبعض اللوحات التي شدتني في المعرض الذي كان اشبه بحديقة مليئة بالازدهار المختلفة، توصلت اليها عبر تأثيرات شتى، وهناك اعمال اخرى فيها من الجمال الكثير كلوحات سارة العرادي والشيخ راشد آل خليفة وجمال عبدالرحيم وفاطمة الامل ونبيلة الخير.