ومضة قلم

“البلاد”... الثبات والتميز

| محمد المحفوظ

قبل تسع سنوات من الآن صدر العدد الأول من “البلاد”، كان رهانها وشرطها الأول أن لا تتحول إلى مجرد مطبوعة أو عدد يضاف إلى بقية المطبوعات، وكل الشواهد تؤكد أنّها كسبت الرهان إلى أبعد الحدود، إنّ أعداد الصحف في عالمنا العربيّ تفوق المئات لكن التي استطاعت أن تخرج على المألوف والسائد تعد على أصابع اليد الواحدة.

منذ السنة الأولى لإصدارها حققت “البلاد” المعادلة الصعبة في عالم الصحافة، أي أنّها نجحت في الجمع بين جمال الشكل ودقة المضمون ونالت بهذا تقدير القارئ بل إعجابه، وهذا بكل تأكيد لم يكن سهلا أبداً، فالقارئ في بلادنا العربية كما قال ذات مرة نزار قبانيّ هو “أكبر دكتاتور في العالم، لا يكتفي بالقراءة قبل النوم ثم يضع رأسه على المخدة ويغفو بل يناقشك قبل النوم وأثناء النوم وبعد النوم ويتسلل تحت ثيابك... دكتاتورية القارئ العربيّ لا تتوقف عند حدود قراءة النص المكتوب وإنما تتجاوزها لتدخل جوهر الكتابة واختيارات الكاتب ولون عينيه وتفاصيل حياته”، فهل هناك دكتاتورية أشد من هذه؟

معضلة الكاتب اليوم أنّ هناك نوعية من القراء تضع نفسها موضع الأستاذ وتجعل الكاتب في موقع التلميذ الذي يجب عليه الإنصات وتطبيق ما يوصي به من أفكار وملاحظات بصرف النظر عن ما إذا كانت تخالف قناعاته وتوجهاته.

إنّ الرسالة التي دأبت “البلاد” على التمسك بها تتمثل في إشاعة الخير وبث قيم التنوير وفي ذات الوقت محاولة إصلاح الخلل في كل المواقع وكانت نسبة النجاح مذهلة.

لعلّ الملفت والمثير للإعجاب في “البلاد” هو هذا التنوع في التوجهات الفكرية لكتابها عبر صفحة “منطلقات” وهذا بلا شك يعد مكسبا حافظت عليه منذ انطلاقتها حتى اليوم.