البحرين حققت حلمي قبل موعده بسنتين

طارق وفا.. البداية من الصفر

| أمل الحامد

لقد أبدع الإمام الشافعي رحمه الله حينما قال: بقدر الكد تكسب المعالي.. ومن طلب العلا سهر الليالي، ومن طلب العلا بغير كد.. أضاع العمر في طلب المحال. ضيفنا في لقاء الأحد هذه المرة رجل أعمال بحريني، فلسطيني الأصل يجسد ما يرمي له بيت الشعر، إذ يعتبر العمل متعة له وجهاد في الوقت نفسه، وعائلته هي الروح والأمل والدافع الدائم له للنجاح والتفوق في عمله، وكان لديه حلم تحقق في البحرين قبل موعده بسنتين بامتلاك مكتبه الخاص، وقد بدأ أعماله من الصفر كما يقول. يؤمن بالحكمة أحسن لمن أساء إليك، والبعد عن التكبر والتمسك بالبساطة وحب الناس، تعلم ذلك من المرحوم والده الذي يعتبره قدوته في كيفية التعامل مع الناس، وعمه “جميل” قدوته في التعامل مع قطاع الأعمال، إنه طارق وفا آل الحسيني. لقد حصل وفا على وسام فارس “سير” من جانب رئيس الجمهورية الإيطالية نظير جهوده في تعزيز العلاقات بين البحرين وإيطاليا، ويعتبر ثاني بحريني يحصل على هذا التكريم. بدأ رحلته وعلاقته مع إيطاليا منذ تعرف على زوجته ورفيقة دربه وأم ابنه الوحيد التي ساعدته في مشواره المهني والحياتي وتعتبر العمود الفقري له، بحسب تعبيره. وفي الوجه الآخر يعتبر وفا من محبي الشعر، إذ يعبر عن مشاعره وأحاسيسه بقرض القوافي، وقد جادت قريحته بقصيدة عصماء لرفيقة حياته تحمل اسم “ملاك”.

 

“البلاد” التقت رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمجموعة ترايكوم، وأجرت معه اللقاء التالي:

 

بداية النشأة والدراسة

ولدت في 16 أكتوبر 1966، ونشأت وترعرعت في عائلة فلسطينية الأصل عاشت بدولة الكويت، الأب كان من أول الموظفين في الخطوط الجوية الكويتية العام 1954، والأم سيدة فاضلة كانت تعمل في وزارة التربية حتى الغزو العراقي الغاشم للكويت العام 1990.

درست في مدارس دولة الكويت الحبيبة، وتخرجت من جامعة الكويت بتفوق خلال ثلاث سنوات ونصف السنة في تخصص إدارة الأعمال - تمويل وبنوك.

 

بداية العمل

البداية لم تكن سهلة بتاتًا بعد التخرج، كان إيجاد العمل صعبًا، وبدلا من الجلوس بلا عمل آثرت أن أذهب وأتابع عمليات البناء مع صديقي الذي يملك والده إحدى الشركات الناجحة في مجال المقاولات بالكويت أيضًا.

أول وظيفة رسمية حصلت عليها كانت في شركة للتسويق والدعاية والإعلان، ثم بعدها أصررت أن التحق بإحدى الشركات العالمية في المجال نفسه، وهي شركة “Impact and Echo” التابعة لشركة صناعة الغانم الكويتية، وإن كان الراتب والمنصب أقل من السابق، ولكنني فضلت الخبرة الدولية على الراتب حينها.

عملت مع شركة “Impact and Echo” وحتى عندما حدث الغزو العراقي الجائر وبعد عملية التحرير كنت من أوائل الموظفين الذين عملوا على إعادة الحياة للشركة وأدرتها حتى انتقلت العام 1992 للعمل في البحرين مديرًا للوسائل الإعلامية  في شركة بروموسفن حين كانت تابعة لشركة يونيتاك لمدة 3 أعوام ونصف العام، ثم عملت ببنك البحرين والشرق الأوسط “BMB” نائبًا لرئيس العلاقات العامة لمدة 3 سنوات ونصف السنة، ثم انتقلت للعمل في المجموعة العربية للتأمين مديرًا للعلاقات العامة لمدة عامين من 1997 إلى 1999، وفي شهر نوفمبر من العام 1999 استقلت من الشركة بعد زواجي بثلاثة أشهر أو خمسة أشهر.

تدشين العمل الخاص

أسست شركة Plane Enterprise للعلاقات العامة ببريطانيا ومقرها الإقليمي في البحرين منذ العام 1998، وأعطيت إدارتها لخطيبتي حينها (زوجتي حاليًا)، وبعد استقالتي في نهاية 1999 نصحتني زوجتي بالعمل لوحدي، لم يكن الأمر هين لكنني توفقت من العام 1999 إلى 2003، إذ قمت بالعمل مع العديد من الشركات والبنوك منها “البركة” و”التكافل الدولية” والبحرينية الكويتية للتأمين ونيوزويك العالمية، وأعددنا ونشرنا إعداد/ملاحق إعلامية وتسويقية عن البحرين”. وكان لدينا عدد من العملاء وتعمل الشركة منذ 20 عامًا، وأصبح عملي الجانبي هو هوايتي الخاصة. حينها  تحقق حلمي بامتلاك مكتبي الخاص في عمر الـ 33 عامًا، وقد تمكنت من افتتاحه قبل موعده بسنتين.

كانت مجموعة يونيتاك أحد عملاء شركتي في العام 2001 بعد أن دخلت في منافسة مع شركات تقدمت لتنفيذ تصميم وطباعة كتيب تسويقي، إلا أن السعر في شركتي كان الأفضل وفزنا بتنفيذ المشروع، وعندما حدث خطأ في التصميم أعدت التصحيح وإعادة الطباعة على حسابي الخاص وتفاجأ عمي جميل عندما علم أني أعدت الطباعة على حسابي الخاص مما أدى إلى خسارتي لنحو 60 إلى 70 % من ربحي.

وقد عملت في شركتي حتى العام 2003 حتى طلب مني الأستاذ جميل وفا (عمي) العمل معه، وتعتبر هذه مرحلة مفصلية في حياتي؛ لأنني دخلت مرحلة جديدة بالعمل، وهي الأعمال التجارية.

وحلم العمل مع عمي إن جاء متأخرا إلا أنه كان نقطة تحول، حيث علمني الكثير وفتح لي آفاق وعندما تركت العمل معه في يناير 2008 بدأت عملي في المجال نفسه تقريبا الذي تعلمته معه، وفي سبتمبر 2008 أسست مجموعة ترايكوم التي أصبحت مشروعي الأساسي حاليًا.

 

أصعب موقف

موقف لا أتمناه لأحد في العام 1999 وقبل زواجي بأسبوع طلبني مدير شؤون الموظفين في الشركة التي كنت أعمل بها لإبلاغي برغبته في إنهاء خدماتي؛ بهدف حماية مديري المباشر نظرًا للتغير المفاجئ في الأدارة، وأنهوا عقد السكن دون علمي.

لم أبلغ أحد من الأهل سوى خطيبتي حينها (زوجتي حاليًا)، وكنت ذاهبا لحفل الزفاف من دون علم بأني سأعود لعملي أم لا.

ولكنني جاهدت وكافحت قبل الزواج بيوم مع الإدارة الجديدة، وأبلغت قبل ساعات من العرس أن القرار ألغي.

وموقف آخر في العمل حينما كان لدينا عدد من العقود لصالح الشركة، ثم تغير المورد لصالح آخرين لأسباب معينة لن أخوض فيها مما سبب لي خسارة شركاء ووكالات.

 

تطور العمل في المجموعة

البداية كانت صعبة جدًا، حيث لم أملك رأس مال، وبدأت بقرض شخصي، وأبيقيته كذلك حتى لا أثقل على الشركة. بدأت بعقود بسيطة، وكان عملي 7 أيام أسبوعيًا على مدار الساعة ولم ألجأ لأحد. بدأت في توريد بعض المعدات للمطار و”باس” ونظم الاتصال، ثم حصلت على عدد من الوكالات وعقود الاستشارات لشركات عالمية ودولية والآن يمتد شركاؤنا من روسيا والصين حتى أميركا مرورًا بأوروبا.

دعوة لتعاون رواد الأعمال

وفيما يتعلق بنظرته لقطاع الأعمال وسبل تطوير الأداء، يقول وفا “في الوقت الذي أصبح قطاع الأعمال واسع، لكنه ليس يسيرًا كما في السابق. مع ذلك هناك العديد من الفرص ونحتاج ابتكار أفكار متغيرة وجديدة ويا حبذا لو يتعاون رواد الأعمال معًا بدلا من المنافسة الدائمة خاصة في المجال نفسه مما يصعب عليهم الفوز بالعقد نفسه وغيره”.

 

إيطاليا وألمانيا

علاقتي بألمانيا بدأت عندما أجريت عملية إزالة اللوز حينها كنت في الرابعة من العمر، وأحب ألمانيا وأخوالي يعيشون فيها.

في العام 2010 طلب مني الأخ جميل الأنصاري الانضمام إلى جمعية الصداقة البحرينية الألمانية، وأصبحت نائبًا لرئيس مجلس الإدارة، ثم في الدورة التالية تنازل الأنصاري عن رئاسة مجلس الإدارة، وأصبحت رئيسًا في تلك الدورة، والتي تليها، وبعد العمل لمدة 6 سنوات بالجمعية قررت إتاحة المجال أمام الآخرين.

أما علاقتي بإيطاليا، فبدأت بارتباطي بزوجتي الإيطالية، وأسسنا معا بالإضافة لآخرين جمعية الصداقة البحرينية الإيطالية في العام  2007، كما يعمل عدد كبير من أفراد عائلتها في وزارة الخارجية الإيطالية.

وزوجتي هي الداعم الرئيس لي، وقدمت لي الدعم المعنوي والنفسي، وهي عمودي الفقري، ودونها لم أتمكن من النجاح في أول مرحلة وتخطي الصعاب. وحاليًا 30 إلى 40 % من الشركات التي أعمل معها إيطالية، وقد ساعدت في تنمية العلاقات الثقافية والتجارية بين البحرين وإيطاليا، ولذلك حصلت على وسام فارس “سير” من جانب رئيس الجمهورية الإيطالية في العام  2015، وأعتبر ثاني بحريني يحصل على هذا التكريم بعد الأخ أحمد جوهراي.

بسرعة مع الضيف

* ما الحكمة التي تعلمتها من والدك؟

البساطة وحب الناس، والبُعد عن التكبر.

* أسعد لحظات حياتك؟

ولادة ابني كريم.

* نصيحتك للشباب ورجال الأعمال؟

الصراحة، الصدق، البُعد عن الغيرة والحسد، والصبر.

* من الشخصية التي أثرت في حياتك؟

بجانب والدي ووالدتي ... عمي الأستاذ جميل وفا وأخوالي.

* كيف تفضل قضاء إجازتك؟

السفر والتعرف على الثقافات والحضارات المختلفة.

* ما الموقف الذي أثر في حياتك؟

وفاة والدي بين يدي وعدم استطاعتي إسعافه, وحين ذهبت لإحضار الطبيب وكان طريح الفراش حينها.

وفاته وأنا في سن 18 سنة، وهو 48 وكونه لم يشهد أي شيء من مراحل تطوري وتقدمي ونجاحي والأخص زواجي وحمل ابني كحفيد.

* أثر الوالد على شخصيتك؟

كبير جدًا. كان رحمه الله شخصا حنونا جدًا، ويحب الغير جدًا جدًا، ويساعده وإن كان لا يملك الوسيلة لاستدان ليسعد الغير. فقد والده (جدي) وعمره 3 أشهر، وأمه وهو 3 سنوات.

محب لعائلته المباشرة وعائلة الوالدة، وهذا شيء زرعته في الوالدة أطال الله عمرها، وبدوري أزرعه في ولدي الوحيد.

* أول راتب حصلت عليه؟

كعمل غير رسمي صيفي 30 دينارا كويتيا حينها أصررت وأنا في سن 13 سنة للتعلم في محل لأزياء السيدات لمدة 3 سنوات متتالية.

أما كوظيفة رسمية، فكانت 450 دينارا كويتيا.

* أول سيارة اقتنيتها؟

ميتسوبيشي كوبيه، وكانت هدية من والدي لدخولي الجامعة خلال الفصل الأول. وحصلت على رخصة السياقة في أكتوبر 1984، وتوفي والدي بعد 8 أشهر في أبريل 1985.

* ما هوايتك المفضلة؟

كانت السكواش قبل الإصابة، ثم الآن السفر وقضاء الوقت مع عائلتي وأصدقائي، إضافة إلى كتابة الشعر.

* الرياضة في حياتك؟

ضرورة للحفاظ على النشاط الجسماني والذهني.

* أكلتك المفضلة؟

البازلاء الشامية، وأكلتي الخليجية البرياني، لكنني أصبحت مؤخرًا أتبع نظامًا غذائيًا نباتيًا (vegans)؛ لانني أيضا ضد تعذيب الحيوانات، وهذا الأمر لم يؤثر عليَّ، بل أصبحت صحيًا.

* السفر في حياتك؟

ضرورة ومتعة وراحة.

* حكمتك المفضلة؟

أحسن لمن أساء إليك.

* فريقك الرياضي المفضل؟

برشلونة الإسباني وتشيلسي الإنجليزي.

* أقرب الناس إليك؟

والدتي وزوجتي وابني.

* مطربك المفضل؟

كاظم الساهر، وعبدالحليم حافظ، وعبدالكريم عبدالقادر.