زبدة القول

انسحاب الوفاق أمر متوقع دائماً

| د. بثينة خليفة قاسم

انسحاب الوفاق من الحوار أمر كان متوقعا منذ البداية، وكنا ننتظر لحظة انسحابهم، وكنا نفكر فقط في الذريعة التي سوف تتعلل بها هذه المرة لكي تنسحب، ولكن اللحظة تأخرت نسبيا، لأنها لم تجد الذريعة التي يمكن أن يقبلها العقل وتصلح للاستهلاك المحلي والاستهلاك الخارجي على حد سواء. وكان ولابد من اختراع هذه الذريعة طالما أن السير الطبيعي للأمور لم ينتج هذه الذريعة، فكانت الخطة الخبيثة التي تشعل مشاعر الشيعة في الداخل وفي الخارج وتثبت للخارج أن المقدسات قد أهينت وأن الدولة البحرينية لا تحترم مشاعر الشيعة ومقدساتهم ومرجعياتهم. تسلسل الأحداث واضح والمؤامرة واضحة للجميع، فلماذا استقبل عيسى قاسم الإرهابيين في بيته؟ هل ضاقت الأرض بمن رحبت عن مكان يهرب إليه هؤلاء الخارجين عن القانون سوى منزل عيسى قاسم؟ لماذا لم يختاروا مكانا آخر في قرية من القرى؟. لقد أمر هؤلاء أن يذهبوا إلى منزل الشيخ لكي يحدث ما حدث بالضبط وهو قيام الشرطة البحرينية بتطبيق القانون ومتابعة المجرم أينما حل، وبالتالي يدخلون منزل عيسى قاسم لتوقيفهم، فتقوم الدنيا ولا تقعد، وتتوفر الذريعة المحترمة لأهل “الوفاق” لكي ينسحبوا من الحوار الذي يعتبر شيئا غير مقنع بالنسبة لهم ولا ينتظر منه أن يحقق كل أحلامهم، وهي أحلام كما أسلفنا مرارا لا تتحقق بالحوار وبالتهدئة، لأنها أحلام لا تقوم على البناء ولكنها تقوم على الهدم وعلى تفكيك الوطن ثم صياغة وطن جديد يرفض العروبة والعرب ويرتبط بإيران وخططها في الهيمنة على المنطقة. الوفاق دخلت الحوار فقط كتكتيك مرحلي ولكي تبين للعالم أنها ليست ضد الحوار، خاصة أن الحوار هو المصطلح الأكثر تكرارا في المواقف والأدبيات الأميركية والغربية تجاه البحرين وما يجري فيها، وهي تريد ألا يتهمها الغرب بالخروج على القانون وممارسة الإرهاب. فكان ولابد أن تدخل في الحوار، لأن مسألة الدخول هذه لا تكلفها شيئا ولا تغير شيئا، فالعنف لم يتوقف والتحريض لم يتوقف والسيناريو يمضي كما هو والإضرار بالاقتصاد يمضي كما هو، ولحظة الانسحاب يمكن انتقاؤها في أية لحظة ومسألة توفير المبرر الأخلاقي ليست صعبة بأي حال. والانسحاب في حد ذاته، سواء كانت الذريعة كبيرة أم صغيرة، هو إحدى وسائل الابتزاز وتحقيق مكاسب أكثر من تلك التي تم التوصل إليها. ثم إن الانسحاب عقب التصريحات الإيرانية المليئة بالبجاحة أمر يهم إيران ويدعم هذه التصريحات ويخفف إلى حد ما من بجاحتها، على اعتبار أن هناك في الداخل من يرضى بهذه التصريحات ويؤيدها. لا أمل في أي وفاق مع أهل “الوفاق”، طالما أن حركاتهم وسكناتهم مرهونة بمباركة المرشد الأعلى الإيراني،وطالما أن ولاءهم لهذا الوطن غير موجود ولا يشغلهم أمنه ولا استقراره بقدر انشغالهم بتنفيذ مطالب سادتهم في إيران دائما، ولأن الحوار إن نجح واستقرت البحرين لا يصبح لإيران أي وجود أو تأثير.