زبدة القول

يا ليت نوابنا مثلهم

| د. بثينة خليفة قاسم

“يا ليت نوابنا يفعلون مثلهم”، عبارة تكررت من الكثير من المواطنين عندما سمعوا عن نبأ قيام مجلس الأمة الكويتي بسن تشريع يفرض على الحكومة شراء ديون المواطنين ثم إعادة جدولتها بعد حذف الفوائد من عليها. هذه العبارة تبين إلى أي مدى بلغ اليأس بالمواطن البحريني من نوابه الذين ينتخبهم ليمثلوه في البرلمان، وتبين إلى اي مدى نواب البحرين منفصلون عن جماهيرهم، ومن حق جماهير الشعب البحريني أن تطمح إلى أوضاع أفضل وأن تحيي نواب الكويت على مثل هذه الخطوة، فالمواطن يحب أن يكون نائبه منحازا إليه ومعبرا عن مصالحه دون اعتبار لأي حسابات أخرى لا تخصه. لاشك أن المبلغ الذي جاء في الأخبار والذي يمثل إجمالي ديون المواطنين الكويتيين هو مبلغ كبير نسبيا،21,6 مليار دولار، وهو مبلغ يساوي مرتين تقريبا حجم احتياطي النقد الأجنبي الموجود حاليا في البنك المركزي المصري، ولكن المطلوب هو ان تشتري الحكومة هذه الديون من المصارف وتسقط منها الفوائد المستحقة والبالغة اكثر من 5,2 مليارات دولار، على ان يعيد المواطنون سداد الديون للحكومة من دون فوائد بعد اعادة جدولتها على عشر سنوات، وليس المطلوب إسقاط هذه الديون بالكلية. وربما يكون القانون الذي سنه مجلس الأمة الكويتي غير واقعي أو ربما يكون ضارا بالاقتصاد الكويتي،وربما ترفضه الحكومة ويعجز مجلس الأمة عن إعادة فرضه عليها بأغلبية الثلثين حسبما ينص عليه الدستور الكويتي، وربما يحدث العكس ويستطيع فرضه بهذه الأغلبية وتنفذه الحكومة على مضض تنفيذا للدستور حتى وإن أضر بالاقتصاد، ولكن ليس هذا هو ما يشغلنا كمواطنين بحرينيين. فالذي يشغلنا هو انفصال النواب عن ناخبيهم وانشغالهم بقضايا بعيدة كل البعد عن طموحهم واحتياجاتهم الملحة. لا نقصد بالطبع أن يطالب نوابنا بما يطالب به نواب الكويت حرفيا في هذه القضية أو غيرها، فكل بلد له ظروفه، وما يصلح للكويت قد لا يصلح للبحرين، وقد تستطيع موارد الكويت وميزانياتها أن تتحمل عبء هذا الملبغ وفوائده، ولكن موارد البحرين لا تستطيع، ولكننا نطالب نوابنا أن يعملوا بنفس الروح والحماس الموجدين لدى أقرانهم الكويتيين. المواطن يريد الطعام والشراب والرعاية الصحية والتعليم والسكن، ولا يمكنه أن يعيش بالشعارات والصراخ السياسي وتصفية الحسابات بين الفريق أو النائب الذي يخصه وبين غيره من النواب والجمعيات، مهما كانت درجة التغليف والمزايدة التي يستخدمها هذا النائب أو ذاك. ومع التمنيات الطيبة لأشقائنا في الكويت وتمنياتنا أن يلتقي مجلس الأمة والحكومة عند نقطة في منتصف الطريق وأن يتفقا على صيغة وسط في هذه المسألة، صيغة لا تضر بالاقتصاد وتساعد في الوقت نفسه المتعثرين على السداد المريح لهذه الديون حتى لا يقعوا تحت طائلة القانون.