زبدة القول

الموالاة ليست تهمة

| د. بثينة خليفة قاسم

لا أدري متى بدأ استخدام لفظة الموالاة في مقابل لفظة المعارضة في مملكة البحرين، ولا أتذكر من ذلك الشخص الذي ابتكر هذا الوصف غير العلمي لأهل البحرين، لكني مقتنعة أن كلمة “الموالاة” هي من ابتكار الفئة التي تصف نفسها بالمعارضة، وأنه تم نحت هذه الكلمة عن سوء نية من أجل التقليل من شأن الذين يختلفون معهم في الرأي، والقول انهم منتفعون من أهل الحكم وأنهم يدافعون عنهم طمعا في منصب أو جاه أو مال. لطالما أطلق وصف المولاة على كتاب ونواب وموظفين حكوميين وغيرهم، فالعباءة واسعة ويمكن أن يدخل تحتها أي شخص يرفض فكر جمعية الوفاق وخططها ومطالبها، سواء كان هذا الشخص مدافعا عند موقف حكومي أم مجرد رافض لمساعي هذه الجمعية وأتباعها. ورغم أن مصطلح الموالاة يستخدم بسوء نية للنيل من فئة معينة، ورغم أن الكثير منا سلم به كوصف لهذه الفئة، إلا أنه من المضحك أن يتم وصف الحشود الهائلة التي تجمعت عن جامع الفاتح بأنهم المولاة، في مقابل المعارضة الموجودة في دوار اللؤلؤة. والشيء الذي يدعو للضيق أن الكثير من الكتاب بدأوا يجتهدون في إبعاد تهمة الموالاة عن هذه الآلاف من أبناء البحرين وعن تجمع الوحدة الوطنية، إلى درجة أنهم طالبوا المنضوين في هذا التجمع أن يصفوا أنفسهم بأنهم معارضة وأن يحددوا لأنفسهم مطالب على غرار أصحاب الدوار، وكأن المطالبة بالوحدة الوطنية والحفاظ على أمن البلاد ورفض الفتن أمور لا تكفي لكي يكون الإنسان مقبولا ومحايدا ووطنيا. إذا كان من حق المتجمهرين في دوار اللؤلؤة على أهل الحكم أن يستمعوا إليهم، فمن حق الذين تجمهروا عند الفاتح أيضا أن يستمع إليهم؟ أما ما يقال عن أن هؤلاء معارضة وهؤلاء موالاة فهو كلام غير مقبول لأنه كلام بلا معنى في هذا الوقت. وفوق كل هذا فالموالاة ليست تهمة لكي يقوم البعض بتوجيهها للذين ينادون بالوحدة والتهدئة، ومن العيب أن يجتهد البعض لكي يبعدها عن نفسه لكي يلقى التأييد من المحتجين. الموالاة لأهل الحكم الشرعيين في البحرين ليست تهمة، والموالون هم مكون من مكونات الشعب البحريني وليسوا مستأجرين أو لاجئين. الموالاة موقف، ولا يجب أن يخجل المرء من موقفه. الموالاة تكون تهمة في الدول التي يحكمها فاسدون يرعون الفساد ويزورون الانتخابات ويمنعون المعارضة من العمل السياسي، ولكن حكام البحرين ليسوا كذلك، والولاء لهم هو ولاء للشرعية وولاء للوطن. الإصلاح السياسي أعلن وانطلق من قلب الديوان الملكي عندما كان غيرنا غارقا في التنكر لمطالب الشعوب،ومقاومة الفساد المالي والإداري انطلقت من قلب الديوان الملكي وليس من أي مكان آخر، لذلك نحن نفخر بحكامنا ولا نرى أن الموالاة تهمة يجب أن نتبرأ منها.