زبدة القول

اتقوا الله في البحرين

| د. بثينة خليفة قاسم

الوطنية لا تعني أن تثور لصالح طائفة، والديمقراطية لا تعني أن يقوم ألف أو ألفان من أبناء الوطن بفرض مطالب معينة على أغلبية الناس. وليس من حق الشيخ علي سلمان أن يتحدث باسم شعب بأكمله ويهدد باستمرار الاحتجاج والتخريب؛ لأنه لم يشق عن قلوب كل البحرينيين ويعرف أنهم يتفقون معه ومع المخربين في مطالبهم. المصريون غضبوا من أجل المصريين، والتونسيون غضبوا من أجل التونسيين ورفعوا مطالب وطنية محضة، ولم تكن ثورتهم من أجل طائفة بعينها، ولم تكن استعراضا للعضلات من فئة من أبناء الشعب على باقي الفئات، ولم ترفع أعلاما غير وطنية، ولم ترفع شعارات سلمية وتقوم بوضع مسدسات وسيوف في الخيام، ويقوموا بضرب رجال الأمن بها. البحرينيون جميعا شركاء في الوطن، شيعة وسنة طالما تعايشوا مع بعضهم البعض، رغم الدعوات المارقة، ورغم المحاولات الخارجية الخبيثة الساعية لتفجير البحرين من داخلها؛ تحقيقا لمآربهم الخاصة، وبالتالي لا يصح أن تقوم طائفة بعينها بفرض مطالب تخصها عن طريق العنف وضرب الاستقرار. ما تمارسه جمعية الوفاق الشيعية المعارضة هو نوع من الاستقواء على الوطن والوطنية على حد سواء؛ لأن لها شركاء في الوطن يجب أن تحترم رأيهم. لا مانع أن تغضب الوفاق وأتباعها من أجل المطالبة بتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وتعيين الخريجين، والبحرنة، وغيرها من القضايا التي تخص كل البحرينيين، وتؤثر على حياتهم، ولا يختلفون عليها بشكل كبير، ولكن المطالب التي تحاول الوفاق فرضها بالقوة وبالاعتداء على رجال الأمن بالسيوف هي مطالب غير شرعية؛ لأنها مطالب طائفية لا يرتضيها بقية أبناء البحرين، والدليل على ذلك خروج مسيرات تأييد حاشدة ترفض المطالب الطائفية وتؤيد جلالة الملك. وبناء عليه، فإن المكان الصحيح لعرض مطالب على هذا المستوى الذي تريده الوفاق وأتباعها هو البرلمان البحريني المنتخب الذي ارتضته الوفاق وشاركت فيه مرتين. أما التظاهر السلمي، فلا أحد يرفضه طالما التزم بقوانين البلاد، والتزم بالزمان والمكان المخصص للتظاهر، والتزم بعدم العنف والحرق وبعدم استخدام السيوف والمسدسات. ولكن ما قامت به الوفاق بعيدا عن السياسة، وبعيدا عن الوطنية، ومحاولة لتدمير العملية السياسية في البحرين، ودفع البلاد نحو الفوضى. إذا كان المتظاهرون ألفا أو ألفين أو حتى ثلاثة أو خمسة، فإن هذا لا يبرر مطلقا للجمعية أن تعتبرهم ممثلين للشعب البحريني. أي ديمقراطية هذه التي تقوم على تغييب الأغلبية والاستناد إلى احتجاجات الأقلية في المطالبة بأشياء غير دستورية؟ وكنا ننتظر من الشيخ عيسى قاسم أن يهدئ الخواطر، وأن يساعد على وأد الفتنة النائمة – لعن الله من أيقظها – لا أن يقوم  في صلاة الجمعة بصب الزيت على النار، وتحريض فئة على فئة، وتحريض فئة على الوطن والنظام. الوطن أمانة والكلمة أمانة، وواجب الشيوخ أن يعملوا على حقن دماء المسلمين لا أن يقدموا وصفات أكيدة للفتنة والخروج على الحاكم الشرعي للبلاد.