وزارة "البلديات"... والحاجة إلى التغيير

| حسين العويناتي

نستذكر الانتقادات الصاخبة التي طالت وزارة الإسكان لفترة من الزمن وتململ المواطنين من سوء الخدمة وبطء المشاريع وتراكم الطلبات إلى أن تسلم وزير الإسكان باسم الحمر حقيبة الوزارة، حينها خمدت الألسن، وهدأت الأنفس، وشوهد الإنجاز سريعا لما يتمتع به الوزير من قدرة على التحدي بعزم لا يلين، وهذه وزارة شؤون الإعلام بطلّتها الجديدة تسير على النهج ذاته، وهذا ما يسعد ويسر رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، وولي العهد النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ويفرح أي مواطن محب لوطنه يرى تقدما في الخدمات التي تمسه مباشرة، فالأمر لا يتعلق بزيادة ميزانية الوزارة لتحقيق إنجاز أو تطور، إنما بكفاءة وإدارة وعزم وتطلعات وهمم القائمين عليها.

إننا ننتظر من وزارة البلديات مع مالها من تاريخ عتيد ممتد على هذه المملكة المجيدة، وأقدمية لها على مستوى منطقة الخليج السعي للتطور ذاته، إذ يترقب المواطنون تنفيذ خطة طموحة وإنجازات على أرض الواقع بعيدا عن الإحصاءات والأرقام، وينشدون تغييرا ملموسا؛ استلهاما من توجيهات حكومة جلالة الملك برئاسة صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء، ودعم سمو ولي العهد الأمين. وتفنيدا لما يعتقده الكثيرون بأن الوزارة عصية على التقدم جامحة على المواكبة كأنما فقدت بريقها وتألقها مذ ترجل عن قيادتها نائب رئيس مجلس الوزراء الشيخ خالد بن عبدالله آل خليفة، وكلمة إنصاف تسبق النقد أن كوادر في الوزارة تتمتع بالكفاءة والقدرة وهم قلة، وإدارات لمسنا فيها روح المثابرة والعطاء والتطور كإدارة تخطيط المدن والقرى في الإدارة العامة للتخطيط الطبيعي والعمراني بقيادة الشيخ نايف بن خالد آل خليفة.

إن الجميع من مواطنين ومستثمرين وحتى موظفي الوزارة ذاتها، يتطلعون بشغف إلى تطوير أدائها، فهي تعج ببطالة مقنعة لموظفين متململين ينتظرون سنين التقاعد المبكر ويعدونها يوما بيوم كل صباح. هناك ضعف وبطء في الأداء الخدمي، وهو واضح لجميع المواطنين وتشتت وتداخل في المهام والوظائف مع ضعف للمراقبة والمحاسبة، شجعهم على التراخي نوم عيون الرقيب وانعدام الحافز والتقدير -بلاشك- إنه حمل ثقيل على كاهل كل وزير. ساعد الله الوزير الحالي عصام خلف، هي قرارات جريئة تحتاجها الوزارة، ومن وجهت نظري كمتجول بمشاريع على معظم الإدارات ألحظ الفروقات وما يعانيه المراجعون وهم السواد الأعظم، من المزاجية في اتخاذ القرار من مهندسي الخدمات الفنية ولا مبالاة من المديرين المباشرين، إنها خصومة وعداء وانعدام للثقة بين المراجع والوزارة. للأسف هذا هو الواقع ولو كان مريرا.

من أهم القرارات التي تسترعي النهوض بالوزارة، هو تطعيمها بمهندسين بحرينيين أكفاء من خريجين وخريجات متفوقين في تحصيلهم الدراسي، وهم كثر ليتم توظيفهم بمزايا أعلى وتدريبهم على يد مروجي وخبراء الاقتصاد وصياغتهم فكرا وسلوكا لوطن عنوان سياسته جذب رؤوس الأموال، وينشد الاستثمار ويروج للسياحة ويعتمد على الرسوم المحصلة للخدمات ويعتبرها رافدا مهما للدخل الوطني.

ويا حبذا لو يتم فتح قناة اتصال مباشرة بين إدارات الخدمات الفنية للبلديات بعد تطويرها وتطعيمها بالكفاءات، ومع جهة اقتصادية مسؤولة عن رسم سياسات المملكة الاقتصادية؛ للمراقبة والتحقق من إنجاز المعاملات، والتأكد من عدم تكدس طلبات المراجعين وفق الخطة الاقتصادية المرسومة التي أقرتها القيادة السياسية تنشيطا للاقتصاد، ودعما للاستثمار، وتضييقا على المزاجية، وتقليصا لسلطة المهندسين برفض المشاريع وعرقلة طلبات المراجعين، وهنا لا أخص المستثمرين بمعزل عن عموم المراجعين من المواطنين، إذ إن الجميع يساهم في حركة التنمية والعمران والانتعاش وضخ الأموال في حال سهلت الإجراءات، ودفعت الرسوم وأصدرت التراخيص.

إن مهندسا كفؤا وبعقلية تقدمية وعزم بناء متقد هو دعامة الاستثمار الحقيقي للحكومة ولاقتصاد وطني متماسك وخير مروج ومنفذ لخططها، هو أجدى نفعا وأكثر ضررا أحيانا في حال كان أداؤه سلبيا، فاعليته هنا تعادل البحث عن مستثمرين من خارج الوطن، ومن التركيز على شركات لاستعطافهم والإنفاق ببذخ على الدعاية للنيل بهم، ولدينا شواهد كثيرة على استياء ويأس مستثمرين وتغير قناعتاهم بعد نفاد صبرهم جراء التواصل مع مهندسي الخدمات الفنية للبلديات، والعودة من حيث أتوا منزعجين من طريقة التعامل وسوء الأداء، وإن الصورة في الواقع ليست كما يروج لها كما قالوا.

كل ذلك ونحن في خضم منافسة إقليمية متقدمة ومبتكرة تستقطب المستثمرين لضخ أموالهم في أسواق منتعشة أصلا وتكبرنا حجما وتنعم بالسيولة النقدية، تقدم لهم تسهيلات مرنة لامتناهية من حكومات المنطقة وأجهزتها، دعما لاقتصاداتها العملاقة. أعتقد - ويشاطرني كثيرون - أنه قبل البدء للترويج والتسويق للاستثمار في سوقنا المحلية والرغبة في خلق مناخ اقتصادي تنافسي وبيئة جاذبة لرأس المال تكمن الحاجة الملحة! لولادة وزارة بلديات بحلة جديدة ذات هيكلة إدارية متماسكة ومتناغمة مع متطلبات وتحديات المرحلة، بكوادر مؤهلة وطموحة تتبنى رؤية معاصرة، مؤمنة أشد الإيمان بمصير هذا الوطن العزيز ومستقبله واعية لأهمية الاستثمار لجذب رؤس الأموال في الداخل والخارج.