ومضات

هل نحن مقاومون؟ (2)

| أحمد سند البنعلي

استكمالا للحديث الأخير حول المقاومة يمكن القول إن مفهوم المقاومة انتفى عن الجهاز الرسمي العربي، ونعني بذلك مقاومة العدو الصهيوني، كون النظام العربي لديه القدرة على مقاومة تطلعات الشعب العربي حتى الآن، المهم أن مقاومة عدو الأمة لم يعد لها وجود رسمي، لا سياسيا ولا إعلاميا، وحلت بدلا منها مفاهيم أخرى مثل “إسرائيل” والأراضي المحتلة بعد 1967 والاحتلال الإسرائيلي، ومبادرات السلام أو الأرض مقابل السلام والتطبيع، وما إلى ذلك من كلمات ومفاهيم تناقض الحقيقة وما فهمناه منذ صغرنا عن ضرورة مقاومة إرادة العدو الصهيوني وضرورة تحرير كامل التراب العربي في فلسطين وغيرها، بالتالي ليس من الصحيح التعويل على النظام الرسمي العربي في رفع روح الإنسان العربي وجعله إنسانا مقاوما بحق. هذا يدفع الإنسان العربي للاعتماد على الذات أكثر في تنمية مفهوم مقاومة العدو، ليس من أجل المقاومة بحد ذاتها، لأن الحق يأتي معها، فلا يوجد ما يمكن مقاومته لو كانت الحقوق متوفرة لدى الإنسان إلا مقاومة الذات التي لا حدود لأطماعها، وهنا لن نتحدث عن الهجمة الثقافية غير المسبوقة على العقل العربي لنزع كل ما هو جميل وصحيح منه فذلك له موقع آخر، ولكننا نتحدث عن معوقات تنمية فكر المقاومة عند الإنسان العربي. للعقل العربي محفزات كثيرة تجعله يدفع الإنسان العربي للمقاومة، فتاريخه وتراثه مليء بكل أنواع المقاومة، ودينه يضع الحق والحرية وهما مكونان رئيسيان لفكر المقاومة، يضعهما فوق كل اعتبار وفي مرتبة عليا في النفس العربية، وفوق كل ذلك فإن وضعه الحالي وارتباط هذا الوضع بالعنصرين السابقين يجبر الإنسان العربي على أن يكون إنسانا مقاوما وليس متقبلا أو (منبطحا)، لذلك ومع الهجمة الثقافية الغربية على الوطن والإنسان العربيين فإن ذلك يستدعي وجود تربية مقاومة وليس موقفا فقط، فالجانب التربوي الذي يتأثر أكثر من غيره بتلك الهجمة بحاجة هو الآخر لنوع من المقاومة يتم زرعها في النفس العربية البكر التي تتقبل ما يعطى لها بسهولة، كون ما نتعرض له حاليا يهدف إلى خلق جيل مستسلم. لذلك من المهم وجود تربية مقاومة تنشئ جيلا مقاوما يعرف حقوقه الطبيعية ويعرف طريق الحصول عليها، فالمقاومة والحق لا ينفصلان، بالحصول على الحق تخف المقاومة، التربية في وقتنا الحالي من أهم مقومات المقاومة لاستعادة الحقوق... والله أعلم.