الرؤية الصحيحة في الوقت الصحيح

| منصور حسن بن رجب

ليس ثمة أمير أو زعيم عربي يرتبط اسمه بالفورمولا كما يرتبط بها اسم ولي العهد صاحب السمو الملكي الامير سلمان بن حمد آل خليفة! فالتاريخ العالمي لهذه الرياضة، سيفرد لسموه صفحات ناصعة في كتابه، وسوف يشير إليه على انه الرجل الذي جعل للفورمولا هوية عربية.. والرجل الذي تجاوزت طموحاته الشابة حدود بلاده، بل حدود إقليمه ومنطقته، عندما امتدت رؤيته المبكرة الى إحضار الفورمولا الى البحرين والخليج العربي؛ بل الى العالم العربي والشرق.. نقول ذلك، ونحن نحتفي بالفورمولا العالمية بنكهتها البحرينية، ونقول ذلك ونحن نرصد بكثير من الاعتزاز، البصمة البحرينية الواضحة جدا على عالم الفورمولا، وندرك ان ذلك لم يأت من فراغ، وانه كان نتاج جهود وطنية كبيرة وانجازات متراكمة.. مثلت جهود صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد الأمين، النموذج الحقيقي لها، وكانت منذ البدايات المبكرة في قلب تلك الانجازات والجهود الكبرى، التي قادت الى هذه النتيجة الباعثة على الفخر والاعتزاز.. واذا ما عدنا بالذاكرة الى تلك الفترة التي شهدت ظهور الرؤى الاولى لصاحب السمو حول الفورمولا، فسوف نجد نقاشاً حافلاً، وسجالاً امتد الى الصحف والمجالس ومؤسسات المجتمع المدني وقادة الرأي والاقتصاديين حول جدوى المشروع وماذا سيضيف للبحرين..؟! وحين كانت غالبية تلك النقاشات تركز حول النفقات والارباح.. كانت رؤية سموه تأخذ في اعتباراتها هذه الحسابات المالية المحضة، ولكنها كانت ترى ما هو ابعد من ذلك بكثير.. كانت ترى القيمة الدولية، وكانت ترى الخارطة العالمية لهذه الرياضة وخلوها من اي اسم عربي.. وكانت ترى الموقع الاقليمي للبحرين على هذه الخارطة.. وكانت ترى كل ما يتصل بهذه الرياضة من قيم عالمية وإنسانية وسياسية مضافة..! وحين امتدت يد الازمة لتنهش في جسد البحرين في العام 2011، اكتشفنا فجأة، ومعنا غالبية الذين عارضوا مشروع الفورمولا ووقفوا في مواجهته، اكتشفنا الاهمية الانسانية الدولية الكبرى لهذه الرياضة، وقدرتها على ان تكون رهانا بحرينيا وطنيا، يستجلب للوطن وأهله احترام العالم وتقديره واعترافه وتكريمه..! وكان ذلك حين حاولت كل قوى الشر الضغط على الفورمولا لتقف ضد البحرين، او لتقول ولو كلمة واحدة ضدها.. فباءت كل تلك الجهود بالفشل..! لقد كانت الفورمولا رهاناً وطنياً عظيماً تصدى صاحب السمو الأمير سلمان بن حمد آل خليفة لتنفيذه وتكريسه علامة بحرينية فائقة الجودة.. وكانت هدفاً مستقبلياً عالمياً على الاجندة الوطنية لسمو الأمير سلمان.. وكانت مشروعاً اقتصادياً وتنموياً تمتد مفاعيله الى اعادة رسم وصياغة صورة البحرين الدولية وهويتها العالمية.. وكانت مشروعاً حضارياً يضع بصمة البحرين وثقافتها وتراثها وسمعتها على خارطة التقدير والاحترام العالميين.. وكانت الفورمولا علامة بحرينية منذ ان اصبحت بندا على جدول اعمال أمير رؤيوي يفكر بسرعة الضوء ويعمل لوطن يشع بالنور والضوء والانجازات العظيمة..! ومن مذكراتي كوزير ومشارك سابق في جلسات مجلس التنمية التي يقودها صاحب السمو الامير سلمان بن حمد آل خليفة، فاستطيع أن أدلي بشهادة حول جانب مهم من رؤية صاحب السمو وأسلوبه العملي الذي يستند دائماً الى فعل الأشياء الصحيحة بصورة صحيحة في الوقت الصحيح.. وها نحن اليوم نشاهد ونشهد كيف كانت الفورمولا فكرة حان اوانها، ومشروعاً جاء في الوقت الصحيح، وبالطريقة الصحيحة لتكون له نتائجه الصحيحة وقراءاته الصحيحة وثماره الصحيحة في وقتها الصحيح.. وحين أطلق سموه رؤية البحرين 2030 ، فكلنا نتذكر كيف اكد سموه على الالتزام بهذه الرؤية كبنك اهداف وطنية واقتصادية لا بد من تحقيقها، كل هدف في وقته الصحيح وبالطريقة الصحيحة، وفي الحال الافضل..! وحين دعا سموه الى ضرورة البدء بالعمل على اقتصاد ما بعد النفط، كانت طروحات سموه مبكرة جدا على سواها.. وحتى اكبر رجالات الاقتصاد في البلاد، لم يكونوا يقرأون تلك الافكار على النحو الذي كان سموه يراها ويقرأها ويدركها.. وجاء الوقت الذي شعرنا فيه بقيمة تلك الافكار، ومدى استشرافها، وما كان يمكن ان تضيفه الى اقتصادنا الوطني، لو وجدت من يتبناها في وقتها الصحيح وبالصورة الصحيحة..!   وقفة رؤيوية أخرى وقفها سموه، وبدت حينذاك مبكرة نوعاً ما، ولكننا فيما بعد اكتشفنا كم كانت في وقتها الصحيح تماما، ألا وهي وقفته لاصلاح التعليم ، ومبادرته من اجل تنفيذ هذه الرؤية المبكرة نوعاً ما بتأكيده على أن مشاريع وبرامج اصلاح التعليم تحتاج الى وضوح رؤية وتحديد اهداف وآليات نستطيع بها ان ننتقل بالتعليم الى مستويات قادرة فعليا على اعداد اجيال مؤهلة معرفياً وتقنياً وفكرياً، وقادرة على اكتشاف قدراتها وكفاءاتها ومواهبها وتسخيرها بروح خلاقة مبدعة لتكون مشاركا اساسياً في مسيرة التنمية..! اليوم.. من حق صاحب السمو الامير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد ، علينا أن نسجل له في وجداننا الوطني وفي عقولنا وقلوبنا وقناعاتنا أن إصرار سموه وتصميمه على التبشير بافكاره ومشاريعه وبرامجه الرؤيوية، ثم العمل على تنفيذها، شكل جانباً مهما واساسياً من حاضرنا الذي نعيشه اليوم باقتدار وكفاءة تمكننا من أن نعيشه بجدارة ونحقق من مكتسباته ما ينفعنا وينفع الوطن واهله وحاضره ومستقبله.. ليكون على الصورة التي ارادها له مليكه المفدى وقائد مسيرته: جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله ورعاه..