لا شك أن التطورات الحديثة أدت إلى متغيرات كثيرة وغريبة في نمط حياتنا بحيث ظهرت تصرفات وممارسات لم تكن موجودة في السابق، فاليوم نتطرق إلى ما يمكن أن نسميه ونطلق عليه (الطلاق العاطفي) كمصطلح جديد بدأ يظهر على السطح وهو يعني حالة الانفصال بين الزوجين لكن بطريقة مختلفة تماما بحيث يعيش الطرفان في بيت واحد لكن لا تربط بينهما علاقة الزواج الحقيقية المتمثلة في المودة والسكينة والاستقرار العاطفي والنفسي والمعنوي، ككل علاقة زواج التي شرعها الله سبحانه وتعالى " وجعل بينكم مودة ورحمة".
الطلاق العاطفي يعني العلاقة بين الزوجين مجرد واجب اجتماعي أو أسري، وربما يتساءل القارئ الكريم عن ما هي الأسباب التي تؤدي لحالة الطلاق العاطفي، السبب الحقيقي الذي لا نعترف به في الغالب هو التراكمات الطويلة من المشاكل والاختلافات في وجهات النظر التي تتطور يوم بعد آخر، فتتحول إلى حائط كبير بين الزوجين فتنعدم الرؤية تماما بسبب تجاهل الحلول والتفاهم بين الطرفين، كل واحد منهم يريد الطرف الآخر أو يعتذر أو يقدم فروض الطاعة والولاء لهذه العلاقة.
وهناك أسباب يمكن علاجها لكن التعنت بين الطرفين يحول دون ذلك مثل عدم القدرة على التعبير عن المشاعر والأفكار بين الزوجين يمكن أن يؤدي إلى انفصال عاطفي، أيضا الخيانة الزوجية يمكن أن تسبب جرحًا عميقًا يصعب شفائه، وهناك الضغوطات النفسية والاجتماعية والاقتصادية يمكن أن تؤثر على العلاقة الزوجية، ثم يأتي الروتين اليومي وعدم وجود تجديد في العلاقة، هذه كلها أسباب مجتمعة تؤدي إلى فقدان الحماس والاهتمام بين الزوجين، وبالتالي الوصول إلى مرحلة (الطلاق العاطفي).
بكل تأكيد أن الأضرار حيال الطلاق العاطفي كبيرة ومؤثرة جدا، للطرفين فهي تؤدي إلى الشعور بالوحدة والاكتئاب والقلق لدى الزوجين، تؤثر بشكل أو آخر على العلاقات الاجتماعية للأفراد ويؤدي إلى انعزالهم، والأخطر من ذلك هو التأثير على الأطفال يسبب لهم مشاكل نفسية خطيرة بسبب شعورهم بالضياع وفقدان الأمن النفسي الناتج عن العلاقة غير الطبيعية بين الوالدين، وهناك مشاكل صحية مثل اضطرابات النوم وارتفاع ضغط الدم.
إذا استمر الزوجين في حالة الطلاق العاطفي ستكون النتيجة في نهاية الأمر خطرة جدا على الجميع لأن التراكمات من شأنها أن تنقل المشاعر إلى حالة عدائية بين الطرفين، ويصعب معها معالجة الموضوع، أعتقد إذا كان أحدهم عاقلا وبفكر بموضوعية يمكن لهم أن يخرجوا من هذه الدائرة المفرغة، وتستمر حياتهم الزوجية، ومن هنا فإن المطلوب من الزوجين العمل على حل كل الإشكالات الصغيرة أولا بأول حتى لا تتراكم، وذلك من خلال التواصل الفعال والتجديد في العلاقة وهذا يتطلب تغير النمط السائد مثل زيادة الطلعات معا للتنزه أو التسوق أو حضور فعاليات ترفيهية وغنائية ومشاركة الاصدقاء مناسباتهم والاستشارة الأسرية من خلال مقابلة المختصين بين فترة وأخرى أمر مهم فالحفاظ على المودة بينهما يجنب الوقوع في هذا النوع من الطلاق العاطفي من أجل علاقة زوجية صحية وسعيدة.
هذا الموضوع من مدونات القراء |
---|
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected] |