العدد 6057
الخميس 15 مايو 2025
جبر الخواطر: عبادة خفية تُعظّمها السماء
الخميس 24 أبريل 2025

في زحام الحياة اليومية، حيث تتزاحم الهموم وتثقل الأرواح، يظل هناك عمل بسيط في ظاهره، عظيم في أجره، يكاد يكون من أعظم العبادات عند الله تعالى، ألا وهو جبر الخواطر. تلك الكلمة التي قد تمرّ بنا مرور الكرام، لكنها عند الله جليلة، بل قد تكون مفتاحًا للرحمة والقبول.

جبر الخاطر لا يعني فقط المال أو العطاء المادي، بل يشمل كل ما يدخل السرور على قلب إنسان: كلمة طيبة، ابتسامة، دعاء، أو حتى نظرة رحيمة. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحب الأعمال إلى الله أن تدخل السرور على قلب مسلم".

من أسمائه سبحانه "الجبار"؛ ليس فقط لأنه يجبر الضعفاء ويقهر الجبابرة، بل لأنه يجبر القلوب المكسورة، ويرفع الأرواح المهدودة. وكلما مددت يدك لتجبر قلبًا منكسرًا، فأنت تسير في طريق القرب من الجبار سبحانه.

عندما ترى محتاجًا يطرق نافذتك عند الإشارة، لا تنظر إليه كعابر طريق مزعج، بل تأمل في الحكمة الإلهية؛ قد يكون هذا الإنسان سببًا أرسله الله لك لتنال أجرًا لم تكن لتصل إليه لولاه.

الخواطر ليست كالعظام؛ فالعظم يُجبر، أما الخاطر إذا انكسر، فقد يبقى ألمه في النفس مدى الحياة. كلماتنا قد تشفي، لكنها أيضًا قد تجرح؛ فكم من كلمة قاسية جرحت نفسًا بلا سبب، وكم من اتهام ظالم حطم إنسانًا أمام أعين الناس. أليس الأولى أن نزن أقوالنا ونرفق بإخواننا؟

وقد قال الإمام سفيان الثوري رحمه الله: "ما رأيت عبادة يتقرب بها العبد إلى ربه مثل جبر خاطر أخيه المسلم".

فإن أردت أن تعيش مجبور الخاطر، فلا تكسر خواطر الآخرين. فإنما الإحسان يُقابَل بالإحسان، وقد قال الله تعالى: "هل جزاء الإحسان إلا الإحسان".

اللهم ارزقنا قلوبًا تلين لعبادك، وألسنة لا تنطق إلا بالخير، وأيدٍ تجبر، لا تكسر.

هذا الموضوع من مدونات القراء
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected]
صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .