ما هو شعورك حين تدرك أن الناس قد فرضوا عليك حياتك وقدرك منذ اللحظة التي فتحت فيها عينيك على هذه الدنيا؟
أن تشعر بأنك دخلت إلى الحياة وأنت مهزوم منذ البداية، أن يُحاط بك الحُكم والتصنيف من دون رحمة، فتُسحب إلى تصنيفات ومسمّيات أطلقوها عليك، وكأنك لست كائنًا بشريًا مثلهم. في خضم هذا الظلم، ينسون أنك أيضًا من روح الله، مثلهم تمامًا، وأننا جميعًا سواسية أمامه.
لكن، ما فقدناه، هو شيء سبقنا إلى الجنة، فقد أخذها الله منا لحكمةٍ عظيمة. فالله لا يُعطي أصعب معاركه إلا لأقوى جنوده، ونحن، يا أصدقائي، نحن جنوده الأقوياء. نحن عباد الله الأقوياء في وجه الظلم، والمقدر لهم أن يكونوا أصحاب إرادة لا تلين.
لكن، مع الأسف، معشر البشر هم قسوة لا توصف. يحبون إيذاء كل ما حولهم، يسلبون الحق حتى في أن نكون من نحن. يلقون علينا تسمياتٍ، ويجعلون من اختلافنا جرمًا، كما لو أن هناك "شخصًا معاقًا" بينما الحقيقة أن هناك مجتمعًا "مُعيقًا" - مجتمع لا يعرف كيف يتقبل اختلافات الآخرين.
كلنا في عيون الله كاملون، وكاملين بمواصفات لا يمكن للبشر أن يقيموها أو يقدروا جمالها. نحن كل واحد منا منفرد ومتميز، ويجب علينا أن نتقبل اختلافنا ونجعل من هذا التنوع قوتنا، بدلًا من أن نحارب كل ما هو جميل ومختلف. فالجمال في الاختلاف هو ما يميزنا ويجعلنا فريدين.
لقد وضعونا في تصنيفٍ ضيق، تحت مجتمع خاص بمن فقدوا حواسهم، كما لو أن هذا هو كل ما نحن عليه. كان الأمر وكأنهم يعاقبوننا على شيء لم نختاره، وعلى شيء ليس بيدنا. أن يولد الإنسان فاقدًا لبعض النعم ليس عقابًا، بل اختبارًا، وفي داخل هذا الاختبار يكمن أعظم الجمال والقوة.
لا يوجد شخص يختار أن يولد فاقدًا لنعمة من النعم، فنحن جميعًا نريد أن نعيش حياتنا بسلام وبهدوء. نريد أن نعيش دون أن نضطر دائمًا لإثبات أنفسنا للعالم، لنثبت له أننا قادرون على ما يعتقد أنه مستحيل. أحلامنا أصبحت معركة، فقط لأننا نطالب بحقنا في الحياة، الذي هو أسمى وأبسط حقوق الإنسان.
والأكثر وجعًا، هو أننا عندما نحقق إنجازات عظيمة، حين نثبت للعالم أننا أكثر من قادرين، نُصفق لنا فقط على المسرح، لكن خلف الكواليس تظل تلك النظرات المشوهة، وتبقى تلك المشاعر السامة التي تقول لنا أننا "دون البشر".
قفوا أمام الله، أخبروا الله بأنكم معترضون على حكمته، أخبروه بأنكم رأيتم القبح في خلقه، وأنه كان يجب ألا نولد على هذه الأرض. لكننا سنخبر الله، ونحن على يقين، بأننا سعيدون وفخورون بهويتنا التي زرعها فينا، هو الذي جعل روح الإصرار في داخلنا تنمو وتكبر. سنخبره بأننا لم نكن يومًا معترضين على حكمته، بل نحن راضون ومتصالحون مع قدرنا.
سنطلب من الله أن يسامح كل من نبذنا، لأن الإنسان لا يستطيع فهم ما هو مختلف عن نفسه. البشر يرفضون التغيير، ولا يعترفون بالقوة التي تكمن في الاختلاف.
ربما، يا الله، سيأتي يوم سيعقل فيه البشر. ربما، يا الله، سيأتي اليوم الذي يرون فيه الحقيقة، حينما يجتمع الجميع تحت سقف واحد، رافعين شعار "اختلافنا يجمّعنا، واختلافنا يجعلنا أقوى".
هذا الموضوع من مدونات القراء |
---|
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected] |