العدد 5961
السبت 08 فبراير 2025
مايكبت لايزول إنما يعود ليزلزل مرة أخرى
الأربعاء 05 فبراير 2025

حضرت ورشة علمية ثرية بمحتواها أثناء المؤتمر الثاني للطب النفسي فأثارت عندي تساؤلات عديدة فبحثت وقرأت ولم اتشبع بعد ، فتوجهت لاستاذي الدكتورمحمد المطوع وطرحت عليه عدة أسئلة وكانت في موضوع الأمراض النفسجسمية ( السيكوسوماتية ) ، ومن خلال اشاداته وتوجيهه اتضح أن هناك تشريح نفسي، كيف ! هل يعقل ذلك ؟ هل لذلك علاقة وطيدة ببعض الأمراض ؟
فهو يعلمنا كيف يخزن الجسد المشاعر السلبية والمكبوتة وكيف يؤثر الكبت على الصحة العامة للجسد ، بدءاً من تأثير التوتر الذي لم نتعامل معه مروراً بالصدمات التي لها الدور الأكبر على الجهاز العصبي ولاسيما صدمات الطفولة المكبوتة في اللاشعور ، فالتعمق في كيفية ظهور هذه الحالة المعقدة من ارتباط الصحة النفسية بالجسدية ، كل عضو له علاقة وطيدة بمشاعر عاطفية معينة أو صدمة أو كبت ، فمثالاً لا حصراً علاقة الاكتئاب والقلق بالقولون ، وأيضاً علاقة نبضات القلب بالشعور بالراحة والأمان والتعاون المشترك والمرح فعندما نعود إلى حقبة زمنية ماضية نرى أن في عيادات التحليل النفسي يقاس الضغط للمريض قبل دخوله على الأخصائي النفسي والبعض منهم يضع أجهزة أُخرى كجهاز تخطيط القلب ومازال هذا الأمر موجود لكن لدى فطاحلة التحليل النفسي ومن ينحو منحاهم في هذا المجال غير المألوف والمثري والذين يشار لهم بالبنان ، قد يكون هذا محل جدل تلاحمي وهو أن الأمراض النفسية والأمراض العقلية أو كليها قد يكونان سبباً أو نتيجة للآخر ثم إن الأمراض النفسجسمية ليست إلا رد فعل أو دفاع , كيف دفاع ؟ أي لما يقع او يحصل في نفوسنا من صراعات أو ما يضغط علينا من إحباطات.
إلى الآن قد يرى البعض أن الأمر ليس به ارتباط وأنه كلام خيالي ، دع لي القيادة وتمتع بالقراءة عزيزي القارئ ، أما بعد هناك ثوابت رئيسية . ماهي ؟ لايوجد سبب واحد فقط لمرض واحد ! كيف ؟ ببساطة هناك عدة أسباب لنفس المرض الواحد ، ماهي ؟ نذكر بعضاً منها : السبب الفيزيولوجي – الهرموني – الوراثي – البيئي الاجتماعي – العضوي و العصبي ....إلخ. 
إذاً دعنا نقول لا يوجد جانب واحد مختل في الحالة الواحدة إنما هناك عدة جوانب متعددة في الخلل.
 مثالاً واقعياً : اضطرابات الإحساس كالهلاوس وخداع الإحساس وتحوله إلى اضطراب في الشعور البدني وأيضا لا ننسى اضطرابات العاطفة والإنفعالات ، ثم أيضا اضطرابات التفكير الذي قد يصل للأوهام وأكثر ، أيضاً لدينا اختلال في الأنا والذات واضطرابات الوعي والشعور والذاكرة كذلك ، واضطرابات السلوك الحركي والكلام والنطق وغيرها . ولكل حالة طبيعتها الخاصة وظروفها وشدتها ودرجة شدتها ولا يوجد حالاتان متطابقتان فالاختلاف كاختلاف أصابع اليد الواحدة.
ربما اعترى البعض الفضول لمعرفة مثال واضح حصري واقعي ليسهل عليه الربط في الموضوع ، 
حسنا ساذكر لك ماتود ، دعونا نأخذ مثال عن التنفس وهي أكثر من عملية تبادل غازات ولكل إنسان طريقة معينة يرتاح فيها أثناء التنفس ، تنفسك أثناء الحزن والشدائد والصراعات أو القلق أو عدم الحصول على النوم الكافي أو الفرح والرخاء متشابه إذاً لديك إجابة ، مثالاً آخراً لترسيخ الفهم وهي واجهة الكائن الحي وهمزة الوصل بين الذات والعالم الخارجي وهي البشرة ويمكن من خلال الجلد أن يعبر بشكل واضح أو مستتر أو يحمل في طياته رموز عن المشكلة الحاصلة لدى الفرد وعن الحالة النفسية ، أعلم ان هناك من أصبح لديه مد وجزر في عقله والأمر أبسطه لك باحمرار الوجه عند الخجل وإزرقاقه عند الاختناق والاصفرار عند الخوف كشاشة سينمائية تنعكس بها التعابير الانفعالية وأكثر.
يقول أفلاطون من حزن فليستمع للاصوات الطيبة فإن النفس إذا حزنت خمد منها نورها ، فإذا سمعت مايطربها اشتعل منها ما خمد . هذا يذكرني ببعض المواقف كيف تتغير نفسيتنا من ، إلى عندما نسمع صوت من نحب أو عندما نسمع صوت ذو ذكرى عميقة أو حتى صوت بعض الحيوانات كصهيل الخيل فإنه يغير تغيير جذري ويوضح ذلك على لغة الجسد المصاحبة ، وأضيف أبيات مشهورة ( لو علموا بك صفوة العلماء من الطب الحديث لأصبحوا يصرفون من صوتك مضاداً للاكتئاب ) . وهذا شبه تأكيد أن بعض الوفيات ناتجة عن انقباض أو اعتلال نفسي أكثر من مرض أو حادث . ثم تذكروا أن انفعال واحد مثل الخوف كفيل بتغيير مسار وظائف وأعضاء الإنسان والنواقل العصبية والغدد مما يربك عملها ويجعلها في حالة سيئة وإن لم تعالج أو تحل تكون العواقب وخيمة. 
 

هذا الموضوع من مدونات القراء
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected]
صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .