بدأنا نلحظ تزايد الوعي بأهمية الإرشاد النفسي وأثره لدعم الصحة النفسية وتعزيز جودة الحياة، فقد زاد الإقبال على المختصين النفسيين وذلك يعكس وعياً متنامياً بأهمية التحدث مع مختص لديه الخبرة والمهارة لفهم الانفعالات، و الأفكار والسلوكيات التي تصدر ويعين على معالجتها. ومع انتشار الوعي، يظهر تساؤل ما هو الإرشاد النفسي؟ ومتى نحتاج إليه؟
الإرشاد النفسي هو علاقة دينامية تفاعلية ومهنية قائمة بين الاخصائي النفسي والمسترشد/العميل، يهدف إلى مساعدة الفرد في فهم ذاته، واتخاذ القرارات وحل المشكلات مما يساعده على تحقيق التوافق النفسي، الاجتماعي والوظيفي مما يحافظ على الصحة النفسية.
متى يكون الإرشاد النفسي ضرورياً؟
الإرشاد النفسي لا يقتصر على حل المشكلات أو التعامل مع الأزمات فقط؛ بل هو وسيلة فعالة للنمو الشخصي وتحقيق الذات. يمكن للأخصائي النفسي مساعدة الأفراد في فهم أنفسهم، أفكارهم ومشاعرهم، تعزيز مهاراتهم الحياتية مثل تحديد الأولويات والأهداف، التعامل مع الضغوط، والتواصل الفعال. كما يسهم في التدريب على مهارات الذكاء العاطفي وفهم نقاط القوة والضعف في ذواتهم.
لأن الحاجة إلى الإرشاد أمرٌ نسبي، يمكن التعرف على الحاجة للإرشاد من خلال ملاحظة مواجهة تحديات ومشكلات تؤثر على جودة حياة الفرد، وذلك بالتركيز على ثلاثة مؤشرات: اولاً، المشاعر المضطربة مثل الأزمات الانفعالية التي تمتد لفترة زمنية طويلة، الشعور بالحزن أو القلق الدائم، أو نوبات الغضب المتكررة. ثانياً، صعوبة إنجاز المهام اليومية كالتحدي في اتخاذ القرارات أو حل المشكلات، وتأثر الأداء الشخصي أو المهني. وثالثاً اضطرابات في العلاقات الاجتماعية كفقدان القدرة على التواصل الفعال، وزيادة الخلافات الشخصية.
يتردد علينا كأخصائيين إرشاد نفسي العديد من الأفراد الذين يترددون في الاعتراف بالمشكلة، أو في طلب المساعدة لحين الوصول إلى موقع من الحيرة والعجز عن التعامل مع انفعالاتهم ومشكلاتهم، ويكون ذلك ناتجاً عن مخاوفهم تجاه الإرشاد النفسي والخوف من وصمة العار ونظرة المجتمع لهم، بالمقابل تابع معي بعض الأشخاص الذين قرروا عدم التأجيل وطلبوا المساعدة مبكراً، وقد وجدوا بأن التدخل المبكر يجعل الحلول أكثر سهولة ويمنع المشكلات من التفاقم، ويحسن من نتائج وأثر الجلسات الارشادية، وكما عبرت أحد الحالات " ليتني لجأت في وقت مسبق للإرشاد، فقد كنت أشعر خلال السنوات الفائتة أنني في مكان مغلق ومحدود، اما الآن بدأت أفهم ما أمر به وبدأت آفاق جديدة تظهر أمامي"
إن طلب الحصول على المساعدة من المختصين ليس دليلاً على الضعف، بل هو علامة للوعي والحرص على التطور والاهتمام بالنفس، لذلك نؤكد لكم على أختيار الأخصائي الذي يمكنه الأستماع لكم ومساعدتكم بكل احترافية ومهنية حتى تجاوز العقبات التي تواجهكم ، و مواكبة تحديات الحياة بثقة، و مرونة، والتكيف مع الظروف الخارجة عن الإرادة.
هذا الموضوع من مدونات القراء |
---|
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected] |