العدد 6034
الثلاثاء 22 أبريل 2025
طاعة الزوجة والنشوز.. ضوابط شرعية وقانونية وأثرها على استحقاق النفقة
الثلاثاء 28 يناير 2025

تعتبر العلاقة الزوجية ميثاقاً غليظاً يقوم على المودة والرحمة ، وللزوج حقوق شرعية وقانونية على زوجته تمثل إطاراً لضمان استقرار الأسرة وحماية بنيانها ، فمن المقرر شرعاً أن حق الزوج على زوجته يشمل العناية به وطاعته ومعاشرته بالمعروف ، كما يجب عليها متابعة زوجها في منزل الزوجية ، وإذا امتنعت عن ذلك دون عذر شرعي تُعتبر ناشزًا وتسقط نفقتها .

يشير الحديث الشريف إلى هذه الحقوق بوضوح ، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم : " ما حق الزوج على المرأة  فقال : أن تطيعه ولا تعصيه ، ولا تصدق من بيته إلا بإذنه ، ولا تصوم تطوعاً إلا بإذنه ، ولا تمنعه نفسها وإن كانت على ظهر قتب ، ولا تخرج من بيتها إلا بإذنه ، فإن خرجت بغير إذنه لعنتها ملائكة السماء وملائكة الأرض وملائكة الغضب وملائكة الرحمة حتى ترجع ".

هذا الإلتزام بالطاعة يُفسر في إطار الانقياد للزوج فيما يتعلق بآثار الزواج وما يترتب عليه من أحكام شرعية ، حيث يجب على الزوجة أن تقيم في المسكن الذي يعده لها زوجها ، وأن تحفظ شرفه وماله ، وألا تخرج من بيته إلا بإذنه أو وفق الحالات التي أجازها الشرع . 

وقد جاء في الحديث النبوي الشريف ما يعزز هذا المعنى ، حيث قال صلى الله عليه وسلم : "ما استفادَ المؤمنُ بعدَ تَقوى اللهِ خيرًا لهُ مِن زوجةٍ صالِحة ، إن أَمرَها أطاعتْهُ ، وإن نَظرَ إليها سَرَّتْهُ ، وإن أَقسمَ علَيها أَبرَّتْهُ ، وإن غابَ عنها نَصحتْهُ في نفسِها وماله " .

ويروى أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : " أنا وافدة النساء إليك ، وإني رسول من ورائي من جماعة نساء المسلمين..." ، لتوضح دور النساء في حفظ كيان الأسرة ورعاية مصالح أزواجهن ، وسألت عن أجرهن في مقابل ذلك ، فأجابها الرسول صلى الله عليه وسلم مؤكدًا أن حسن تبعل المرأة لزوجها وطلب مرضاته يعدل ما يقوم به الرجال من أعمال عظيمة كالجهاد وشهود الجنائز .

وفي هذا الإطار قال الإمام علي عليه السلام : "جهاد المرأة حسن التبعل " . 

وتُعزز النصوص القانونية في قانون الأسرة رقم 19 لسنة 2017 هذه المبادئ الشرعية ، حيث نصت المادة (40) على حقوق الزوج التي تشمل :
1- العناية به وطاعته ومعاشرته بالمعروف.
2- رعاية أولاده منها .
3- حفظه في نفسها وماله وبيته إذا حضر أو غاب .
4- عدم الامتناع عن الإنجاب إلا بإذنه أو لعذر شرعي .
5- عدم ترك مسكن الزوجية دون عذر شرعي .

وأكدت المادة (54) أن نفقة الزوجة تسقط إذا امتنعت عن الانتقال إلى مسكن الزوجية أو تركته دون عذر شرعي، أو منعت الزوج من الدخول إليه ، ومع ذلك حدد القانون الأعذار المقبولة التي تبرر الامتناع ، مثل عدم أمان الزوج عليها ، أو عدم توفير مسكن مناسب ، أو الامتناع عن الإنفاق عليها .

أما المادة (55) فقد أوضحت أنه لا يجوز تنفيذ حكم المتابعة إلى مسكن الزوجية جبراً على الزوجة ، ولكن في حالة امتناعها تُعتبر ناشزاً وتسقط نفقتها .

وقد تناولت المادة (56) أحكام خروج الزوجة للعمل ، حيث أكدت أنه لا يُعد نشوزاً إذا كان عملها مشروعاً وأذن به الزوج أو اشترطته في عقد الزواج ، ومع ذلك إذا أضر عملها بحقوق الزوج ، فإن رفضها لطلبه بعدم الخروج يُعتبر نشوزاً مسقطًا للنفقة .

كما شددت المادة على أنه ليس للزوج إلزام الزوجة بالعمل ، ولا يحق له بعد موافقته على عملها إلزامها بالمساهمة في الإنفاق على الأسرة إلا باتفاق مسبق .

نصت المادة (59) على أن الزوجة تسكن مع زوجها في المسكن الذي أعده لها ، وتنتقل معه إلى أي مسكن آخر، إلا إذا ثبت أن الانتقال يسبب لها ضرراً أو اشترطت خلاف ذلك في عقد الزواج .

تُظهر هذه النصوص الشرعية والقانونية توافقاً كبيرًا في تحديد حقوق الزوج على زوجته ، مما يعزز استقرار الأسرة ، فالالتزام بهذه الحقوق ليس مجرد واجب قانوني ، بل هو ركن أساسي لضمان حياة زوجية قائمة على الاحترام والتفاهم المتبادل ، بما يحقق مصلحة الأسرة والمجتمع ككل .  

هذا الموضوع من مدونات القراء
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected]
صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .