العدد 5965
الأربعاء 12 فبراير 2025
تبني منحى STEAM في التعليم والتعلم الطريق لصناعة المستقبل المشرق
الإثنين 13 يناير 2025

من المداخل الحديثة التي تدعم التطبيقات الواقعية لتعلم وتقويم العلوم وتعزيز مهارات التفكير العليا؛ والتي تسهم في حل المشكلات التعليمية أو الاجتماعية أو الاقتصادية وغيرها من المشكلات ما يعرف بمدخل التكامل بين العلوم والتكنولوجيا والهندسة والفن والرياضيات STEAM (Science, Technology, Engineering, Art, and Mathematics). ونجد العديد من التربويين يعتبرون تعليم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والفن، والرياضيات في إطار متكامل أحد متطلبات متعلم القرن الحادي والعشرين؛  وذلك لما يتميز به هذا القرن من سرعة التغيرات والثورة التكنولوجية الهائلة، كما أن متعلمين اليوم ليسوا كمتعلمين السابق، فهم يتميزون بالمشاركة وكثرة التساؤلات، ويساعد تعليم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والفن، والرياضيات في إيجاد مسارات وفرص تعليمية تعمل على تزويد الطالب بخبرات تعليمية ومهنية ذات جودة عالية في هذه التخصصات مما يؤدي بدوره إلى تأهيلهم إلى  وظائف مستقبلية أفضل، فيما يسعى المعلمون والتربويون من خلال التدريس وفق هذا المنحى الى تشكيل جيل مبدع يعرف بأن هناك متسعاً للتطور والتقدم لمواكبة التطور العلمي بما يتناسب مع مهارات القرن الواحد والعشرين ويساهم في إيجاد حلول جديدة للأفكار والمناهج والمشكلات.
وتشير بعض الدراسات بأن المعلم في مدارس STEAM   يقوم بدور المسهل والميسر لتعلم الطلبة، فهو يقوم بتوجيه الطلاب وتطوير بيئة التعلم بما يتناسب مع المناهج، وبناء الأسئلة، وصياغة المشكلات كما عليه تنظيم نجاح الطالب بتقديم التغذية الراجعة المباشرة والمستمرة ليضمن بقاء مشاريع الطلبة وفهمهم العميق موجها على الأهداف المتوقعة والمعلنة منذ البداية، ومن المهم للمعلمين عدم تزويد الطلاب بإجابات، وعليهم ترك المساحة للطلاب للبحث عن حلول للمشكلات التي تواجههم في العملية التعليمية، كما يتميز معلم مدارس  STEAM بقدرات عقلية مميزة، تمكنه من إدارة العملية التعليمية على نحو علمي جديد، ولابد من أن يكون قادرا على استخدام التقنيات الحديثة.

من هنا نجد أن طريقة التدريس المبنية وفق منحى STEAM تقوم على فكرة التكامل بين فروع المعرفة، ولتحقيق التكامل من الضروري معرفة العلاقات التي تربط العلوم المختلفة، كما يستند منحى STEAM على العديد من الاستراتيجيات، بما في ذلك التعلم الاستقصائي وحل المشكلات والتعلم القائم على المشاريع والعصف الذهني والتصميم الهندسي التكنولوجي والتعلم التعاوني، وكلها تتضمن في خطواتها التساؤل، وتطور لدى الطلاب القدرة على تحديد السبب والنتيجة والملاحظة وتحديد خصائص الأشياء.

ويؤكد التربويون على أن التعليم وفق منحى STEAM يستند في جذوره إلى النظرية البنائية، والنتائج التي توصلت إليها منذ ثلاثة عقود من العلم المعرفي، فوفقاً لبرونينغ وزملائه (2004,Bruning, Schraw, Norby, and Ronning) فإن الركائز البنائية التي يتردد صداها مع تعليم STEAM بأن التعلم ينطلق من المعارف والاستراتيجيات والخبرات السياقية باعتباره عملية بناءة ومنفتحة، وأن الدوافع والمعتقدات جزء لا يتجزأ من الإدراك، كما أن التفاعل الاجتماعي أمر أساسي للتنمية المعرفية.

ويشير العديد من المهتمين في تطوير التعليم إلى ثلاثة محاور رئيسة تلعب دورا في الانتقال من المنهج التقليدي إلى المنهج المتكامل الخبرات ويمكن اجمالها بمايلي:

أولاً: تغيير رؤية تدريس العلوم، والرياضيات ليتوافق مع ما يتم تدريسه داخل الصفوف الدراسية وما يحدث في الواقع. 
ثانياً: تغيير طريقة تدريس العلوم والرياضيات في المدرسة بحيث ينغمس الطلبة في المعرفة العلمية، والمهارات، والعادات العقلية، ليقوموا بممارسة العلوم والبحث، والتحري، وحل المشكلات بطرق ابداعية، وممارسة التفكير العلمي، ومهارات التفكير العليا.
ثالثاً: تغيير الرؤية، وأهداف التعليم بحيث تسعى إلى تحقيق فهم العلوم، والرياضيات وتطبيقاتهما التكنولوجية من قبل جميع أفراد المجتمع.

ولا شك أن منحى STEAM يتميز بالعديد من عناصر القوة، فهو أسلوب فعال في العملية التعليمية، لما يقدمه من تنمية المهارات لمساعدة الطلاب على مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين، وأنه يقوم على ربط العملية التعليمية بالواقع، ومشاركة المجتمع والتعاون في حل مشكلاته.، كما أن دور المعلم في هذا النظام ميسر ومرشد للعملية التعليمية ويساهم في توجيه الطلاب لحل المشكلات، كما يقوم بصياغة المشكلات وتحديد اهداف العملية التعليمية، في حين يعتبر الطالب محور العملية التعليمية، مما يجعل العملية التعليمية كلها تدور حول الطالب وتمكينه.

وكما هو الحال في أي منحى أو ممارسة تدريسية لا بد من وجود بعض التحديات والجوانب السلبية، حيث تشير بعض الدراسات الى عناصر الضعف في منحى STEAM  ومن أهمها؛ الحاجة إلى توظيف الوسائل التكنولوجية الحديثة وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية، الأمر الذي يشكل عائق أمام العملية التعليمية، في بعض البلدان لقلة الموارد المالية، والحاجة إلى معلمين مدربين على مهارات القرن الحادي والعشرين، ومدربين على استخدام التطبيقات التكنولوجية الحديثة والذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية، وهو ما لا نجده على أرض الواقع بشكل فعال وبقيمة مضافة، بالإضافة إلى الحاجة لمزيد من البحث حول مفهوم هذا المنحى وكيفية تطبيقه، كي تحقق نجاح العملية التعليمية وزيادة فاعليتها.

وفي الختام، وفي ضوء مقترحات مستوحاة من نتائج العديد من الدراسات الهادفة الى تطوير الرؤى المستقبلية في ظل المتغيرات المتسارعة على نظم التعلم والتعليم والتدريس نجدها تركز على أهمية تطوير النظام التعليمي وتحويل فلسفة التعليم القائمة على توفير هذا النوع من التعليم STEAM للبعض إلى توفير هذا التعليم للجميع، وتنشيطه في جميع المدارس. ولتحقيق ذلك يجب أن تلتزم الدول بتوفير الدعم المالي لتطبيق نظام التعلم STEAM في كافة المدارس التعليمية، وتطوير المدارس واشتمالها على الوسائط التكنولوجية والتقنيات الحديثة لتوظيفها في العملية التعليمية. بالإضافة الى توفير تدريب وتأهيل للمعلمين على استخدام هذا المنحى التعليمي وتفعيل مهارات القرن الحادي والعشرين. والاهتمام بتطوير المناهج الدراسية بما يتناسب مع المبادئ ونقاط التركيز الخاصة بمنحىSTEAM ، ووضع أساليب ومؤشرات لقياس مدى التقدم والوقوف على نقاط القوة والضعف.

هذا الموضوع من مدونات القراء
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected]
صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية