نحتفل اليوم بمملكة البحرين منارةً للسلام والتعايش، على مدى 53 عامًا من تاريخها الحديث وتاريخها القديم الممتد عبر الحضارات، الذي كان ولا زال يزخر بالتنوع الثقافي وتعايش الأديان على مدار العقود.
يشهد تاريخ البحرين بعراقته وأصالته، حيث احتضنت شعوبًا وازدهرت فيها حضارات متنوعة. ونرى اليوم في المكان الواحد المسجد والكنيسة والمعبد والكنيس، مما ساهم في تشكيل نسيج اجتماعي غني يعتز بتاريخه وتقاليده.
كفلت المملكة حرية ممارسة الشعائر والاحتفالات العقائدية لمختلف الأديان والمذاهب، فالبحرين بها أعلى نسبة للمساجد والجوامع في العالم قياسًا إلى عدد سكانها ومساحتها، إلى جانب ما يزيد عن 19 كنيسة، وكنيس يهودي في وسط المنامة تم بناؤه في عام 1930، والعديد من دور العبادة للطوائف الأخرى.
لطالما جسدت البحرين قيم التسامح والاحترام المتبادل، ونراها اليوم متمثلة في المجتمع البحريني، حيث يحتفل المواطنون والمقيمون بالعديد من الأعياد والمناسبات الدينية لمختلف الأديان، مما يعكس روح الوحدة والتآخي. ومن خلال هذه القيم، أصبحت البحرين مركزاً يُعزز الحوار بين الأديان، مما يسهم في نشر السلام والاستقرار.
على مر السنوات، أطلقت البحرين العديد من المبادرات التي تهدف إلى تعزيز مفهوم التعايش السلمي. من الفعاليات الثقافية إلى البرامج التعليمية، ومن أهمها المناهج التعليمية في المواطنة وحقوق الإنسان والتسامح، وأيضًا إطلاق دبلوم التعايش السلمي بالتعاون بين مركز الملك حمد العالمي وجامعة الأمم المتحدة للسلام، مما يعكس حرص مملكة البحرين على تعزيز دور التعليم في نشر ثقافة السلام والحوار والتفاهم بين الثقافات وقبول الآخر، حيث تسعى المملكة إلى تربية الأجيال الجديدة على قيم التسامح والتفاهم والحوار.
خلال استقبال رئيس قسم العلاقات الكنسية الخارجية في بطريركية موسكو مؤخرًا، قال جلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه: "البحرين تحظى بتاريخ عريق في التعايش.. والتسامح الديني ثقافة راسخة، إذ يعد التسامح الديني جزءًا من الثقافة المجتمعية البحرينية منذ القدم، وذلك بفضل وعي شعبها وتمسكه بالمبادئ الإنسانية النبيلة واحترامه لأهل الديانات الأخرى".
في ظل ما يشهده العالم من صراعات وحروب وتحديات العالمية، تأتي اليوم أهمية هذه الرسالة التي تسهم في نشر ثقافة الحوار والتزام نهج الوسطية والاعتدال ونبذ التطرف. يجب أن نكون خير سفراء لرسالة المملكة والملك المعظم في حمل القيم البحرينية الداعية للتعايش والسلام.
إن الاحتفال بـ53 عامًا من تاريخ البحرين هو احتفال بإنجازاتها في تحقيق السلام والتعايش. وفي عالم مليء بالتحديات، تظل البحرين مثالًا يُحتذى به في تعزيز القيم الإنسانية، محققةً بذلك رؤية لمستقبل مشرق يسوده السلام والازدهار.
*كاتبة بحرينية - سفيرة سلام المفوضية الأوروبية
هذا الموضوع من مدونات القراء |
---|
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected] |