العدد 5940
السبت 18 يناير 2025
banner
وصلٌ وواجبٌ علينا
الخميس 05 ديسمبر 2024

صلة‭ ‬الرحم،‭ ‬كلمتان‭ ‬متصلتان،‭ ‬لكن‭ ‬عندما‭ ‬نتمعن‭ ‬فيهما‭ ‬ندرك‭ ‬الحجم‭ ‬العاطفي‭ ‬الذي‭ ‬تحمله‭ ‬الكلمتان‭. ‬لقد‭ ‬خُلقنا‭ ‬في‭ ‬أرحام‭ ‬أمهاتنا‭ ‬اللاتي‭ ‬لولاهنّ‭ ‬لما‭ ‬كنا‭ ‬متواجدين‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحياة،‭ ‬لكن‭ ‬لا‭ ‬يكفي‭ ‬أننا‭ ‬خُلقنا‭ ‬فقط‭ ‬بل‭ ‬الأمومة‭ ‬هي‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬وهي‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬شجرة‭ ‬كبيرة‭ ‬متفرعة‭ ‬الأغصان‭ ‬تصلنا‭ ‬بالأرحام‭ ‬وهي‭ ‬العائلة،‭ ‬فما‭ ‬واجبنا‭ ‬الاجتماعي‭ ‬تجاههم‭ ‬وكيف‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬نصل‭ ‬بهم‭ ‬بعدل؟

ترددت‭ ‬على‭ ‬مسامعي‭ ‬ومسامعكم‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الكلمات‭ ‬والجُمل‭ ‬التي‭ ‬تظهر‭ ‬لنا‭ ‬مكانة‭ ‬الأُم‭ ‬ومكانة‭ ‬العائلة،‭ ‬فقد‭ ‬صنعت‭ ‬هذه‭ ‬الكلمات‭ ‬لدى‭ ‬البعض‭ ‬الوعي‭ ‬بأهمية‭ ‬تواجد‭ ‬أفراد‭ ‬من‭ ‬ذات‭ ‬نسله‭ ‬حوله،‭ ‬لكن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬يدرك‭ ‬حجم‭ ‬العائلة‭ ‬لأسباب‭ ‬عديدة‭ ‬تواجدت‭ ‬في‭ ‬البيئة‭ ‬المحيطة‭ ‬به‭ ‬وقد‭ ‬تكون‭ ‬أغلبها‭ ‬سلبية،‭ ‬تسببت‭ ‬في‭ ‬نفور‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأشخاص‭ ‬من‭ ‬الوصل،‭ ‬لربما‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬نتج‭ ‬لنا‭ ‬عن‭ ‬حب‭ ‬الذات‭ ‬والفوقية‭ ‬وعدم‭ ‬الالتحام‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬بعض‭ ‬الاخوة‭ ‬والعوائل،‭ ‬فكيف‭ ‬سيتكون‭ ‬مفهوم‭ ‬القرابة‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬مسممة‭ ‬بملذات‭ ‬الحياة‭ ‬ولم‭ ‬تمسها‭ ‬حلاوة‭ ‬الأخوة‭ ‬والترابط‭ ‬فيما‭ ‬بينهم‭.‬

نحن‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬امتحان‭ ‬كبير‭ ‬أمام‭ ‬أنفسنا،‭ ‬حيث‭ ‬نواجه‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المشتتات‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تشغلنا‭ ‬عن‭ ‬بعض‭ ‬الالتزامات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬بحق‭ ‬الأقارب،‭ ‬ولا‭ ‬أعني‭ ‬الأقارب‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬بل‭ ‬أخص‭ ‬أقارب‭ ‬الدرجة‭ ‬الأولى‭. ‬دعوني‭ ‬أقول‭ ‬نعم‭ ‬ليست‭ ‬كل‭ ‬تجربة‭ ‬مثل‭ ‬الأخرى‭ ‬وليس‭ ‬كل‭ ‬أخ‭ ‬يستند‭ ‬عليه؛‭ ‬لأنهُ‭ ‬لكلّ‭ ‬قاعدة‭ ‬شواذ،‭ ‬لكن‭ ‬لا‭ ‬نستسلم‭ ‬لهذه‭ ‬النماذج‭ ‬السلبية‭ ‬ونمتنع‭ ‬عن‭ ‬أداء‭ ‬واجبنا‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬علاج‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬كونه‭ ‬واجباً،‭ ‬فكل‭ ‬دقيقة‭ ‬برفقة‭ ‬الأهل‭ ‬الإيجابيين‭ ‬المحبين‭ ‬لنا‭ ‬تصنع‭ ‬طاقتنا‭ ‬لمواجهة‭ ‬الصعوبات‭ ‬والتحديات،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬وجودهم‭ ‬حولنا‭ ‬يشكل‭ ‬دائرة‭ ‬أمان‭ ‬نحتمي‭ ‬بداخلها‭ ‬في‭ ‬أوقات‭ ‬الأزمات‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تمر‭ ‬بنا،‭ ‬ولا‭ ‬يقتصر‭ ‬وجودنا‭ ‬في‭ ‬داخل‭ ‬هذه‭ ‬الدائرة‭ ‬على‭ ‬الأخذ‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬عملية‭ ‬تبادلية‭ ‬تشكل‭ ‬الأخذ‭ ‬والعطاء‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬مقابل‭ ‬مادي‭ ‬أو‭ ‬ملموس‭.‬

مجتمعنا‭ ‬لا‭ ‬يفتقد‭ ‬هذه‭ ‬الدوائر‭ ‬العائلية،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬متواجدة،‭ ‬لكن‭ ‬لكي‭ ‬نصونها‭ ‬نحن‭ ‬بحاجة‭ ‬لتنظيم‭ ‬الأولويات‭ ‬ووضع‭ ‬هذه‭ ‬الواجبات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬ضمنها‭ ‬لكي‭ ‬لا‭ ‬تتعرض‭ ‬للإهمال‭ ‬وتشوبها‭ ‬المشاكل،‭ ‬فلنصنع‭ ‬مجتمعا‭ ‬إيجابيا‭ ‬مصغرا‭ ‬حولنا‭ ‬لكي‭ ‬ينتج‭ ‬أفرادا‭ ‬ناجحين‭.‬

 

هذا الموضوع من مدونات القراء
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected]
صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .