تفخر الصين بالعادات والتقاليد الموروثة منذ الأزل للأجداد ممن ورثوا الأمة الصينية عدة أفكار وأمثال فكان منها : إذا أردت أن تخطط لسنة فزرع بذرة وإذا أردت أن تخطط لعشر سنوات فزرع شجرة أما إذا كنت تخطط للحياة إستثمر في الإنسان، بعد قرار صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء بتبني أسبوع الشجرة في مملكة البحرين ليكون الأسبوع الرابع من أكتوبر من كل عام ووضع خطة عشرية لزيادة الرقعة الخضراء والمساهمة في التقليل من إنبعاثات الكربون والحياد الصفري بناء على تقارير المنظمات الأممية في المحافظة على البيئة والإسهام بشكل فعال في المبادرة العالمية فقد رصدت البحرين أن بحلول 2035 سيكون عدد الأشجار بالمملكة 3.6 مليون شجرة.
وبعد هذا القرار بادر الوزراء والمسئولين بمباركة الفكرة والتي عشنا حلمها سابقاً في الثمانينات من القرن الماضي عندما كنا نتغنى بحصة التعبير عن أسبوع الشجرة والذي كان يشهد للبحرين بزيادة الرقع الخضراء حسب تقارير منظمات عالمية بوجود مليون نخلة بالمملكة، إن هذه المبادرة أعادت إلى الأذهان مدى أهمية التشجير في المدن للمحافظة على البيئة العامة والتكيف مع المتغيرات المناخية ، سنوياً تنفق دول العالم 640 مليون دولار للإستزراع بالدول العالمية ولكنها تكون بشكل غير مدروس أو علمي ، حيث لايتم إستخدام التقنية الحديثة بالزراعة ووضع الأفكار التي تقلل من المهدور بالماء وتزيد من الرقع الخضراء ، كما إن عملية القطع الجائر تعمل على زيادة الجفاف ودخول البشرية في أزمات إقتصادية وغذائية مثلما تلوح بالأفق حاليا في البرازيل ظاهرة الجفاف التي أثرت على محصول البن للقهوة مما ستعمل على زيادة الأسعار العالمية حسب الطلب.
مع التطور العصري وزيادة الصناعات توجهت دول العالم إلى التركيز على التقليل من إنبعاثات الكربون والوصول به إلى المستوى المعقول ، فظاهرة الإحتباس الحراري أخذت ببث خطرها على الدول من إرتفاع بدرجات الحرارة غير مسبوقة ، وذوبان الجليد بالقطب الشمالي مما ساهم في رفع منسوب المياه العالمية وطغيان أمواج البحر على اليابسة ، ففي روسيا إندثرت جزيرة ميسياتسيف التي تقع في أرخبيل فرانس جوزيف ، وقد عزت منظمات الأمم المتحدة هذا التغيير إلى ظاهرة الإحتباس الحراري والذي من المؤمل أن تزداد درجة الحرارة بنهاية القرن 2.8 درجة مالم تتخذ دول العالم أي تحرك للحد من ظاهرة الإنبعاث الكربوني.
لذا فإن قرار القيادة المباركة بتبني الخطة العشرية للتشجير والإسهام في المحافظة على البيئة ليعزز من مكانة البحرين إقليمياً بأنها مدعاة للسلام والأمن ، كما تحقق هذه الخطوة توجة الحكومة بتوفير البيئة الصحية الآمنة والمدن الصحية التي تختارها منظمات الصحة العالمية مثل محافظة المحرق المدينة الصحية الأولى بالمملكة ، وكذلك تسعى الحكومة لعمل مملكة البحرين المملكة الصحية بمنطقة الشرق الأوسط من خلال سياسات وتشريعات تساهم في دعم عمليات المحافظة على البيئة .
كما وإن تبني الحكومة عملية التشجير بالمملكة عامة لهو جدير بالتقدير وهي عملية لاتختص بحزام أخضر أو أي منطقة معينة ، كما وإنها تساهم في خلق روح المسئولية والمواطنة الصالحة للمملكة وتعزز من الإرث الزراعي وتنشر ثقافة الزراعة والأرض الخصبة بين المواطنين ، هو أسبوع للشجرة ولكنه تعليم للأجيال للمحافظة على الطبيعة التي وهبها المولى لنا للمحافظة عليها وبيان مدى أهمية هذه النباتات في تسيير حلقة الحياة والدورة المعيشية بالكون.
إن مبادرة سموه كان لها صدى في كل بيت بحريني لتعزيز مبدأ المحافظة على البيئة والمشاركة الفاعلة مع الحكومة في أسبوع الشجرة تعزيزاً لمبدأ الشراكة المجتمعية ، كما وإن القطاع الخاص كان له دور في تفعيل المبادرة بمساندتها والعمل على زراعة الأشجار والإخضرار بالبلد ، يأتي ذلك في وقت أصبحت فيه الطبيعة مهددة من العوامل المناخية بتغيرات تكاد تعصف بالبشرية مالم يعملوا على التوازن الكوني والطبيعي ، وقد قادت المبادرة توجه المجتمع البحريني إلى التركيز على الطبيعة والمساهمة في التشجير مع زيادة الوعي الوطني بالمشاركة في بناء الوطن .
وقد تغنت كراسات الطلبة بأسبوع الشجرة من تعبير ومفهوم ومعلومات راسخة لتعريف النشئ بأهمية الزراعة كمورد إقتصادي وأمن غذائي للبلد ، وزادت المبادرة على المناهج التعليمية بمعلومات جديدة تفرض على الحاضر دراسة الأثر الواقعي للطبيعة فيما يخدم البشرية ويعمل على إستقرار العالم ، فكناك بلدان مثل كندا تحتل الغابات فيها تقريباً 30 % من المساحة وتعتبر روسيا أكبر دولة بها أشجار بما يفوق 64 مليار شجرة والبرازيل من خلال حوض الأمازون هي الرئة للعالم والمصدرة للأوكسجين ، لذا فإن مبادرة صاحب السمو الملكي بأسبوع الشجرة هي ترسيخ عقائدي وديني للمبادرة بترك أثر طيب بالبلد والإسهام في تعزيز الولاء والإنتماء للوطن والدين.
د. مشعل ناصر حمد الذوادي
*باحث إقتصادي وخبير تنمية موارد بشرية
هذا الموضوع من مدونات القراء |
---|
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected] |