ما يجذبني حقاً في مملكة إسبانيا هو التزامها بالحفاظ على معالم تاريخها الغني، وخاصة تلك التي تعكس الهوية الإسلامية والعربية التي كانت شاهدة على فترة هامة من تاريخها، ولذلك فإنني اخطط لزيارة تلك البلد الجميل.
هذه المعالم ليست مجرد آثار، بل تجسد تراثاً ثقافياً يعبر عن تفاعل الحضارات المختلفة. إن تجربة إسبانيا في الحفاظ على هذا الإرث التاريخي تمثل درساً مهماً لنا في العالم العربي، حيث يتعين علينا أن نعتز بتاريخنا وهويتنا ونحافظ على قيمنا وثقافاتنا في وجه التحديات المعاصرة.
الأندلس
تقع أندلوسيا جنوب إسبانيا وتعرف بتاريخها العريق وبطريقة العيش التي تدخل البهجة على كل من عرفها، حيث تعج شوارع مدنها بالحياة باستمرار وسوف تحب التجوال لاكتشاف مناظرها الخلابة سواء في المناطق الساحلية أو القرى المليئة بالمنازل البيضاء ذات المنظر الساحر. ترتبط مدنها الرئيسية مع وسط البلاد و مناطق أخرى بفضل القطارات فائقة السرعة، AVE.
إن الوجود الإسلامي، لقرابة ثمانية قرون، في أندلوسيا أدى إلى ظهور أوج ما يعرف بالأندلس، وهي فترة من التطور الفكري والذي يعرف في يومنا هذا بالتراث الأندلسي. و لقد ترك الإرث الثقافي الرائع لتلك الحقبة بعض المباني التي تعد من أجمل و أهم المباني في العالم, والتي نشجعكم على زيارتها كمسجد قرطبة وخيرالدا وقصر الحمراء بغرناطة.
غرناطة
تعد مملكة غرناطة الأطول عمرا بين ممالك المسلمين في الأندلس، واستطاعت أن تحقق نجاحات باهرة توازي نجاحات ممالك الأندلس التي سبقتها إن لم تتفوق عليها، كما تعد ملتقى الحضارات منذ العصور القديمة، وهي المدينة الأخيرة التي بقيت تحت السيطرة العربية في إسبانيا، توجد على سفح جبال سييرا نيفادا وتجذب كل عام الملايين من الزوار لكونها إحدى الوجهات الأكثر جمالا واتسامها بالحياة الثقافية والأجواء الرائعة، شوارعها مفعمة بالحيوية وممتلئة بالمقاهي حيث يمكن تذوق بعض المقبلات المحلية للمنطقة، وهي تبعد بمسافة ساعة عن ساحل البحر الأبيض المتوسط.
يعد قصر الحمراء المعلمة التاريخية الأكثر رمزية في مدينة غرناطة وهو عبارة عن مجموعة من المباني والحدائق التي تعود إلى مملكة بني الأحمر التي سيطرت على المدينة ابتداء من تل وهي إحدى عجائب الدنيا الكبرى.
في الواقع، تم تصنيفها تراثا إنسانيا من قبل اليونسكو مثل حدائق خينراليف و حي البيازين، وتتميز المدينة أيضا بأماكن أخرى رائعة كالكاتدرائية عند القيام بجولة بمركزها التاريخي.
ويمكن ملاحظة الإرث الإسلامي سواء في المأكولات أو الصناعة التقليدية أو في طريقة توزيع الشوارع.
إشبيلية
تُعد إشبيلية عاصمة الأندلس تقع جنوب إسبانيا، تربط القطارات الفائقة السرعة (AVE) المدينة بمدريد، حيث تستغرق الرحلة حوالي ساعتين ونصف.
تتميز إشبيلية بتنوع ثقافاتها عبر العصور، ومن أبرز معالمها الكاتدرائية وبرج الأجراس "لا خيرالدا"، فضلاً عن القصور الملكية ومتحف الفنون الجميلة.
يُعتبر حي سانتا كروز الساحر، المعروف بأزقته الضيقة وساحاته، رمزاً للتراث اليهودي. وتقدم إشبيلية أيضاً برامج ثقافية غنية، منها معرض أبريل الشهير، مما يجعلها واحدة من أكبر المدن الإسبانية وأكثرها جذباً.
قرطبة
كانت قرطبة عاصمة للخلافة الأموية المستقلة عن دمشق، وأصبحت واحدة من أبرز المراكز السياسية والثقافية في العالم. التجول في هذه المدينة التراثية يشبه الانتقال عبر العصور. ومن معالمها، جامع قرطبة الكبير، والحي اليهودي العتيق، وتشتهر المدينة بباحاتها المزينة بالنباتات والزهور وحفلاتها والحمامات العربية واستعراضات الخيول التي يمكن مشاهدتها في الإسطبلات الملكية.
في الختام، هذا بعض من كل عن الوجه الآخر لأسبانيا وانموذج في الاحتفاظ بالتراث آمل أن نستعيد روح الفخر بالتراث ككل وفي القلب منه التراث الإسلامي والمعالم الثقافية والعمارة في بلادنا، لأن الاعتزاز بتراثنا هو خطوة نحو تعزيز هويتنا وتحقيق تنمية مستدامة، مما يُسهم في تشكيل مستقبل أفضل يعكس غنى ثقافتنا وتاريخنا العريق.
هذا الموضوع من مدونات القراء |
---|
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected] |