قال تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً } ( البقرة ٢٠٨) ، لقد وضع القرآن الكريم منهجاً للسلم و الحرب ، إلا ان في يومنا هذا يغفل البعض عن ماهية السلام و الحرب . في اليوم العالمي للسلام تبعاً للأمم المتحدة بتاريخ ٢١ سبتمبر ٢٠٢٤ ، نستشعر المفهوم المعاصر للسلام في عصر يُدَس فيه السُم بالعسل ، و الحرب فيه يلبس رداء الإنسانية .
يُعرف القانون الدولي السلام بأنه " غياب العدوان او النزاع المسلح أو استخدام القوة أو التهديد باستخدامها " ، ولكن هل "غياب العدوان " دليل على وجود السلم في عصرنا هذا ؟ .
السلام يُرى من خلال عدسه ضيقة ، فهو لا يقتصر على العدوان المسلح أو استخدام القوة فحسب بل يمتد إلى ان يحقق الإحساس بالأمان السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي ، الثقة بأصحاب السلطة ، و القدرة على التعبير الديني و الثقافي، بالإضافة إلى غياب كل الطرق المؤدية إلى الحرب .
و نتيجة لهذه النظرة القاصرة للسلام أصبح اغتصاب الأرض بفعل عدواني من الجيش المسلح "فعل دفاع" مما يعني "غياب العدوان " و بالتالي تحقق السلام ، و ذلك بغض النظر عن جثث الأطفال و صرخات الأمهات الثكالى و شهقات الرجال المستضعفين ، أي سلام هذا ؟! .
السلام هو حالة وجدانية للشعوب و الإحساس بالأمان و العدالة غير المشروطة ، و الثقة بأن الحق سيُحَق لمستحقه . إن مفهومي السلم و الحرب في هذا العصر يتطلب عقول تتفكر و قلوب تؤمن ، فقد أصبح غياب الحرب لا يكفي لإعلان السلام و إنما هو بداية للسير في طريق السلام المعاصر بحيث نصل إلى التحرر من الغزو الفكري و التهميش المجتمعي .
لقد اعتادت المجتمعات مناظر التطهير العرقي والإبادة الجماعية و العنصرية و الظلم ، و ذلك لأنها "ليست حرباً" ، أهي مجرد جرائم تُرتكب في حق الأطفال و المدنيين ؟ و بالتالي نتغاضى عن الرصاص و الدبابات غاضين الطرف عمن يقف أمام فوهه المدفع .
"السلام ليس غياب الحرب، بل هو فضيلة، وحالة ذهنية، وميل إلى الخير، والثقة، والعدالة." - سبينوزا .
هذا الموضوع من مدونات القراء |
---|
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected] |