تلك هي إحدى الدعابات اللطيفة التي كان يلقيها أبو يوسف -رحمه الله- كلما التقيناه في بيته أو في أحد بيوت العائلة، بسمته لا تفارق وجهه وتشرق لمُحدّثيه تلقائياً كلما تقاطع بهم في دروب الحياة أو تجاذبوا معه أطراف حديثٍ عابر.
مذ أبصرت الدنيا كان لأبي يوسف أثراً في حياتي وحياة أبناء جيلي من العائلة، فقد اصطحبنا للكثير من الفعاليات والمسرحيات التي أقيمت في فترة الثمانينات كـ(أبناء الوطن) و(ليلى والذئب)، وأذكر جيداً أننا ما ذهبنا مع غيره قط لرمي (الحية بية) في البحر طيلة فترة طفولتنا.
يعرف أبو يوسف الكثير عن تاريخ المحرق، واقترحت عليه مرات عدة أن يؤلف كتاباً يجمع فيه ما يحمله صدره الرحب من معلومات وطرائف عن مدينة المحرق وأهلها القدماء.
ولعل وظيفة أبي يوسف؛ رجل شرطة، قد ساهمت في جعل دائرة معارفه واسعة جداً، كما كان لها دور كبير في الزخم المعرفيّ الذي يملكه عن المحرق وأهلها والوافدين المقيمين فيها من الجنسيات الآسيوية والذين ينادونه بـ "إبراهيم بوليس".
انهمك أبو يوسف بعد تقاعده في بناء مجسمات بيوت قديمة، قام بتعليقها على جدران بيته، ولا أنسى كلما زرت خالتي في بيتها كيف تلمع عيناه وهو يشرح لي كيف صنع تلك البيوت، وما الأدوات التي استخدمها لصنع تلك المجسمات بكل حب ودقة وشغف.
وكذلك هم الأحفاد في العائلة؛ فالجميع يحمل في شريط ذكرياته الكثير من القصص الطريفة التي سمعها من أبي يوسف في لقاءات العيد عن "البستق" و"راعي الجباتي" و"الاستكانة" و "الجالبوت".. والكثير الكثير مما يضيق المقام عن ذكره هنا، ولا أعلم حتى هذه اللحظة ما إذا كانت صحيحة أم هي من نسج خيال أبي يوسف الخصب.. لكن ما أعرفه جيداً هو أن لتلك القصص مفعول السحر في رسم الابتسامة على وجوه الجميع.
رحلت يا أبا يوسف ولم نكتفِ من تلك القصص مع أنك تكررها عشرات المرات، لكننا لا نملك إلا أن نضحك منها مرارا وتكرارا، لا لحلاوة القصص فحسبولكن أيضا لحلاوة أسلوب راويها.
طبت حياً وميتاً يا أبا يوسف..
اللهم ارحم من رسم الابتسامة على وجوهنا، واجعله من الضاحكين المستبشرين في جناتك، واجبر كسر قلوبنا جميعاً على فراقه.
هذا الموضوع من مدونات القراء |
---|
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected] |