في سياق الجهود المستمرة التي تبذلها مملكة البحرين لتعزيز الرقابة القانونية والمالية بهدف مكافحة جريمة غسل الأموال والحد من آثارها المدمرة على الأمن القومي والاقتصادي، صدر بتاريخ 5-11-2017م عن وزارة العدل والشئون الإسلامية والأوقاف قرار رقم 64 لسنة 2017 بشأن الالتزامات المتعلقة بإجراءات حظر ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في مهنة المحاماة ومكاتب الاستشارات القانونية الأجنبية، وذلك تطبيقاً للمرسوم بقانون رقم 4 لسنة 2001 بشأن حظر ومكافحة غسل الأموال الصادر بتاريخ 29-1-2001م الذي يفرض على المؤسسات الممارسة لأنشطة معينة -مثل مهنة المحاماة- مجموعة من الإلتزامات التي تهدف إلى ضمان عدم استغلالها لأغراض غير مشروعة، وذلك تماشياً إلتزام مملكة البحرين بالتعاون مع المجتمع الدولي لمكافحة الجرائم المالية ومنها جريمة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
إن اختيار مهنة المحاماة كواحدة من الأنشطة المستهدفة في القانون والقرار المشار إليهما يأتي نظرًا للدور الحيوي الذي يلعبه المحامون في تسهيل المعاملات المالية والقانونية، مما يجعلهم في موقع "لوجستي" قد يستغله البعض لإخفاء أنشطة غير مشروعة، ومن هنا، فرض القرار رقم 64 لسنة 2017 إلتزامات واضحة على المحامين تشمل ضرورة التقيُّد بالإجراءات والضوابط المنصوص عليها في المرسوم بقانون رقم 4 لسنة 2001 وكذلك توجيهات وزارة العدل، لضمان عدم استغلال مكاتب المحاماة في عمليات غسل الأموال أو تمويل الإرهاب.
وقد يثار بعض التساؤل حول مدى تأثير هذه الالتزامات على حرية المحامين في ممارسة مهنتهم، خاصة في ظل النصوص الدستورية التي تضمن حقوق المتهمين في الدفاع، لكن هذا التساؤل مردود عليه بأن "التنظيم" لا يعتبر بالضرورة انتهاك لحقوق المحامين أو تقييد على حريتهم بشكل غير مشروع، لأن الاجراءات التنظيمية المنصوص عليها فضلاً عن كونها مشروعة، هي ترمي لتحقيق مصلحة عامة، جليلة وسامية.
صحيح أن المادة 29 من قانون المحاماة تلزم المحامي بالحفاظ على سرية المعلومات التي يحصل عليها خلال ممارسة مهنته، إلا أن ذات المادة وضعت استثناءات محددة تتعلق بمنع ارتكاب جريمة أو الإبلاغ عن وقوعها، فحين يأتي قرار رقم 4 لسنة 2001 بإلزام المحامي بالإبلاغ عن العمليات المشبوهة يكون متوافقاً مع القانون.
إن القرار محل الحديث يمثل خطوة هامة نحو تعزيز منظومة العدالة في البحرين، ويساهم من تعزيز النزاهة والشفافية في المعاملات القانونية والمالية، ويؤكد على الدور المحوري للمحامين في حماية المجتمع من أخطار هذه الجرائم، وفي العموم، قرار يتماشى مع المعايير الدولية في مكافحة الجريمة.
على أن ضمان تعزيز فعالية القرار المشار إليه يُوصى بالتالي:
*محامي تحت التمرين
هذا الموضوع من مدونات القراء |
---|
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected] |