العدد 6034
الثلاثاء 22 أبريل 2025
القناعة والقناع
الجمعة 30 أغسطس 2024

من النوادر في عصرنا الحالي من لديهم القناعة بأنفسهم ولا يستخدمون القناع في مراحل حياتهم، ولكن الأغلبية العظمى هم الذين لم تكن لديهم قناعة بأنفسهم وعلى ذلك يرتدون القناع الذي يغير مجرى حياتهم، حيث إن هذا الأمر يتطلب الكثير من التمعن في تلك النظرية، أوقات القناع يكون سلبي يدمر صاحبه ويشوه صورته الأصلية، وأوقات يكون القناع إيجابي ويظهر إيجابيته على من حوله، ويكون بشكل مؤقت ولأسباب محدودة ليس على مدار مراحل الحياة، ومن منطلق هذا المقال سنسرد بعض النموذجات الواقعية التي نلاحظها في حياتنا بعفوية، والمحور المحايد هو التاء المربوطة مابين القناعة والقناع، وهذا الأمر ممن لديهم القدرة على فعل كل ماذكر ولكنهم لا يستطيعون.

عندما لا يقتنع المرء من حياته تماماً يلجأ حالاً إلى لبس القناع كي يثير إعجاب من حوله لشخصيته الجديدة والمفبركة لتغير حالته التي عاش بها منذ صغره وترعرع فيها، وذلك ليصل إلى غرض شخصي معين قد يكون في اعتقاده ألا يمكنه الوصول لذلك الغرض بشخصيته الحقيقية، وهذا الفعل يسبب ظواهر سلبية تأثر على صاحب هذا القناع، فالجميع يلاحظ متغيرات الحياة فمن السهل أن يلاحظوا متغيرات أي شخص قريب منهم، وعلى ضوء ذلك ستتمكن من اقناع الأشخاص الذين لن يتعرفوا بك بعد، ولكن المصيبة كيف ستقنع من تعايشت معهم بشخصية وفاجأتهم بشخصية أخرى.

بعض المواقف تحتم علينا بقناعتنا لبس القناع لكي نخفي الطاقة السلبية داخلنا ونحافظ على عدم نقلها لمن حولنا ونستبدلها بقناع إيجابي، فهذا الأمر يكون مؤقت ولمواقف معينه ليس على مدار الحياة، وعلى سبيل المثال:- الجميع يتعرض لأمور صعبة ومشاكل في الحياة، وعندما يمارس مهنته كمحاضر أو كمسؤول أو كمسوق يجب عليه بقناعته التامه أن يرتدي القناع كي يخفي ما بداخله ويعكس الظواهر الإيجابية أمام الجميع، وذلك الفعل يظهر الإيجابية لمن حوله بالرغم من الصراعات داخله، وكثير من الأمثلة التي تدرج تحت الإيجابية ولكن نكتفي بإبراز مثال واحد تقاس عليه جميع الأمثلة المشابهة له بالقناعة التامة في لبس قناع الإيجابية بشكل مؤقت.

تأتي الحيادية في عدم استخدام النظريتين ألا وهما القناعة والقناع، وسنقول أن الحيادية هنا تقع على التاء المربوطة مابين الكلمتين، فأحيانا لن نستطيع استخدام القناعة والقناع في مواقف كثيرة، وتلك المواقف تثقل كاهلنا من قوتها فنفقد السيطرة عليها، ومن ابرز الأمثلة:- بأن يوماً ما نفقد عزيز وما شابه ذلك، فلن تكون لدينا القناعة بإخفاء مشاعرنا تجاه هذه المواقف بل نستغني عن ارتداء أفضل الأقنعة لأننا لا نملك القدرة على اختيار القناع المناسب لتلك الظروف، فنكون دائماً على طبيعة شخصيتنا المعتادة دون تغيير أي عامل فيها.

وانوه في هذا الجانب حول أغلب مشاهير برامج التواصل الاجتماعي، الذين أصبحوا اليوم النافذة الأولى للتسويق العالمي، ولكن هل هؤلاء لن يمارسوا حقيقتهم التي عاشوا بها قبل الدخول في هذا المجال، أغلب المشاهير لم يقتنعوا بصفاتهم الحقيقية بل اقتنعوا بتبديل كيانهم ولبس القناع الذي ينال إعجاب المتابعين، لذا نرى بعد ذلك دخولهم في مشكلات وقضايا بسبب تخليهم عن أقنعتهم المزيفة لفترة بسيطة، والضغوطات التي يتلقونها من المتابعين بالتفرقة مابين الشخصيتين، وهذا أمر واقع نراه بشكل مستمر في عالم برامج التواصل الاجتماعي.

ومروراً على عالم التجميل وأسلط الضوء حول الأشخاص الذين لديهم قناعة بأن صورتهم غير لائقة بتاتاً ووجب عليهم ارتداء القناع المناسب ألا وهو اللجوء إلى عمليات التجميل، وأن كان هناك عمليات لتجميل الأخلاق والسلوك والمبادئ لكانوا أول الخاضعين لها، تلك هي معنى القناعة والقناع يرتديها من لم يقتنع من شخصه ولن يستطع إقناع الآخرين بحقيقته، فالحياة تمنحك الدروس وتمتحنك بها ودائماً اغلبنا لن ينال النجاح فيها، ولذلك تغيير الشخصية تغيير خارجي، ولكن يبقى الصراع داخلك كيف تفصل مابين الحقيقة والحياة المزيفة.

ولايسعني القول إلا أن أقول لاترتدي لباس غير لباسك حينها ستشعر بالفرق الذي يحتم عليك سد الثغرات السلبية طوال عملية التنكر التي قمت بفعلها على قناعتك التامة، فواثق الخطوة يمشي ملكاً مهما تعثر طريقه، فنحن اليوم لانحتاج إلى أقنعة بل نحتاج إلى نصائح تبعد عنا تلك الأقنعة المزيفة ولكن بواسطة قناعتنا الصحيحة، لاينبغي منا أن نشجع من يسير على خُطا ليس بخطاه وإنما نشجع بالارتقاء المعقول دائماً، كلنا نطمح للأفضل ولكن بشخصيتنا التي عُرفنا بها ليس بانتحال شخصيات أخرى، ذلك الأمر يدل على قلة الثقة بالنفس.

هذا الموضوع من مدونات القراء
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected]
صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية