العدد 5808
الأحد 08 سبتمبر 2024
banner
العلاقات الأسرية والعائلية والاجتماعية ..إلى أين تتجه ؟! 
الجمعة 09 أغسطس 2024

كثير من النقاشات في المجالس والمنتديات الاجتماعية تدور حول المقارنة بين العلاقات الأسرية والعائلية والاجتماعية في الماضي ما قبل الألفية الثالثة وبعدها ، رأينا أن هناك اجماع بين المحاورين أنها أية العلاقات بكل مسمياتها قد تأثرت سلبا وأنها آخذة في التدهور أكثر وبشكل لافت ، وأنها تختلف نسبة تخلخلها من منطقة إلى أخرى ، فعلى سبيل المثال ، نجدها في القرى مازالت بشكل عام محافظة على ما توارثه من الأباء والأجداد والأمهات والجدات ، فهناك في كل قرية تقريبا مجالس مفتوحة أبوابها ليليا وبعضها أسبوعيا، والبعض الآخر تفتح نهارا ، تستقبل أبناء القرية وبعض الشخصيات من المناطق الأخرى، وفيها يتداولون مختلف الموضوعات التي تهم قريتهم و مجتمعهم ، وفيها تطرح آراء متنوعة في الموضوع المطروح للنقاش ، وبعض الآراء تجدها جديرة بالاهتمام ، لعمقها وموضوعية توصيفها و تحليلها ، ومناقشتها الموضوع من مختلف أبعاده ، لا ننكر أن هناك تراجع واضح في العلاقات بشكل عام ، وعلى وجه الخصوص في المدن بنسبة كبيرة ،  يكون هناك عدة أسباب وراء تراجع العلاقات الأسرية والعائلية في الكثير من مدن وقرى البحرين، منها:

 أولا : التغيرات الاجتماعية: التحديث والتغيرات السريعة في نمط الحياة أدت إلى تغير الأولويات والقيم الدينية و الأسرية والمجتمعية التقليدية.

 ثانيا : التكنولوجيا: انتشار وسائل التواصل الاجتماعي والأجهزة الذكية كان لها الدور الأكبر في تقليل التواصل المباشر بين أفراد الأسرة والمجتمع .

 ثالثا : الضغوط الحياتية: الإشتغال بالعمل طوال النهار ، والدراسة، والمسؤوليات اليومية التي أدت إلى زيادة الضغوط على الأفراد والجماعات ، مما قلل من الوقت والجهد المخصصين للعائلة والمجتمع .

 رابعا : التباعد الجغرافي: الهجرة والعمل في الخارج ، والسكن بعيدا عن مناطقهم التي تربوا وترعرعوا فيها أدى إلى تباعد الأفراد عن أسرهم ومناطقهم .

 خامسا :التحديات الاقتصادية: الظروف الاقتصادية الصعبة قد تؤثر سلبا على العلاقات الأسرية وتزيد من الإختلافات والخلافات في العائلة الواحدة.

سادسا: المشاعر الوجدانية : إذا ما ضعفت المشاعر الإنسانية الوجدانية تنعكس بشكل سلبي على العلاقات الأسرية أولا وعلى المجتمع ثانيا .

سابعا : المصالح الشخصية : عندما تكون المصالح الشخصية الآنية مقدمة على كل مصالح الأسرة والمجتمع تتراجع العلاقات بين الأفراد والجماعات في المجتمع .

ثامنا : الثقافات الدخيلة : اختلاط البحريني بثقافات متعددة ومتنوعة في أخلاقياتها وسلوكياتها أدى إلى تغير في أسلوب التخاطب بين الناس ، وقد ساهم هذا التوجه ألا إرادي أحيانا والإرادي في أحايين كثيرة إلى تضعيف العلاقات الأسرية والمجتمعية ، والأمثلة على ذلك كثيرة ، ولسنا بحاجة إلى استعراضها لوضوحها للجميع .  

سؤال يطرح دائما على ألسن الكثيرين ، ما هي الحلول التي من الممكن إرجاع الأسر البحرينية إلى تماسكها وتواصلها الإيجابي ؟

لابد أن تقوم الأسر بالخطوات العملية التالية :

 - تعزيز التواصل: تشجيع الحوار والتواصل المفتوح بين أفراد الأسرة ولو في الأسبوع مرة واحدة.

 - قضاء وقت جماعي: تخصيص وقت منتظم للأنشطة العائلية ، ويشارك فيها الأباء والأجداد والأمهات والأخوات والأخوال والخالات والأعمام والعمات والأولاد والبنات والأحفاد ،لكي يحدث بينهم التقارب النفسي والمعنوي والوجداني بشكل أكبر .

 - احترام الاختلافات: قبول التنوع والاختلافات بين أفراد الأسرة ، وعدم التحسس من أي رأي عقلائي يطرح اللقاءات الأسرية والمجتمعية واعتماد المناقشات الموضوعية والمنطقية المبنية على أسس صحيحة والابتعاد عن شخصنة الأمور المطروحة .   

 - التعليم والتوعية: نشر الوعي بأهمية العلاقات الأسرية وتقديم الدعم النفسي ، المدرسة والجامعات والمراكز التعليمية بمختلف مشاربها الثقافية والفكرية يجب أن يكون لها الدور البارز في تنمية العلاقات الأخلاقية والسلوكية في المجتمع، وترسيخها في أذهان طلابها وطالباتها من خلال تخصيص مساحة معقولة في مناهج الدراسية 

 - تقليل الاعتماد على التكنولوجيا: تحديد أوقات محددة لفصل الشبك والحث على التواصل المباشر بين الأفراد والجماعات في المجتمع .

بطبيعة الحال هذه مجرد بعض الأسباب والحلول المحتملة، وقد تختلف الأسباب من أسرة إلى أخرى ومن مجتمع إلى آخر ، على العموم نترك للأسر والجهات الرسمية المعنية بسلامة المجتمع،  ومؤسسات المجتمع المدني ، والمراكز الدينية، والمثقفين، والمفكرين ، والكتاب ، والأدباء والشعراء ، والخطباء ، والوسائل الإعلامية المختلفة ، المرئية والمسموعة والمقروءة، أن تأخذ دورها الأخلاقي والإنساني، لتحقيق التلاحم المجتمعي ، الذي يشغل أذهان الكثيرين في مجتمعنا البحريني ، ليس ما نقوله ضرب من الخيال وليس بعيد المنال ، إذا ما كان هناك الجدية في العمل والمثابرة في هذا الاتجاه ، والمبادارات الراقية ، يتحقق كل ما يصبو إليه كل فرد في المجتمع في مجال العلاقات الأسرية والمجتمعية في آن واحد ،نسأل الله أن يوفق ويسدد كل جهة أو فئة تسعى لتحقيق هذه الأهداف السامية .

هذا الموضوع من مدونات القراء
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected]
صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .