تحظى بلادنا الخليجية والعربية بإقامة المؤتمرات في كل المجالات السياسية والطبية والعلمية والاقتصادية والتجارية والرياضية، والكثير في مجالات التقنية بشكل عام..إلخ، لكن أبدا لم نقرأ عن اقامة مؤتمر لمناقشة (السلوكيات الخاطئة) للأفراد في مجتمعاتنا، والسلوكيات هذه كثيرة للغاية، الآخرين يصنفوا من يرتكبها بنعوت تخرج الفاعل من كونه بشرا إلى مرتبة (الحيوان)، للدلالة على عدم الاحساس بمعاناة الآخرين وحب الذات والأنانية.
تبدأ هذه السلوكيات من الاستخدام الخاطئ للهواتف الذكية، مرورا بمشكلة سياقة السيارات بالتهور وعدم الاحساس بالمسؤولية، واحترام حق الآخرين في استخدام الطريق، وقلة الأدب المروري التي يعاني منها الكثير من مستخدمي الطريق، والسلوكيات التي تُعبِر عن ضعف الوازع الأخلاقي والديني وفقدان التربية الصحيحة، مثل تعمُد ايقاف السيارة في المكان غير الصحيح بحيث يقف الواحد في مكان سيارتين ليمنع الآخرين من استخدام الموقف، أو الوقوف في المكان المخصص لذوي الاحتياجات الخاصة يفعلها الواحد ولا يكترث لما يترتب عليه هذا الفعل المتهور.
هناك الذين لا يتحملون إي كلمة حق أو نقد أو نصيحة توجه إليهم بسبب سلوكياتهم الخاطئة، يعتقدون أنهم غير قابلين للنصح وللنقاش ولا الحوار فيما يرتكبونه في حق الآخرين، وفي قناعتهم بأن ما يقومون به حرية شخصية، وأن من يقدم لهم النصح اشخاص يريدوا أن ينصبوا أنفسهم أوصياء على الناس..!، وهناك قلة الذين يتقبلوا النصح خاصة إذا جاءت النصيحة من قبل اشخاص كبار في السن ولهم تجارب كثيرة في الحياة، ويأتي النصح من منطلق الخوف والحرص على مستقبلهم.
لا شك "أن أداء النصيحة وكذلك حُسن استقبالها من أخلاق الكبار وأصحاب النفوس الكبيرة، فهم وحدهم القادرون على أدائها وكذلك حسن استقبالها دون تغير أو امتعاض، ولعله من المُفيد هنا أن نذكر أن حسن استقبالها تحديداً هو من أشد الدلائل على شيم الكبار، ذلك أن أدائها قد يكون ميسوراً، وأن الحرج كله يقع على المنصوح".
إن كثرة المشاكل التي يتسبب فيها هؤلاء الذين تحدثنا عنهم تجعل الانسان يفكر أحيانا في الابتعاد عن المجتمع الذي يعيش فيه، من كثرة ما فيه من اشخاص يتسببوا في أذيتهم، والابتعاد في حقيقته هو العُزلة بحيث يعتزل الشخص الناس ويعيش وحيدا يرى في ذلك سعادته بل متعة لأنه يختلي بنفسه فيتدبر ويتأمل ويفكر دون أي تأثيرات أخرى تمنعه الاختلاء بنفسه، ولعزلة الناس أدب واسع في ثقافتنا الاسلامية والاجتماعية التي عبر عنها سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما قال: (خذوا بحظكم من العزلة)، وقال سعد أبي وقاص رضي الله عنه: (لوددت أن بيني وبين الناس باباً من حديد، لا يكلمني أحد ولا أكلمه حتى ألقى الله سبحانه وتعالى).
الخلاصة أن السلوكيات الخاطئة التي أصبحت في ازدياد ونتأثر بها بشكل أو آخر تستحق الالتفات إليها اعلاميا وصحفيا وتربويا، الأسرة أو بالأحرى الوالدين علهم تربية ابنائهم من السنوات الأولى في حياتهم على ترتيب مكان النوم ونظافته وتعليمهم السلوكيات الجميلة الراقية، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي رأينا كيف أن الكثير من الدول الآسيوية المتقدمة علمُوا ابنائهم منذ الصغر الاعتماد على أنفسهم في النظافة الشخصية، واعداد طعامهم بأنفسهم، والأدب في الحديث والتعامل مع كل الناس بلطف وأخلاق، وأن الاعتذار عن ارتكاب الخطأ من أفضل السلوكيات، كما علمونهم حُب المعرفة وزرعوها فيهم منذ وقت مبكر، لذلك أقول إن تجاربنا قد دلت على أن تربية الأبناء بعد أن يتخطوا مرحلة الطفولة قد فشلت فشلا ذريعا..!.
هذا الموضوع من مدونات القراء |
---|
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected] |