تشرفت بالدعوة الكريمة من سمو الشيخ سالم بن سلطان القاسمي، في النسخة الثانية من ملتقى المبدعين العرب، أرض الوطن الجاذب للعلوم والفنون، والذي يحمل بكافة معاني المثالية التي نبتغيها في جميع البلدان العربية.
القانون یعرف بأنه مجموعة القواعد العامة التي تنظم الروابط الاجتماعية ویلزم الأفراد بجزاء مادي یوقع جبراً على من یخالفھا بوساطة السلطة العامة المختصة، كما أن للقانون وظيفة رئیسیة ألا وھي إقامة التوازن بین المصالح المختلفة داخل المجتمع، وتنظيمها للروابط الاجتماعية، والعمل على بقاء المجتمع وتقدمه ولا تتحقق ھذه الغایة إلا بمراعاة أمرین: أولهما تحقیق الحاجات الفردية وذلك عن طریق صون حریات الأفراد ومصالحهم الخاصة، وثانیھما حفظ كیان المجتمع، ونظامه وكفالة المصلحة العامة.
فلا يدانى فكرة القانون في أهميتها وشيوعها سوى فكرة الحق فتعبير الحق يستخدم في الحياة القانونية بل وفى الحياة اليومية بقدر كبير، بل ان كل شخص يستخدم في التعبير في اللغة حسب ما تمليه عليه مصالحه سواء التزم في ذلك الاستخدام كثير من الدقة العلمية أو قليلها.
ولا شك أن كلمة الحق تعطى الإحساس بالاستئثار والتسلط، فحين يذكر الشخص أن له حق معين فإنه يصرف التعبير إلى معنى الانفراد بالقيمة التي يعرض لها فضلاً عما يقتضيه هذا المدلول من منع الآخرين من المساس بها لذلك فإن أقرب معاني الحق هو ما يحمل الاختصاص بميزة معينة على وجه الانفراد، ولأن في مفاد الحق معنى الميزة الفردية، فوجد القانون الذي ينظم تلك الحقوق.
فالقانون هو المرجع الأساسي عند ظهور المشاكل التي تتعلق بمختلف نواحي الحياة سواء الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والإدارية، حيث أصبحت كافة المجالات الآن ينظمها ويحكمها القانون، لذلك فإن الثقافة القانونية هي أشمل أنواع الثقافات لأنها مشتركة في كل شيء من حولنا وتخاطب أطياف المجتمع المختلفة في كافة نواحي الحياة.
فلا عذر بعدم معرفة القانون، فإذا كان الأمر كذلك فإنه ينبغي على كل شخص أن يُلم بالقدر الكافي من الثقافة القانونية التي تجعله يتصرف بالشكل الصحيح فيما يتعلق بحقوقه، وأيضا فيما يتعلق بقيامه بواجباته.
ودائماً ما يكون للفنون دور هام في توعية المجتمع ونشر الرسائل الإيجابية بطرق مختلفة تصل إلى المتلقي بطريقة سلسة وترسخ في ذهنه وتؤثر على أفكاره، فقد اتسع مفهوم الثقافة والفنون عبر التاريخ الإنساني على مر العصور والحضارات، وتطورت ونمت في المجتمعات حتى أصبحت تعرف بأنها محصلة القوانين والأعراف والعادات والتقاليد والموروث، وتنتقل من جيل إلى جيل من خلال الأسرة والمدرسة والمجتمع.
ففي البداية - انتشرت الجريمة والتطرف في عدد من المجتمعات واتخذت الدول القوة الصلبة لمكافحتها والحد منها على مر السنين ، وفي الآونة الأخيرة ظهرت ما يُطلق عليه بـ"القوة الناعمة" كأسلوب حياة لتساهم في مكافحة والحد من الجريمة والتطرف ، حيث يمثل الفن وسيلة فعالة للتعبير عن الثقافة والهوية ، ولكن يمكن أيضًا أن يكون أداة للحد من الجريمة والتطرف في المجتمعات ، فقد يلعب الفن دورًا حيويًا في تشكيل وجدان الناس وتحفيزهم على التفكير والتأمل ، مما يمكنه أن يساعد في تحقيق التغيير الاجتماعي عندما يُظهر الفن أشكالًا مختلفة من الجمال والتنوع ، يمكن أن يقلل من العنف والتطرف من خلال تعزيز الفهم المتبادل والتسامح .
ويمكن للفن أيضًا أن يساعد في بناء الوعي ورفع المستوى التعليمي في المجتمع، بحيث يمكن للأشخاص أن يتعرفوا على ثقافات أخرى وتجارب حياة مختلفة، مما يزيد من الفهم ويقلل من التحامل والتشدد، بالإضافة إلى ذلك يمكن أن يكون الفن وسيلة لتعزيز الإلهام والأمل، فالأعمال الفنية التي تبرز القوة والتفاؤل يمكن أن تحث الناس على التخلص من اليأس الذي قد يدفع بعضهم إلى الجريمة أو التطرف.
إن ربط المواطن بالقانون من خلال التقاضي أمام المحاكم المتخصصة يسهم في تثقيف المواطنين بالتعامل القانوني حيال ضياع الحقوق وغيرها والثقافة القانونية لابد من التزايد بها، فهي توثق علاقة المواطن بالقانون من أجل تسهيل حصوله على حقوقه، وتختصر الوقت، وترجع إلى الجهات المختصة دوما، من أجل إيصال صوته وتوجيهه إلى القنوات الصحيحة لإنهاء معاملاته.
وفى الأخير یتضح لنا أن ھناك علاقة تبادلية بین القیم الإنسانية والقانون في المجتمع، وأن القوانین الحديثة تنطوي على كثیر من الأحكام التي تعزز القیم الاجتماعية وتسعى إلى حمایتھا في شتى مجالات الحیاة، كما أن القوانین تعتبر أداة لتعزيز وتعديل مستويات ممارسة تلك القیم وتطویرھا بشكل یسھم في نمو المجتمع وتقدمه في الوعي والسلوك الحضاري وفسح المجال لكل افراده للمساهمة في الإنتاج كما أن القوانین تحمي أفراد المجتمع من انتهاك حقوقهم الإنسانية وقیمھم الاجتماعية.
* مستشار قانوني ومحامي بالنقض المصرية
هذا الموضوع من مدونات القراء |
---|
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected] |