نقدر عالياً العمل الذي يقوم به مجلس النواب، ومجلس الشورى، والمجلس الأعلى للمرأة، والاتحاد النسائي البحريني، بالإضافة إلى الجمعيات النشطة في مجال حقوق المرأة والمؤسسات ذات الصلة. كل هذه الجهود تصب في هدف مشترك هو تعزيز حماية الأسرة والحفاظ على تماسكها، وذلك من خلال تطوير وتحفيز سن تشريعات فعالة تكفل الحماية القانونية اللازمة للأسرة.
في جوهر الحياة الأسرية، ينبغي أن يشكل الأمان والحب الأساس الذي ترتكز عليه علاقات الأسرة. ومع ذلك، عندما يسود العنف والأذى، ينهار هذا الأساس وتتحول الأسرة إلى بيئة قاتمة حيث يسود الألم والمعاناة بدلاً من الدفء والعطف.
العنف الأسري ليس مجرد مفهوم نظري، إنما هو واقع مؤلم يعاني منه الكثيرون في صمت. وتتعدد أشكال هذا العنف، ومنها:
1. العنف الجسدي
هو أكثر أنواع العنف وضوحاً، حيث تكون آثاره المادية مثل الكدمات والجروح والكسور ظاهرة للعيان. لكن الأثر الذي يخلفه يتجاوز الجسد إلى النفس والروح، مما يؤثر بشكل عميق على الشعور بالأمان والكرامة الشخصية. الأطفال الذين يتعرضون للعنف الجسدي أو يشهدونه ضمن إطار الأسرة غالبا ما يجدون أنفسهم أمام تحديات نفسية طويلة الأمد ويصبحون أكثر قابلية تكرار نمط العنف في حياتهم كبالغين.
إن الدور الذي تلعبه المؤسسات في الحد من العنف الأسري وتوفير الحماية للضحايا هو دور حيوي وأساسي. يجب علينا جميعًا أن نعمل معًا لضمان أن تكون كل أسرة مكانا آمنا يمكن لأعضائها أن ينموا ويزدهروا بعيدًا عن الخوف والألم.
أمثلة مؤثرة للعنف الجسدي:
2. العنف النفسي
العنف النفسي يمكن أن يكون مدمرا بقدر العنف الجسدي، إن لم يكن أكثر، لأنه يعمل على تدمير الصحة العقلية والوجدانية للفرد. الإهانات، التهديدات، الاستخفاف بالمشاعر، والتلاعب العاطفي كلها أساليب قد تستخدم للسيطرة لإحداث الضرر النفسي. ما يزيد الأمر سوءا هو أن هذا النوع من العنف قدلا يرى أو يعترف به بسهولة، مما يجعل الضحايا يعانون في صمت.
مثال للعنف النفسي:
يرتبط كلا النوعين من العنف بأضرار جسيمة على الصحة العقلية والجسدية وينتهكان الأسس التي ينبغي أن تقام عليها الأسرة كملاذ آمن لأفرادها.
ويترك جروحا لا ترى و آثارا عميقة تؤثر على جودة الحياة وعلى الصحة العقلية والعاطفية للأفراد. من الضروري زيادة الوعي بهذه القضايا وتوفير الموارد اللازمة لدعم الضحايا ومنع حدوث مثل هذه السلوكيات.
3. العنف الجنسي
العنف الجنسي هو اعتداء يستهدف جوهر الهوية الجنسية والإنسانية للضحية. يتجلى هذا النوع من العنف في الإكراه على ممارسات جنسية غيرمرغوب فيها، الاعتداء الجنسي، أو التحرش. الأطفال والنساء هم غالبا الأكثر عرضة لهذا النوع من العنف، ولكنه لا يقتصر عليهم وحدهم.
أمثلة مؤثرة للعنف الجنسي:
هذا النوع من العنف يفقد الضحايا الشعور بالكرامة والقيمة الذاتية، وقد يؤدي إلى مشاكل نفسية مثل الاضطراب بعد الصدمة، الاكتئاب، والقلق.
4. العنف الاقتصادي
العنف الاقتصادي يحدث عندما يحرم الفرد من الاستقلال المالي أو يتم التحكم في موارده الاقتصادية بطريقة تعسفية. يشمل ذلك منع الفرد من العمل، السيطرة على أجره، أو حرمانه من المعلومات والوصول إلى موارده المالية.
ومن الأمثلة على ذلك ،امرأة لا يسمح لها بالعمل أو تعلم مهارات جديدة، ممايجعلها محتاجة بشكل كامل لشريكها في الأمور المالية ويقلل من قدرتها على اتخاذ القرارات المستقلة في حياتها.
كل من العنف الجنسي والاقتصادي يعملان على إضعاف الفرد وتقليل قوته واستقلاليته..
تعزيز الحماية القانونية: درع صلب ضد أمواج العنف
التشريعات الوقائية لا تعد مجرد موادٍّ مدوَّنة في دفاتر القانون، بل تُشكِّل خط الدفاع الأول والحصن المنيع للأرواح التي تتلوى تحت وطأة العنف المدمر. تتباين هذه القوانين بتنوُّع البيئات القضائية من دولة إلى أخرى، إلا أنها تجتمع جميعًا تحت راية موحَّدة، ألا وهي ضمان الحصن الآمن.
تفعيل دور المؤسسات والمنظمات: معاقل الدعم والمؤازرة
لجهات الفاعلة والمنظمات غير الحكومية، وحسب إمكانياتها المتاحة، يجب أن تضع أبعادًا أرحب وتعمل على مساعدة الضحايا للنهوض ثانية وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي والقانوني لهم، بالإضافة إلى إطلاق حملات التوعية التي تعمل على نشر الوعي بأهمية مكافحة العنف الأسري ومسارات مواجهته.
التوعية والتعليم: خطوات متقدمة نحو التغيير الفعال
الوعي المجتمعي هو الشرارة التي تُضيء ظلمات الصمت المحيطة بجرائم العنف الأسري. التعليم يمثل الثورة الفكرية التي تُزيل الأفكار البالية والمفاهيم الخاطئة التي تغذي استمرارية هذه الظاهرة. من خلال برامج التنوير التعليمية وورش العمل المستهدفة، يُمكن تجهيز الأجيال الناشئة ليصبحوا صناع التغيير الإيجابي وحملة اللواء في معترك العنف،مدافعين عن حقوقهم وحقوق الآخرين في العيش بكرامة وعدالة.
في النهاية يبقى العنف الأسري وصمة عار في جبين المجتمعات التي تسعى للتقدم والازدهار. إن الاعتراف بالمشكلة ومواجهتها بشجاعة هي الخطوة الأولى نحو إحداث تغيير حقيقي. لا بد من تضافر الجهود القانونية، الاجتماعية والتعليمية لحماية الضحايا وتوفير سبل العلاج والدعم لهم. يجب أن لا تترك صرخاتهم المكتومة دون استجابة وأن تسمع أصواتهم عاليا لتحقيق العدالة والأمان. ليس هناك مبرر للعنف، والوقت قد حان لأن يكون الأمن والسلام هما اللغة الوحيدة داخل جدران كل منزل.
هذا الموضوع من مدونات القراء |
---|
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected] |