قد يتهاون بعض مديري الشركات والمؤسسات في عدم تشكيل فريق مختص في إدارة الأزمات في الفريق التابع لهنَّ، وأكثرهنّ يتخوّف من تشكيل هذا النوع من الفريق بسبب المُسمّى، أو يخاف أن يؤدي إلى أزمة ثانية من باب التشاؤم من هذا الاسم داخل الشركة أو المؤسسة أو من باب تقليل تكاليف صرف المرتبات لهذا الفريق، وهذا ما يفقد المؤسسة ثباتها في أي أزمة مفاجأة إلى العمال من كوارث غير متوقعة، ولنا الدروس والعبر من تجربة جائحة كورونا.
تعريف الأزمات في المؤسسات والشركات؟
في البداية تُعدّ الأزمة مصطلح قديم، تعود أصوله التاريخية إلى الطب الإغريقي، وتعني نقطة تحول، بمعنى أنّها لحظة قرار حاسمة في حياة المريض. كما تطلق للدلالة على حدوث تغيير جوهري ومفاجئ في جسم الإنسان. أما في علم الإدارة -الأيزو- (ISO 22361-2022): فهو نظام إدارة الأزمات، وتسمى حالة غير مستقرة يمكن فيها توقع نتيجة ذات تداعيات سلبية للغاية، ويمكن أن تسمى أيضا كارثة، ولا بُدَّ من لفت عناية القارئ إلى أنّ هذا المعيار الأيزو 22361؛ يجمع هدفين مشتركين من أهداف التنمية المستدامة في آنٍ واحد؛ الهدف رقم 3 الذي يهتم في الصحة الجيدة والرفاه. والهدف رقم 11 الذي يهتم في مدن ومجتمعات محلية مستدامة.
إحدى أنواع الأزمات في الشركات والمؤسسات؛ هو أنّ الموظف يكون غير سعيد من بيئة العمل التي يعمل فيها، مما يولِّد عنده نقطة تحول سلبية اتجاه نفسه، واتجاه المؤسسة، بحيث تتجمد في نفسه أي حالة من الإبداع أو الابتكار. من هنا؛ يضع قادة فريق الأزمات إيديهم على الجرح الذي هو يكشف لهم بداية تحويل الأزمة في الشركات.
هنا نُبيّن أهمية دور إدارة قيادة الأزمات في الموارد البشرية، حيث يجب أن تكون من أساس أولويتها في الشركات، بحيث إنها ترصد جميع ما يسبب إزعاجا نفسيا إلى العامل من تظلمات متراكمة ومستمرة في صف الموظفين. إن عدم رضى وسعادة الموظفين يحكي عن أزمة نفسية تلازم العامل داخل المؤسسة.
من الأمور الملازمة للإحباط الوظيفي؛ الانعكاس النفسي السلبي اتجاه الدائرة التي يعمل فيها العامل، بسبب مشرفه أو مديره المباشر عليه في الوظيفة، حيث تشهد هناك تنقلات كثيرة بين صفوف الموظفين من قسمٍ لآخر، وتغيير مواقعهم، وهذا مؤشر للمعاناة التي يعيشها الموظفين، أو تقديم الاستقالات من الشركة.
من هنا لا بُدّ أن نبيّن أهمية إدارة الموارد البشرية، ودور مدير الموارد البشرية، لأنه يعدّ الشخص الوصي بعد الرئيس التنفيذي، وهو قلب المؤسسات والشركات؛ كونه سيوظف الطاقات البشرية في المؤسسة، وفي الوقت نفسه، هو الذي يرسم استراتيجية واضحة لهم بين الحين والآخر، كما أنه يتابع بشكلٍ ميداني كل الخطوات ويرصدها حتى يشكل فريق من الموظفين، بعيداً عن الأزمات الداخلية، كما أنهم يحافظون على سلامة الإنتاجية وجودتها. إن إدارة الموارد البشرية في أكثر المؤسسات والشركات؛ هي الجهة المعنية بالاهتمام في إدارة الأزمات، مثل أي دكتور يتابع المريض حتى يتعافى ويقف على ساقيه من جديد؛ فالعامل هو روح المؤسسة.
كيف يمكن قيادة هذه الأزمات؟
قيادة أزمات كهذه محيطه في بيئة المؤسسات والمنتشرانتشارا واسعاً، فيجب أولا: على الشركات والمؤسسات أن تعترف بأنّ هناك إحباطا وظيفيا منتشرا بين صفوف موظفيها. ثانيا: تُرصد الحالات الموجودة ونسبتها ومِن متى بدأت تلازم الموظفين. ثالثا: تصنيف حالات الإحباط هل مستمرة أم مؤقتة. رابعا: ما هي مسببات هذا الإحباط الوظيفي بين صفوف العامل، هل هو سبب الاحتراق الوظيفي، أم تنمر من المسؤولين على بعضهم بعضا، أم بسبب معتقدات موجودة أو عرق أو لون، أم بسبب الواسطة والمحاباة في مكان العمل، أم بسبب عدم حصولهم على دفاع معنوي وتشجيع طوال سنوات خدمتهم التي تدنت مرتباتهم، أم بسبب التلوث الصحي في بيئة العمل، وعدم الاهتمام بوجود نظام يحافظ على صحة وسلامة الموظفين، وإلخ...
خامسا: بعد الاعتراف والرصد ومعرفة الخارجية للتصنيف، يوَّزع المختصون من قادة فريق الأزمات بنزول الميداني مع مختصين من Life Coaching ومن ثمّ توزيعهم في جميع الأقسام والدوائر مع جدول زمني، وخطه واضح في الرصد، وضرورة التأكد التام من إنهاء المهمة بشكل مهني عالٍ جداً، وتحويلها مع الحلول والمبالغ المطلوبة في إسعاف الموظفين إلى الإدارة العليا، مع رسم خطة نجاح واضحة، وتوصيات بعيدة عن المجاملات للخروج من أزمات كهذه؛ لأن بعض التوصيات تكمن في تغيّر مناصب إدارية عليا في المؤسسات؛ كون المتعارف عليه في علم الإدارة تنظيف السلم يكون من أعلى إلى أسفل، وليس العكس. وما يشعر به الموظفون من حالة غير سعيدة نتيجة انعكاس إداري على الموظفين والعمال، كونهم الحلقة الأضعف في الشركات والمؤسسات .
في الختام؛ تُوَّصى جميع الشركات والمؤسسات بأن يكون لديها رؤية واضحة بخصوص استراتيجيات إدارة الأزمات، وتكون حقيقية ومدرجة في الأولويات نشاطها، وفي الوقت نفسه أن تتحمل إدارة الموارد البشرية مسؤوليتها وتواكب التقدم والنهضة التي تعيشها أكثر الشركات المتقدمة اليوم، ولا تكتفي فقط في إجراء العقوبات والمخالفات، وعليها أن تستعين بفريق الأزمات، وتنظر في الأسباب التي تجعل الموظفين مصابين بإحباط وظيفي ونفسي مستمر.
هذا الموضوع من مدونات القراء |
---|
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected] |