العدد 5672
الخميس 25 أبريل 2024
banner
حسين جناحي
حسين جناحي
الترشح للبرلمان بين الحق والقرار
الإثنين 03 أكتوبر 2022

مع بدء العد العكسي للانتخابات النيابية برزت وجوهٌ جديدةٌ قد تكون غير معروفة للبعض، وعدد غير قليل من المرشحين والمرشحات للمجلس النيابي لم يسبق له مثيل منذ انطلاق المشروع الاصلاحي لجلالة الملك المعظم إلى يومنا هذا، فهل هو مؤشر نجاح للمشروع الإصلاحي والتفات الناس عليه، وعلى تأثير المجلس النيابي، أم هو مؤشر استسهال لهذا المنصب، وتبسيط لدور البرلمان في التشريع والرقابة؟ الله أعلم.

وقد يقول قائل إن كثير من المترشحين -إن لم يكن أغلبهم- لم يكن لهم دورٌ يذكر، لا في المجال السياسي ولا الاجتماعي أو حتى أي نشاط اتجاه قضايا الوطن والمواطنين، وهذا أيضا سؤال يحتاج لإجابة من قبل الناخب نفسه.

تصدر المشهد كثيرون، منهم الأكاديمي والاقتصادي والمتخصص في الشريعة،  والطباخ والممثل والمغني والرياضي، ونواب حالين وسابقين، وغيرهم، والمحك هو مدى إلمامهم بالسياسة عموما وبأمور الرقابة والتشريع، وهل سيكونون ممثلين حقيقيين للناخبين، وهل لديهم تصورات واضحة عن الملافات الرئيسية مثل ملف البطالة وبحرنة الوظائف، وزيادة دخل المواطني، والإسكان والتعليم والصحة والضرائب. 

وإذا كان المترشح من النواب الحالين أو السابقين، فما هي مواقفه السابقة في تصويتات المجلس؟ وإن كان من النواب الأسبقين فهل كان تفاعل في الشأن العام طيلة السنوات التي كان فيها خارج المجلس؟ أم أنه لا يدافع عن الشعب إلا في حالة كونه نائبا.

صحيح أن الترشّح حق مشروع للجميع، ولكن على المترشح أن يقيس مقدرته على التعاطي مع مسؤولية المجلس، وهو أدرى الناس بنفسه، وعلى الناخب وهو صاحب القرار أن يتأكد من كفاءة ومصداقية من سيختاره.

بعض الناس يتحدث عن معايير محددة لاختيار نائب البرلمان قبل التصويت لصالحه، وقد قدمنا بأن المعايير الأكاديمية أو الخبرة السياسية ليست بالضرورة هي المقياس الأوحد، بل -في رأيي- أن الكفاءة والأمانة والصدق والسمعة الحسنة بين الناس، ومواقف المترشح الواضحة هي المعيار الأفضل. 

ليس المقصود بالتأهيل، كما يروج البعض، أن يكون أكاديميا أو مديرا أو تاجرا، فكل ذلك ليس بالضرورة أن تعطي اصحابها المصداقية في العمل والقول وتحمل المسؤولية امام الشعب، بل التأهيل الحقيقي هو أن يكون أهلا لهذا المنصب وأن تكون لديه رؤية مستنيرة وواعية لكل ما يدور حوله وخاصة المشكلات التي يعاني المواطن.

كما أن من التأهيل المطلوب: الحكمة والاعتدال في الطرح والمناقشة، فليس كل من رفع صوته أو احتد في تصرفاته يعني أنه الأفضل، بل الأفضل هو من يحضر جيدا لأي موضوع، ويقنع الأطراف الأخرى بجدوى اقتراحه بالأرقام الصحيحة، والبيانات الموثوقة، والقصد ليس عداوة السلطات الأخرى بقدر ما أن القصد هو التعاون للوصول لما فيه صالح الشعب والدولة جميعا.

لقد تجرع المواطنون مرارة وصول المتسلقين والمتملقين والساعين الى مصالحهم الشخصية، وخدعوا بالشعارات الرنانة، والكلمات المعسولة، فضلا عن مواقفهم وبرامجهم الانتخابية الكثيرة، وبعضها غير منطقية، وبعضهم ينساها من لحظة إعلان النتبيجة، وخير برهان هو مواقفهم في اقرار الضرائب وقانون التقاعد. 

وبرصد بعض المرشحين يتضح انهم يكتفون برفع الشعارات وعناوين الملفات، فليس عند بعضهم أي تصور حقيقي للمشكلة، فضلا عن أن يكون لديه تصور عن الحل.

ختاما ان القوي الأمين هو من يستحق ان نعطيه اصواتنا، وهناك مترشحون نتوسم فيهم الصدق والامانة في العمل، اصحاب ضمائر حية، اشتهروا بوضوح مواقفهم اتجاه الشعب، هؤلاء من الممكن أن يكونوا الخط الدفاع الأول للمواطن، وسيكون لهم دور فعالا برغم من الصعوبات التي سيواجهوها بسبب الصلاحيات المحدودة في البرلمان، والتي تقلصت ايضا بفضل بعض النواب السابقين في الفصول التشريعية السابقة.
على الناخب مسؤولية شرعية واخلاقية تجاه وطنه، ويجب ألا يتساهل في حمل الأمانة بالجزء الذي يعنيه من الإصلاح، وهو اختيار الأفضل المرشح المصلح الرامي إلى التغيير للأفضل.

هذا الموضوع من مدونات القراء
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected]
صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية