العدد 5635
الثلاثاء 19 مارس 2024
banner
توفيق السباعي
توفيق السباعي
النميمة الوظيفية .. السلوك المشين والفيل المدمر!
الخميس 10 يونيو 2021

من السهل الإعجاب بالفيل، لأنه عملاق لطيف بخرطومه الطويل وإحساسه المرح، وفي معظم الأوقات يظهر الود للإنسان؛ لكن الحقيقة أنّ الفيل مجازاً ليس ممتعاً على الإطلاق، حيث إنّ "Elephant in the office" هي عبارة إنجليزية دارجة ومجازية، ترتكز فكرتها على أنَّ هناك فيل في المكتب من المستحيل التغافل عنه، ولكن الأشخاص الموجودين معه في ذات المكتب يتظاهرون بعدم وجوده لأنهم اختاروا عدم التعامل معه، وهو بحد ذاته المشكلة الكبيرة التي تلوح في الأفق، وقد تكون شخصيات أو ممارسات عمل مثيرة للجدل.
إنّ أكثر (الفيلة) شيوعًا في بيئة العمل هي السلوكيات المختلة؛ والتي إذا تُركت بلا قيود، يمكنها تعطيل إنتاجية المؤسسة وتقويض الابتكار فيها وتقليل الروح المعنوية لدى أفرادها، حيث توجد هذه الممارسات في بعض بيئات العمل ويتم التعامل معها يومياً وجهاً لوجه، لكن القضاء على هذه المشكلة التي يبلغ وزنها خمسة أطنان أو التقليل من تأثيرها، يحتاج إلى قادة أعمال لديهم البراعة والفطنة والذكاء العاطفي.
ولعل أبرز هذه السلوكيات الشائعة في بيئة الأعمال هي النميمة، ذلك الخلق الذميم الذي يقطع الأواصر وينشر الفساد ويفرق بين الناس، ويدمر كل مكان تحل به، فإن حلت في أسرة فرقتها، وإن حلت في بيئة عمل حولتها إلى بيئة غير صحية وأضاعت أهداف المؤسسة والإنتاجية بها.
يحمل التاريخ صفحات سيئة للدور المشين الذي لعبته النميمة، فأشعلت النفوس حقداً وأوقدت للحرب نيراناً، فكيف إذا تحولت في بيئة العمل إلى مهنة يمتهنها بعض الذين لا يحملون تاريخاً وظيفياً أو عملاً مميزاً سوى احتراف هذه المهنة، ولم يجدوا وسيلة لتغطية ما يعانوه من نقص في الكفاءة أو الخبرة إلا نقل ما يدور في العمل، ولا يكتفون بالحقيقة بل يضعون على ما يسمعون ألف كلمة وكلمة ويبترون من الجُمَل ما تستقيم بها النميمة؛ فيخلقون بيئة عمل مشحونة بالطاقة السلبية والصراعات والشائعات والأقاويل وانعدام الثقة واستنزاف الوقت والجهد والموارد، ومع مرور الزمن يجد هذا السلوك المشين التربة الخصبة التي ينمو فيها حتى يطفو عياناً جهاراً دون حياء، ويكون هو القاعدة وما سواه هو الاستثناء وعليه جرى العمل. ويبقى السؤال، على من تقع مسئولية هذا الفيل المدمر لبيئة العمل؟
أخيرًا، ومع الإقرار بأهمية تعزيز التواصل وبناء الثقة داخل أي مؤسسة؛ إلا أن بيئة العمل الصحية تتجاوز أن تكون مجرد عبارة رنانة مكتوبة على لوحة إعلانية أو منصة الكترونية؛ بينما يتناقض مضمونها مع واقع بيئة العمل التي يعايشها الموظفون، فيُمكن أن تكون بيئة العمل دافعة إلى الأمام أو حصاراً يخنق كل فرصة للتطوير والتحسين، وللحفاظ على ثقافة تنظيمية وظيفية تكون مستنيرة وفعالة ومحترمة وصريحة ورحيمة وعادلة؛ يجب تنظيف الفوضى التي تخلفها الفيلة المدمرة لبيئات العمل والتي سنتطرق للمزيد منها  - بإذن الله - في المقالات القادمة.

هذا الموضوع من مدونات القراء
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected]
صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية