العدد 5635
الثلاثاء 19 مارس 2024
banner
لمياء إبراهيم البراهيم
لمياء إبراهيم البراهيم
الدراسات العليا في ظل جائحة كورونا
الأربعاء 09 يونيو 2021

لقد شهد العالم في الآونة الأخيرة الكثير من التغييرات الصادمة التي فرضت علينا دون سابق إنذار، وأهم هذه التغييرات هو التعليم الذي تحول من المقاعد الدراسية إلى الشاشات الرقمية.
ولكون التعليم إلزامي وأساسي لكل فرد في المملكة فإن التعليم عن بعد أو ما يسميه البعض التعليم الرقمي أصبح جزءاً من حياة الطلبة بشكل يومي وأخص بالذكر طلبة المدارس. فهم الأكثر تأثراً ولا يملكون أي خيار آخر غير تقبل هذا النمط الجديد المليء بالصعوبات والتحديات التي تؤثر على الطلاب وأولياء الأمور.
كما هناك فئة أخرى من الطلاب اللذين يدرسون عن بعد بشكل كامل أيضاً ولا يتطرق لهم الإعلام بشكل مباشر. ربما لأن هذه الفئة بالأخص استفادت بشكل كبير من تحول التعليم من التقليدي إلى رقمي وهم طلاب الدراسات العليا (الماجستير)، حيث إن دراسة برنامج الماجستير عن بعد لم يكن معترف بها في السابق إلى أن حلت أزمة الكورونا وشهدت الجامعات إقبالاً كبيراً من الطلبة اللذين يرغبون في استكمال دراساتهم العليا. ونقف عند هذه النقطة لنتساءل عن أسباب ارتفاع عدد المسجلين في برامج الماجستير في حين أن هناك تذمر واضح من مبدأ التعليم الإلكتروني على مستوى المدارس.
إن متطلبات أو مخرجات شهادة الماجستير مختلفة تماماً عن تلك المتعلقة بالمدارس؛ فإن طلاب المدارس بحاجة لكسب مهارات أخرى ليست في المقرر الأكاديمي كمهارات التعامل مع الآخرين وتطبيق ضوابط النظام التربوي وفهم أسس المشاركة المجتمعية وتعزيز الثقة بالنفس، حيث من الصعب توفير هذه المهارات خارج ساحات المدراس. أما بالنسبة إلى طلبة الماجستير فالمتطلبات تختلف تماماً وتقتصر على حضور المحاضرات وورش العمل القصيرة وإجراء البحوث بشكل ذاتي فالتعليم عن بعد قد يكون الخيار الأفضل لسد الفجوة بين إيجاد الوقت للدراسة والعمل والقيام بالواجبات العائلية والاجتماعية.
أغلب المقبلين على برامج الماجستير تتراوح أعمارهم بين الـ25 إلى 45 عاماً وهم موظفون في مختلف القطاعات الحكومية والخاصة أو من أصحاب المشاريع التجارية فيعملون لساعات طويلة وهناك منهم من هم أولياء أمور فلديهم مسؤوليات عديدة فيواجهون صعوبات في إتمام دراساتهم العليا وبالأخص أن هناك بعض الوظائف تتطلب شهادة الماجستير للتقدم في السلم الوظيفي فيثقل كاهلهم في محاولة التوفيق بين الدراسة والعمل والمنزل والمسؤوليات الاجتماعية. لذلك فإن دراسة الماجستير عن بعد وفرت لهم السهولة في حضور المحاضرات والندوات مساءاً بكل أريحية، وخلقت لهم فرصة لكسب المهارات التقنية والأكاديمية من قبل أساتذة مؤهلين والحصول على شهادة ماجستير من جامعات عالمية مرموقة سواءً في مملكة البحرين أو خارجها. كما أن الحصول على شهادة الماجستير يساهم في رفع مستوى التعليم في مملكة البحرين وخلق فرص عمل جديدة وتطوير الذات وكسب صداقات جديدة مع زملاؤهم الطلبة ذو خلفيات مهنية مختلفة وهو ما يوفر بيئة لتبادل الخبرات والتجارب فلا يوجد أي اختلاف أن كانت هذه العملية تتم في قاعة المحاضرات أو من خلال جهازٍ محمول.
أصبح التعليم الرقمي اليوم بمثابة بوابة مشرقة وجديدة لفئة العاملين والراغبين في الحصول على شهادات عليا. في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية بسبب تفشي وباء كورونا وبالأخص في عام 2020 خسر الكثيرون حول العالم وظائفهم والبعض اضطر لإغلاق مصادر دخلهم ولكن تشير الدراسات إلى ارتفاع معدل الطلبة المسجلين في برامج الدراسات العليا وبالأخص في برامج ماجستير إدارة الأعمال ((MBA. وفي دراسة مؤخرة نشرها مجلس إدارة قبول الماجستير في الولايات المتحدة الأمريكية (GMAC) تبين أن العالم قد شهد ارتفاع ملحوظ في نسبة المسجلين في برامج إدارة الأعمال في العالم حيث إن نسبة المسجلين في أوروبا ارتفعت إلى 24% وفي أمريكا ارتفعت إلى 21% وفي كندا إلى 13 % مما يبين بشكل واضح أن الاستثمار في الدراسات العليا هو فرصة للتطور في العمل وأيضا يخلق فرص للذين فقدوا وظائفهم في عام 2020.  
إن قرار إكمال مشوار التعليم والحصول على شهادات عليا هو اختياري وليس أساسي، حيث أن الاستثمار في الدراسات العليا هو أمر ليس فقط مادي وإنما معنوي وزمني، فالتعليم الرقمي ساهم في تسهيل هذه المهمة وتبسيطها من حيث تنظيم الوقت وإمكانية الحصول على شهادة عليا من جامعات عالمية مرموقة في مملكة البحرين وخارجها دون تكاليف وجهد السفر أو الحضور.
إن مخرجات مقررات التعليم العالي لم تتغير بل تطورت لتواكب هذا العصر الرقمي وحتى بعد زوال هذه الجائحة بإذن الله نتمنى أن يظل خيار الحصول على شهادات عليا عن بعد متاح لكي يحصل أكبر فئة من المجتمع على هذه الفرصة الثمينة.

هذا الموضوع من مدونات القراء
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected]
صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .