+A
A-

رجال دين وممثلو منظمات دولية: التجربة البحرينية في التعايش أشبه بالكنز

توسعة مدارك الأجيال القادمة وعدم ربطهم بصبغة أو قالب ديني

يجـــب أن نسعـــى لمجتمــع عالمي وأسرة عالمية

الجائحة فرصة لنا جميعًا للاحتفال بالتعايش وتعلم الخير ونبذ الشر

 

بعث عاهل البلاد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة تحياته لجميع المشاركين في الندوة الافتراضية رفيعة المستوى التي نظمها مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي بالتعاون مع “هذه هي البحرين”، والتي حملت عنوان “لماذا الحرية الدينية أو حرية المعتقد مسألة حيوية للسلام.. مملكة البحرين نموذج تاريخي”، على هامش أعمال الدورة الـ 75 لأعمال الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة والمقامة حاليا في مدينة نيويورك الأمريكية، مثنيا جلالته على الجهود المتواصلة في نشر رسالة البحرين الداعية للسلام ونشر التسامح والتعايش السلمي.

وأكد المشاركون في الندوة من رجال دين وممثلين عن منظمات دولية غير ربحية أن مركز الملك حمد للتعايش السلمي يخطو خطوات سباقة واستثنائية في تقديم النموذج البحريني الفريد من نوعه في التعايش السلمي واحترام الحريات الدينية وتقديم بارقة أمل لجميع أقاليم ودول العالم؛ لكي يحذو حذو البحرين حتى يعم السلام والوئام مختلف الشعوب والمجتمعات، مع الاستناد إلى احترام حقوق الإنسان خصوصا حق الشخص في التعبد بحرية وممارسة طقوسه الدينية بانفتاح دون أي قيود.

وقال القائد الروحاني الهندي سري سري رافي شنكر “لدينا كوكب واحد والله يحب التنوع، ولذلك خلق تنوعا بشريا بما يوازي تنوع الطبيعة. فالحرية الدينية تساهم في جلب الحب والمودة والسلام، وتؤكد وحدتنا كجنس بشري واحد، ولكن للأسف هذا الأمر أصبح محفزا للتفرقة والتحزب في عالمنا المعاصر، وبالتالي يجب أن ينتهي ويتوقف ذلك كله مع توحيد جهود المثقفين وصناع القرار السياسي ورجال الدين، الذين تقع على عاتقهم جميعا مسؤولية في توضيح هذه الصورة وبأن الدين موجود بعدة لغات وطقوس تعبدية مختلفة غايتها تعميم السلام ونشر الوئام”.

وأكد شنكر الحاجة إلى توسعة مدارك الأجيال القادمة وعدم ربطهم بصبغة أو قالب ديني أو مذهبي واحد، ويجب التركيز على لغة الحوار والتعددية؛ لضمان السلام ولم شمل البشرية تحت راية المحبة واحترام الحريات الدينية، مضيفا: “يجب أن نسعى إلى مجتمع عالمي وأسرة عالمية واحدة، ويجب ترسيخ ذلك في عقول النشء الجديد”.

وبيَّن شنكر أن جلالة الملك كان وما يزال كريما ومضيافا في فتح المملكة على جميع الأديان وتعزيز الاحترام المتبادل وحب الآخر المختلف، معتبرا التجربة البحرينية أشبه بالكنز والثروة الحقيقية لبني البشر، خصوصا وأن جلالة الملك أدرك ذلك مبكرا وفتح المملكة لكل الأديان لممارسة معتقداتهم بحرية تامة مما يعكس الرؤية الثاقبة لجلالته.

واختتم شنكر حديثه بالقول “أمر عظيم ما حدث من اتفاق سلام بين البحرين والإمارات وإسرائيل؛ لتهدئة الصراعات في المنطقة، أن مبادرة جلالة الملك هذه تشكل خطوة جبارة للأمام ستمهد الطريق أخيرا للسلام في المنطقة وتصفية النفوس وصولا إلى التنمية الشاملة”.

من جانبه، قال المبعوث الخاص لرئيس وزراء المملكة المتحدة لحرية الدين والمعتقد رحمن تشيشت إن مملكة البحرين تقدم مثالا حيا على مدى تأقلم الجميع في قالب واحد جميل من المودة والاحترام المتبادل لكافة حقوق البشر، فترى المسلم والمسيحي واليهودي والهندوسي وغيرهم يعيشون في انسجام ووئام يمارسون عباداتهم الدينية والروحانية دون أن يلحق بهم أذى أو ضرر.

وأضاف تشيشتي “لقد زرت البحرين أكثر من مرة وشاهدت فيها هذا المزيج الفريد بين دور العبادة لمختلف الأديان، هنالك كنيسة تأسست في العام 1893، وعشرات المساجد السنية والمآتم الشيعية تجاور بعضها البعض في توليفة استثنائية، وكذلك الحال بالمعبد الهندوسي التاريخي. ومن المدهش رؤية ما يخطه جلالة الملك منذ سنوات لتعليم قيم التسامح والتعايش”.

واستعرض تشيشتي بعضا من أبرز بنود إعلان مملكة البحرين، والتي تدعو في معظمها إلى نبذ التطرف والكراهية والعنف ونشر قيم التسامح والاحترام المتبادل وتقبل الآخر المختلف؛ لتكون تجسيدا حقيقيا للآية القرآنية “لا إكراه في الدين”، معربا عن تطلعه لبناء أكبر كاتدرائية في منطقة الخليج العربي بالمملكة، والتي سيتم استكمالها خلال عامين.

من جانبه، قال نائب عميد مؤسسة سايمون وزينثال الحاخام ابراهام كوبر، إن الجهود الجبارة التي بذلتها ولا تزال تبذلها مملكة البحرين في كافة أصقاع العالم عبر مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي وجمعية هذه هي البحرين وغيرها من مبادرات بمباركة ملكية سامية تشكل طموحا عالميا لإحداث التغيير المنشود في نشر أسمى قيم الإنسانية.

وأوضح كوبر أن ما يميز مملكة البحرين بمليكها وحكومتها وشعبها بأنهم تقودهم الأفعال وليس الأقوال، وهذا ما حصل جليا في الآونة الأخيرة مع إبرام اتفاق السلام، لافتا إلى أن المملكة دائما ما كانت ولا تزال تقود دفة التغيير لما هو أفضل لها ولسائر دول المنطقة وبما يخدم مستقبل مزدهر للجميع، وذلك كله بفضل تكريسها للاحترام المتبادل وتقبل الطرف الآخر كمنهاج عمل وخارطة طريق مستدامة.

وتابع كوبر “جلالة الملك قائد فذ وملهم وشجاع، استطاع بحكنته وتسامحه وسلميته العظيمة أن يغير قواعد اللعبة في المنطقة، وأن يجعل المملكة رغم حجمها الصغير لاعبا كبيرا ورئيسا في صياغة مستقبل أفضل في الشرق الأوسط. ونحن بدورنا نشكر جلالته جزيل الشكر على دوام كرمه وضيافته السخية لكافة الأديان والأعراق والأجناس”.

بدورها، قالت النائب الثاني لرئيس مجلس أمناء مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي ورئيس جمعية هذه هي البحرين بيتسي ماثيسون، إن الحرية الدينية تعتبر أهم حق من حقوق الإنسان وأكثرها محورية، وبدونها لن يكون هناك سلام عادل ومستدام، وتثبت الوقائع التاريخية هذا الأمر مرارا وتكرارا.

وذكرت ماثيسون أن الحكومات حول العالم استيقظت على أهمية الحرية الدينية وجعلها على رأس الأولويات وفي مركز سياساتهم الخارجية بتعيين سفراء ومبعوثين خاصين. كما أطلقت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب صندوق دوليا للحرية الدينية. كما تعمل العديد من المنظمات الدولية على دراسة وجمع وإعداد تقارير عن الاضطهاد الديني والقيود المفروضة على الحرية الدينية وإنكار حق التعبد بحرية وتدمير أماكن العبادة وتخريبها والتمييز والحبس والقتل على أساس الدين، لافتة إلى أن صياغة سلام عادل وشامل على مستوى الجنس البشري لن يتأتى دون أن يكون هناك تسامح واحترام متبادل مع ضمان حرية التعبد لأي كان بغض النظر عن ديانته أو مذهبه.

وأكدت ماثيسون أن مملكة البحرين تمثل نموذجا تاريخيا ناجحا في هذا الشأن، وتواصل السير على هذا النهج القويم بفضل الرؤية الحكيمة لجلالة الملك وإيمانه العميق بجوهرية التسامح والتعايش والصفح عند المقدرة للعيش بسلام ووئام، لافتة إلى أن المنامة أصبحت اليوم مقرا للكثير من دور العبادة المتنوعة مما يترجم أن البحرين كانت ومازالت وستبقى أرض السلام يحكمها ملك السلام حمد بن عيسى.

من جهتها، قالت نائب الرئيس التنفيذي المشارك في مجلس نيويورك للحاخامات الحاخام ديانا جيرسون “نشكر جلالة الملك جزيل الشكر على شجاعته وقلبه الكبير للمضي قدما في عملية السلام مع إسرائيل. السلام يأتي من الإلهام الشجاع وتعزيز الاحترام المتبادل وتعميم المحبة بين الجميع وتقدير جميع الأديان”.

وأضافت جيرسون “بغض النظر عن انتماءاتنا وأصولنا وأعراقنا، كلنا مرتبطين بهذه الأرض وبهذا والكوكب بصورة أو بأخرى كبشر وأناس من دم ولحم واحد. ومملكة البحرين تترجم ذلك كله بفضل مليكها الحكيم المحب لجميع الأعراق والأطياف والمؤمن إيمانا عميقا بأن السلام لن يصبح واقعا ملموسا دون إرادة شجاعة ومبادرة محبة للعدالة؛ حتى يعم الخير جميع البشر”.

بدورها، قالت باني دوغال الممثل الرئيسي للجماعة البهائيّة العالميّة لدى الأمم المتحدة إن احترام الحرية الدينية أمر حتمي لتحقيق السلام والقضاء على كافة أشكال الاضطهاد والقمع المبني على أساس الدين أو المعتقد، مشيرة إلى أن الكل لديه مسؤولية في هذا الشأن من صناع قرار سياسي ورجال دين، ولفتت إلى أن المملكة تقف استثنائية في مسعاها الطويل والتاريخي في تعظيم فرص التعايش بسلام والعدالة البشرية واحترام حقوق الإنسان.

من جهته، قال الحاخام في باريس موسي لوين إن مملكة البحرين تمثل التنوع الحضاري ولقاء الأديان والثقافات بتعدديتها الاستثنائية وترسيخها مبادئ التسامح والتعايش السلمي، مضيفا “لقد غيرت زيارتي للبحرين في العام 2015 حياتي وجل أفكاري، حيث أعطتني بارقة أمل لتعميم التجربة البحرينية الرائدة في تقبل الآخر المختلف واحترام الحرية الدينية وتعزيزها بين الجميع”.

وأضاف لوين “إن توقيع البحرين والإمارات اتفاقيتي السلام مع إسرائيل قد أثلج صدورنا، حيث ساهمت هذه الاتفاقية وستساهم في إلهام دول وأقاليم العالم بنموذج المملكة المميز، وزرعت الأمل لدى نفوس سكان المنطقة وشعوبها بأن السلام ممكن في الشرق الأوسط في المحصلة النهائية”.

بدوره، قال الأب برايان ماكويني مدير مكتب شؤون حوار الأديان بمطرانية نيويورك أنه يتوجب على دول العالم الاقتداء بالتجربة البحرينية المميزة في احترام كافة الأديان وإيجاد لغة حوار مسالمة بين الجميع؛ حتى يعيش البشر بسلام ووئام.

وأضاف “يجب علينا كأصدقاء وشركاء وإخوة وأخوات أن نجد لغة مشتركة للحب والاحترام المتبادل، فما يسبب التفرقة فيما بيننا هو سوء الفهم في مجتمعنا سواء أكنا متعمدين أم غير مدركين لذلك. جميعنا خلقنا الله لنكون الأشخاص الذين نكون عليه وفق ما كتبه القدر لنا، والاستفادة من قدراتنا وإمكانات الآخرين والتمتع بمنظور متنوع ومختلف في التعاطي مع المحيط حولنا”، مؤكدا أن الشباب هم قادة المستقبل، وأن إحراز أي تغيير أفضل في مجال ضمان الحريات الدينية وحب البشرية مرهون بتنشئة الأجيال القادمة على حب الآخرين بغض النظر عن دينهم أو لونهم أو عرقهم.

إلى ذلك، قال الإمام كوكاج طاهر نائب رئيس المركز الإسلامي الثقافي الألباني إن العدالة والسلام لا يحيا من دون الحرية، ولن تكون متدينا دون أن تكون حرا، مضيفا “علينا العمل معا للوصول إلى تناغم ملموس. مملكة البحرين دولة صغيرة الحجم، ولكنها كبيرة بعطائها اللامحدود في تجربتها الإنسانية ووقوفها إلى جانب الحقيقة والحق وحمايتها لحقوق الإنسان مهما اختلفت انتماءاتهم”.

وذكر أن الإسلام والمسيحية واليهود نشأت في نفس المنطقة الشرق أوسطية، وفيها الكثير من القواسم الدينية والإنسانية المشتركة، مردفا “نقتدي بالأنبياء وما يتحلون به من خصال حميدة من بينها التسامح والحريات الدينية، فالحرية هي المفتاح للسلام والدين القويم. علينا تعلم الحوار ومنح الفرصة للجميع للتعبير والتعبد بحرية دون قيود أو عراقيل”.

من جانبه، أكد القس ويليام ديفلين أن مملكة البحرين تعتبر منارة مبهرة للحرية الدينية والتعايش السلمي، ولابد من الجميع التعلم من تجربتها الفريدة، خصوصا وأن الحرية الدينية هي مفتاح النجاح لتحقيق السلام، مشيدا بما جاء من مضامين في إعلان مملكة البحرين والذي خطه جلالة الملك بمبادئ وقيم إنسانية نبيلة ستساعد البشر على الخلاص من ويلات الكراهية والتعصب.

من جهتها، قالت كلوي برايار المدير التنفيذي لمركز الحوار بين الأديان في نيويورك إن مملكة البحرين برزت كمثال قابل للحياة والتطبيق في تقبل الأقليات وتهيئة الأرضية المناسبة لها للعيش بسلام ووئام مع الشعب، مشيرة إلى أن هذه التجربة يمكن تعميمها على دول مثل الصين والهند التي تواجه فيها الأقليات أشكالا مختلفة من الاضطهاد والتمييز على أساس الدين أو المذهب.

من جانبه، قال اومانغ غوفيند، رجل دين هندوسي مقيم في نيويورك: “لقد ولدت في البحرين ولدي تجربة جميلة حول التعايش السلمي هناك، المعبد الهندوسي يقف شاهدا في المنامة على 200 سنة من التنوع الثقافي والتسامح والتعايش بسلام مع الأديان الأخرى. يعود الفضل في ذلك كله إلى العائلة المالكة والحكومة الموقرة التي كانت داعمة دائما للطائفة الهندوسية وغيرها من دور عبادة لممارسة طقوسهم الدينية بحرية مطلقة”.

وأضاف “يشكل الدين طريقة حياة مثالية للبشرية؛ ليمنح الناس بصيص أمل في أحلك الظروف كما هو الحال مع مواجهتنا تبعات فيروس كورونا. الجائحة تشكل فرصة لنا جميعا للاحتفال بالتعايش بسلام وتعلم الخير ونبذ الشر. كما تقع على الشباب مسؤولية لإرسال هذه الرسالة النبيلة وإيجاد الأدوات الأمثل لكيفية التعايش بأفضل طريقة ممكنة”.