+A
A-

ضرورة تعاون البنوك والمؤسسات في البحرين

دعا خبير مصرفي البنوك وجميع المؤسسات للتعاون معا ومع حكومة مملكة البحرين؛ من أجل مواجهة التحديات الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد نتيجة جائحة فيروس كورونا (كوفيد 19) التي أضرت بالعديد من القطاعات؛ نظرا للإجراءات الاحترازية التي تم اتخاذها للتصدي لهذا الوباء والحفاظ على السلامة العامة.
وأشاد الرئيس التنفيذي لبنك الإثمار ونائب رئيس مجلس إدارة جمعية مصارف البحرين أحمد عبدالرحيم بدور حكومة مملكة البحرين منذ بداية الأزمة وعلى الجهود التي بذلتها لحماية المواطن واحتواء انتشار فيروس “كوفيد 19”، حيث حصلت هذه الجهود على إشادة دولية من منظمة الصحة العالمية. كما نوه بأن القرارات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة الرشيدة ساهمت في دعم الأفراد والعديد من القطاعات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة للمحافظة على عجلة التنمية، محاولة بذلك الحد من التأثيرات السلبية التي أحدثتها هذه الأزمة على الاقتصاد الوطني.
وقال عبدالرحيم: “إن توجيهات الحكومة بإطلاق حزمة مالية واقتصادية للقطاع الخاص وقرارات اللجنة التنسيقية منذ بداية الأزمة كان لها عظيم الأثر في محاولة تجنب وتقليل الآثار السلبية على الاستقرار الاقتصادي. إنها ظروف استثنائية أثبتت تكاتف المجتمع البحريني بأسره قيادة وحكومة وشعبا للتصدي لهذه الجائحة. وقد تضمنت هذه القرارات تكفل الحكومة الموقرة بسداد قيمة فواتير الكهرباء والماء لكافة المشتركين من الأفراد والشركات ودفع رواتب المواطنين البحرينيين العاملين في القطاع الخاص كاملة لمدة 3 شهور ابتداءً من شهر أبريل وما نسبته 50 % من رواتبهم لمدة 3 أشهر أخرى ابتداءً من شهر يوليو، إضافة إلى إعفاء بعض المؤسسات الأكثر تضررا من رسوم العمل. وهو ما يعكس حرص المملكة على عدم المساس بالمستوى المعيشي للمواطنين ويعزز من قدرة أصحاب الأعمال على مواجهة التحديات التي فرضتها الظروف الحالية، وهذا يؤكد أيضا على مواصلة واستمرار الجهود الرامية إلى تحقيق التنمية المستدامة”.
كما قال عبدالرحيم: “إن الدعم المقدم لقطاعات معينة دون أخرى هو نتيجة لتأثرها الشديد بالجائحة. وهنا تأتي أهمية تركيز وتوجيه حزمة الدعم بكفاءة والانتفاع بها قدر المستطاع من خلال توجيهها بشكل صحيح كما فعلت حكومة مملكة البحرين؛ من أجل تحقيق التوازن ومواصلة العمل نحو إحراز المزيد من التقدم لتجاوز الأزمة بنجاح”.
وأضاف عبدالرحيم: “لاشك أن أزمة كورونا أحدثت تغييرات جذرية على جميع الأصعدة، وأن العالم لن يعود إلى ما كان عليه قبل كورونا في المستقبل القريب. لذلك علينا دراسة المعطيات والتحديات بجدية والبحث عن سبل جديدة ومتطورة لإدارة هذه الأزمة والعمل على تنمية الاقتصاد والتقليل من التأثيرات السلبية على مختلف الأعمال والقطاعات. ويجب علينا أيضا أن نفكر بطرق جديدة ومبتكرة ووضع خطط تساعدنا على مواصلة النمو وتجاوز المصاعب التي تواجهنا في ظل هذه الظروف غير العادية التي نمر بها”.
وأكد عبدالرحيم قائلا: “أن المصارف تلعب دورا رئيسا في مواجهة هذه الأزمة من خلال دعم العملاء من الأفراد والشركات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتوفير التمويلات اللازمة والسيولة ومواصلة دورها الذي يهدف إلى دفع العجلة الاقتصادية. ويأتي دور المصارف معززا بحزمة من القرارات التي أصدرتها الحكومة الرشيدة ومصرف البحرين المركزي للمساعدة على استيعاب الآثار السلبية المترتبة على هذه الأزمة ولحماية استقرار القطاع المالي بمملكة البحرين. وقد تضمن ذلك تخفيض أسعار الفائدة وتخفيف عدد من المتطلبات المتعلقة بالاحتياطات القانونية؛ لتوفير المرونة اللازمة، والتي من شأنها دعم قدرة المصارف على تأجيل الأقساط ودعم العملاء بصورة أكبر وتحصين الأوضاع المالية للمصارف”.
وواصل عبدالرحيم: “أود أن أؤكد هنا بأن مبادرة تأجيل أقساط التمويلات لمدة ستة أشهر ساعدت العملاء من الأفراد والشركات على استيعاب التأثيرات الاقتصادية الناتجة عن تفشي الوباء وتجنب تدهور الأوضاع الاقتصادية، والتي كان سيكون لها تأثيرات حادة على الاقتصاد الوطني. كما أن هذه الخطوة كانت ستقلل من قدرة المصارف على توفير السيولة المطلوبة ومواجهة التزاماتها المالية وتوفير التمويلات للعملاء، ولكن مصرف البحرين المركزي وفر السيولة اللازمة ومن دون أرباح لفترة 6 أشهر. وهذا خير دليل على أهمية تقديم الدعم والتعاون بين جميع الجهات؛ لضمان توجيه الاقتصاد نحو المسار الصحيح”.
وصرح عبدالرحيم: “إن المصارف حاليا تعمل على الإعداد لفترة ما بعد تأجيل الأقساط، في نهاية شهر أغسطس، بما يضمن تخفيف الأعباء المالية على الشركات حتى تتحسن ظروف السوق وقدرة الشركات على مواجهة التزاماتها المالية مع المصارف. وسيتم التأقلم مع هذا الوضع الانتقالي من خلال عدة برامج ستطرحها بعض المصارف كإعادة هيكلة التمويلات وتخيف الأقساط وإجراءات أخرى تسهل على القطاعات الاقتصادية في تحسين ظروفها المالية”.
أشار عبدالرحيم قائلا: “إن بنك الإثمار حاليا يقوم بالمتابعة المستمرة لأوضاع عملائه من الأفراد والمؤسسات والمستثمرين، ويتم التواصل معهم لمعرفة مدى تأثرهم بالظروف التي نمر بها وقدرتهم على تحمل التحديات الصعبة. كما يتم أيضا دراسة توجهاتهم وخططهم المستقبلية؛ من أجل قيام البنك بالعمل على ضمان تلبية متطلباتهم والتزاماتهم المالية ووضع الخطط وتحديث المنتجات والخدمات بناءً على هذه الدراسات”.
كما قال عبدالرحيم: “إننا في بنك الإثمار نقوم أيضا بمتابعة التغيرات الاقتصادية التي تطرأ على السوق والقطاع المصرفي، حيث إن ذلك يحدث تغييرات في القوة المالية للعملاء ويخلق حاجة ملحة لإعادة هيكلة التمويلات المتنوعة التي يقدمها البنك لعملائه. ويجب في هذه المرحلة الاستجابة السريعة لهذه المتطلبات المتغيرة للسوق وتوفير المنتجات والخدمات المصرفية التي يحتاجها العميل”.
وأضاف عبدالرحيم: “إن مملكة البحرين تمكنت من تعزيز مكانتها كواحدة من المراكز المالية والمصرفية الرئيسة في المنطقة. ويمثل القطاع المصرفي أهمية بالغة بالنسبة للاقتصاد الوطني البحريني، فهو يشكل ما نسبته 16.5 % من الناتج المحلي الإجمالي ويوفر ما يزيد عن 14 ألف وظيفة، أغلبهم بحرينيو الجنسية”.
واستطرد عبدالرحيم بالقول: “إن الظروف التي نمر بها أثرت على كثير من القطاعات وأوقفت أو أبطأت العديد من الأنشطة، وهذا من شأنه أن يؤثر على الاستثمارات والعائدات، والتي بدورها أن تؤثر على القطاع المصرفي. فجميع الأنشطة مترابطة وتؤثر على بعضها البعض ولا يمكن استثناء البعض منها. لذلك أؤكد ضرورة التعاون فيما بيننا؛ لتجاوز هذه الأزمة والتخفيف من تداعياتها وآثارها السلبية”.
كما قال عبدالرحيم: “إنه من الضروري لجميع القطاعات والأعمال التجارية الاستمرار في أداء مهامها والبحث عن خطط وفرص بديلة. وهنا يأتي دور التكنولوجيا التي ساعدت الكثير من القطاعات على الاستمرار في أداء عملها خلال هذه الفترة، وهو ما يثبت أن الابتكار عنصرا مهما للنجاح ومواصلة التقدم”.
وأضاف عبدالرحيم: “لقد بدأنا منذ مدة طويلة في بنك الإثمار بإعداد وتطوير البنية التحتية للتكنولوجيا لدينا. وقد حرصنا على توفير العديد من الخدمات المصرفية عبر الإنترنت وقمنا مع بداية الأزمة بحث جميع العملاء على استخدام خدماتنا المصرفية التي نوفرها عبر الإنترنت، وأكدنا أن جميع معاملاتنا تقريبا يمكن استكمالها دون الحاجة لزيارة الفروع. وهذا بدوره يحمي العملاء والموظفين ويسهم في الحد من انتشار فيروس كوفيد 19”.
وأوضح عبدالرحيم: “لقد تم الحديث مرارا عن أهمية التكنولوجيا المالية “الفنتك”، وكيف أنها ستحدث تغيرات في طريقة إدارة المعاملات المصرفية. ونحن اليوم أصبحنا بالفعل بحاجة ماسة لهذه التكنولوجيا؛ من أجل استمرار الأعمال وتوفير الخدمات اللازمة للمواطنين والمؤسسات. وهذا من شأنه أن يقلل الضغوط التي تنشأ لدى أصحاب الأعمال إذا تمكنوا من التفكير بطرق مبتكرة لمواصلة تقديم خدماتهم وضمان استمرار أعمالهم. كما أصبح دراسة السوق وتحليل المعطيات ضرورة لابد منها؛ من أجل معرفة أفضل الخيارات المتاحة لتوسيع الأعمال فيها”.
وواصل عبدالرحيم: “لابد من البحث عن فرص جديدة، فهذه الأزمة والتي أدت إلى هبوط أسعار النفط إلى مستويات غير مسبوقة وأحدثت تأثيرات على الإيرادات والاستثمارات، ستضع ضغوطا للبحث عن فرص استثمار في أنشطة غير نفطية. وعلينا هنا الاستعداد لمرحلة ما بعد أزمة كورونا، خصوصا أن جميع الدراسات والتحليلات للأوضاع الراهنة تشير إلى أننا سنواجه انكماشا اقتصاديا، حيث توقعت وكالة «ستاندرد آند بورز» للتصنيف الائتماني، أن ينكمش اقتصاد البحرين بنسبة 5 في المئة في 2020”.
وأكد عبدالرحيم: “أن المصارف سيكون لها دور مهم ورئيس في تلك المرحلة. وعليها البحث عن فرص جديدة والعمل على مساعدة الأفراد والمؤسسات؛ للإيفاء بالتزاماتهم المالية. كما يجب أن يتضمن ذلك وضع خطط لاستثمارات جديدة خاصة المتعلقة بالبنية التحتية الرقمية، والعمل على تشجيع الاعتماد على التكنولوجيا لتلبية احتياجات السوق وطلبات الأفراد”.
كما قال عبدالرحيم: “بالإضافة إلى الدور المهم للمصارف، فإن نجاح عودة وتعافي الاقتصاد سيكون أيضا من خلال تكاتف جهود كل من الحكومة ومصرف البحرين المركزي والقطاع المالي والاقتصادي متمثلا في غرفة تجارة وصناعة البحرين. كما تجدر الإشارة إلى أهمية استمرار التسهيلات الرقابية والتنظيمية التي وفرها مصرف البحرين المركزي وحزمة الدعم المالي المقدمة من وزارة المالية والدور الرئيس لمؤسسة تمكين في دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بما يحقق استمرار عجلة الاقتصاد والتنمية”.
وأضاف عبدالرحيم: “إن المسؤولية التي تقع على عاتقنا كبيرة، ولكننا على ثقة بالقطاع المصرفي في البحرين، بدعم مصرف البحرين المركزي، وقدرته على مواجهة هذه الأزمة وغيرها. وأود أن أؤكد بأن تعاون جميع الجهات والأطراف في هذه الفترة هو أمر في غاية الأهمية. وإلى جانب الدور المهم الذي تقوم به المصارف؛ من أجل دعم الاقتصاد الوطني، فإن تخطي الأزمة وتداعياتها سيكون من خلال العمل مع الحكومة وجميع المؤسسات ومساعدة القطاعات الأكثر تضررا للتعافي من التأثيرات الاقتصادية السلبية عليها”.