+A
A-

“الشيبس” والكاكاو والأرز “الملغوم”.. هل تباع بالبحرين؟

السعد: مزيد من البحث لتقييم الآثار الصحية

عبد الرسول: لوضع ملصقات واضحة على المنتجات المعدلة

“المستهلك”: نستقبل شكاوى الأغذية ونوصلها للصحة

“الزراعة”: إجراء تحاليل على البذور والأغذية

 

السؤال المحوري لملفنا اليوم، يطرق بابا غير مطروق سابقا، ولم يتم تداوله محليا بطريقة تكشف النقاب عن كثير من أسراره الخفية، ويدور حول “الأغذية المعدلة وراثيا”، ويطرح للمناقشة فرضية عنوانها:

هل تباع الأغذية المعدلة وراثيا بالبحرين، ومنها الذرة المعلبة أو الشيبس أو الشوكلاته، الأرز، البطاطا وغيرها، وهي التي قد لا تكون معروفة لدى العامة بأنها معدلة جينيا، والتي يدور حولها جدل عالمي مستمر عن ملاءمة أو عدم ملاءمة هذه الأغذية على الصحة العامة، بل إن بعض الدول حظرت استيراد هذه المنتجات.

وفي هذا المجال، قال الوكيل المساعد للزراعة عبد العزيز عبد الكريم، بأن  وزارة الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني طورت المختبرات الزراعية بإنشاء المركز الوطني للمختبرات الزراعية بهورة عالي، والذي يضم المختبرات التخصصية النوعية كمختبر التحليل الجزيئي الحيوي ومختبر التحليل الجزيئي للموارد الوراثية النباتية، ومن مهام هذه المختبرات إجراء التحاليل والاختبارات اللازمة في الكشف عن المنتجات المحورة وراثيا سواء كانت بذورا أو مواد غذائية.

وذكر، أما الجانب التشريعي فيما يتعلق بتداول المواد المحورة وراثيا، فقد نصت المادة رقم (14) من قانون البذور والتقاوي والشتلات لدول مجلس التعاون رقم (34) لسنة 2012 على أنه “لا يجوز تداول البذور والتقاوي المحورة وراثيا إلا بعد الحصول على ترخيص من السلطة المختصة بذلك، مؤكدا، وفي الوقت الراهن يحظر استيراد البذور المحورة وراثيا، مع اشتراط أي شحنة أن يصحب معها إقرار من السلطة المختصة ببلد المنشأ يفيد أن البذور غير محورة وراثيا.

وأضاف، أما فيما يخص إنتاج أو زراعة منتجات زراعية محورة وراثيا، فلقد بدأ تداول المحاصيل الزراعية المحورة وراثيا لأول مرة تجاريا وذلك في العام 1996، وما هو متداول دوليا من المنتجات المحورة وراثيا يتمثل في فول الصويا (50 %)، الذرة (30 %)، القطن (14 %)، الكينولا (5 %) ومحاصيل أخرى (1%). أما على المستوى المحلي، فلا يوجد في المملكة أي برنامج إنتاجي لأي من المحاصيل المحورة وراثيا يذكر في الوقت الحالي، منوها، وفيما يتعلق بإيجابيات الإنتاج للمواد المحورة وراثيا تم اللجوء للتحوير الوراثي؛ بهدف الحد من مخاطر الآفات الحشرية من خلال إنتاج أصناف مقاومة لها أو مقاومة لمبيدات الحشائش، إضافة إلى تحسين الصفات لجودة المنتج أو الاستساغة كالطعم أو تحسينا للقيمة الغذائية أو الزيادة في الإنتاج أو التحمل للظروف البيئية غير الملائمة للزراعة وغيرها من الصفات المرغوبة.

وبيَّن عبدالعزيز، وعلى رغم من التطور الحاصل في مجال التقانات الحيوية إلا أنه لا تزال المحاصيل الزراعية المحورة وراثيا محدودة العدد والانتشار، ويعود ذلك إلى أسباب عدة، منها النواحي التشريعية للتداول، والتخوف من آثارها على الأصول الوراثية النباتية الطبيعية، وصحة وسلامة المستهلكين، والكلفة العالية للبذور والتقاوي المحورة، وجوانب أخرى يرى نشطاء البيئة أنها مهددة للتنوع الحيوي للنباتات والسلسلة الغذائية العامة.

من جانبها، عرفت أخصائية التغذية العلاجية أريج السعد، الأغذية أو الأطعمة المعدلة وراثيا، أنها التي تم تغير خصائصها أو صفاتها الوراثية عن طريق إدخال التعديل على حمضها النووي بطرق غير طبيعية باستخدام تقنية الهندسة الوراثية، من خلال إدخال جينات دخيلة من نباتات أو حيوانات أخرى داخل الشفرات الوراثية للنبات أو الحيوانات المراد تغير صفاتها، وينتج عن ذلك أغذية مُنكَّهة، ومقاومة للأمراض والجفاف، كما في الأمثلة التالية:

تم إنتاج طماطم مقاومة للصقيع ودرجات الحرارة المنخفضة “درجات التجمد”، وذلك من خلال إضافة جين مضاد للتجمد “من السمك المفلطح الذي يعيش في المياه الباردة”، إلى حمضها النووي.

وفي الآونة الأخيرة صدّقت هيئة الغذاء والدواء الأميركية على أنواع من البطاطا والتفاح التي لا يتغير لونها، حيث تمت هندسة التفاح وراثيا من خلال تخفيض مستويات الأنزيمات التي قد تتسبب في تغيير اللون.

وقد تم حتى الآن تعديل العشرات من مورثات الكائنات الحية “نباتية أو حيوانية” أشهرها فول الصويا، الأرز، الذرة، دوار الشمس الترمس، البطاطس، الطماطم القرع قصب ألسكر، الشمندر، واللفت. وكذلك من الأشجار التفاح والجوز والحمضيات، وكذلك ألحيوانات، ومنها الأرانب والأسماك والطيور والأبقار وغيرها.

وهل الأغذية المعدلة وراثيا آمنة للأكل؟

أشارت السعد إلى أن الأغذية المعدلة وراثيا تحتوي على مورثات مختلفة تم إدخالها بطرق مختلفة. هذا يعني بأن سلامة الأغذية المعدلة وراثيا يجب أن تقيم لكل حالة على حدها. وأنه ليس من الممكن إعطاء تصريحات عامة عن أمان وسلامة كل الأغذية المعدلة وراثيا، مردفة أن منظمة الأغذية والزراعة شددت على حتمية خضوع كل منتج جديد للفحص والدراسة العلمية لتقييم فوائدة ومخاطر التعديل الوراثي على حدة، وهذا يعنى دراسة منفصلة لكل منتج غذائي قبل السماح بالإنتاج أو بالاستخدام؛ لمعرفة التأثير على المدى البعيد، وهناك جدل واسع بشأن الأغذية المعدلة وراثيا وتأثيراتها السلبية على الصحة وخصوصا على مدى بعيد، وبشكل عام يجب أن تلبي الأغذية المعدلة وراثيا نفس متطلبات السلامة للأطعمة المزروعة من بذور غير معدلة وراثيا، وبالفعل، فهناك العديد من المخاوف بشأن احتمالية علاقتها بالإصابة بالتحسس وزيادة المقاومة للمضادات الحيوية، التسمم، وبعض الأنواع من السرطانات، ومن ناحية عملية بالنسبة للحساسية وفقا لمراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها، فإن هناك تزايدا في معدلات الإصابة بالحساسية الغذائية في الولايات المتحدة لدى الأطفال ما دون سن 18، حيث زادت من 3.4 % بين 1997 و1999 إلى 5.1 % بين 2009 و2011.

وأكدت أريج، يعتقد بعض الناس أن الارتفاع يرتبط بالأطعمة المعدلة وراثيًا، ولكن ليس هناك دليل على أن الأطعمة المعدلة وراثيًا تثير الحساسية أكثر من الأطعمة غير المعدلة وراثيًا، وفقًا لدراسة من جامعة هارفارد، لذلك تنص البروتوكولات الموضوعة من قبل منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) ومنظمة الصحة العالمية (WHO)، على ضرورة إجراء الاختبارات اللازمة للتأكد من عدم قدرة الأغذية المعدلة وراثيا على التسبب بالحساسية، وهي أحد المعايير الضرورية لتقييم المنتج قبل طرحه في الأسواق.

مقاومة المضادات

وعلى صعيد متصل، أكدت السعد أن البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية تمتاز بقدرتها على مقاومة المضادات الحيوية، مما يؤدي إلى صعوبة قتلها وعلاج بعض الأنواع من العدوى الناجمة عن الإصابة بمثل هذا النوع من البكتيريا، ووفقا لمركز مكافحة الأمراض والوقاية منها CDC، هناك مليون شخص كل عام يصاب بعدوى البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية، وما لا يقل عن 23000 حالة وفاة سنويا جراء إصابتهم بالبكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية، وهنا يتساءل بعض الناس عما إذا كان هناك رابط بين هذه الأطعمة المعدلة وراثيًا وارتفاع معدلات البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية، حيث يتم استخدام جينات مقاومة للمضادات الحيوية في الهندسة الوراثية، إلا أنه لم تثبت الدراسات صحة هذا الإدعاء، لذلك فهناك حاجة ملحة إلى مزيد من الدراسات.

وما علاقتها بالسرطان؟

أشارت السعد انه وفقا لجمعية السرطان الأمريكية هناك حاجة إلى مزيد من البحث لتقييم الآثار الصحية المحتملة على المدى الطويل للأطعمة المعدلة وراثيًا، مبينة، أن مجلة علم السموم الغذائية والكيميائية نشرت دراسة عن علاقة الأطعمة المعدلة وراثيا والإصابة بالسرطان، حيث أجريت الدراسة على عينات من الفئران، وكانت نتيجتها إصابة الفئران بالسرطان وموتها، ولكن تم انتقاد نتائج الدراسة، لعدة أسباب أولها إن عينات الفئران المستخدمة في الدراسة قليلة، وإن سلالة الفئران المستخدمة في الدراسة من الأنواع المعرضة للإصابة بالسرطان، لذلك تعتبر نتائج الدراسة غير حاسمة للربط ما بين علاقة الأغذية المعدلة وراثيا والسرطان.

ووفقًا لجمعية الأمريكية للسرطان، هناك حاجة إلى مزيد من البحث؛ لتقييم الآثار الصحية المحتملة على المدى الطويل للأطعمة المعدلة وراثيًا.

تغييرات بالحمض النووي

أفادت العضو المؤسس لمبادرة “أبدع من بيتي” استشارية طب العائلة أمل الجودر، أن الأطعمة المعدلة وراثيا هي الأطعمة المشتقة من كائنات معدلة وراثيا، أي تم إدخال بعض التغييرات إلى الحمض النووي لديها عن طريق الهندسة الوراثية، وقد تكون أغذية نباتية كفول الصويا والذرة، وقد تكون منتجات حيوانية أيضا.

وأوضحت الجودر، وعلى الرغم من أن الهدف من التعديل الوراثي هو لإكسابها الصفات والمميزات التي تعود بالنفع على المزارع وعلى والمستهلك كزياده فترة الحفظ وإدخال بعض الفيتامينات مثل فيتامين “ ألف “ إلى الأرز وإنتاج نباتات تستطيع مقاومة الظروف البيئية كالحرارة والجفاف والملوحة وعدم التأثر بالمبيدات الحشرية، إلا أننا لا نستطيع الجزم بسلامتها وعدم تأثيرها السلبي على الإنسان على المدى البعيد.

وأردفت، قد تكون الأغذية المصنعة وراثيا إضافة إستراتيجية واعدة من المختصين والخبراء لحل مشكلات المجاعة والفقر مع زياده عدد السكان مما يجعل الناس قادرين على الزراعة بتكاليف أقل، مستدركة، لكن تبقى القضية قضية أخلاقية، فهي عملية مخالفة للطبيعة التي خلقها الله كما لابد من التأكيد على حق من حقوق المستهلك بالمعرفة وحرية الاختيار.

استقبال الشكاوى

بدورها، أوضحت، مديرة إدارة حماية المستهلك في وزارة الصناعة والسياحة والتجارة فضيلة الأكرم أن مهمة الإدارة هي استقبال كافة الشكاوى “التجارية” للمواطنين والمقيمين على أرض مملكة البحرين، حول كافة المنتجات الغذائية الموجودة بهذه الأسواق، ونبلغ بها وزارة الصحة لتتخذ اللازم حولها؛ لأنها الجهة المسؤولة بالدرجة الأولى حول اللائحة العينية عن المواد الغذائية.

وأشارت الأكرم، نحن كوزارة تجارة نمنح التراخيص للسجلات التجارية، وبالتالي فنحن جهة مسجلة ومرخصة فقط لسجلات المنتوجات الغذائية، ولكن وزارة الصحة هي جهة الاختصاص بمنح الموافقة على السجل التجاري، وبالتالي فحماية المستهلك تستقبل الشكاوى عن الأغذية من البائع والمستهلك وتوصيلها لجهة الاختصاص فقط؛ للنظر فيها ومتابعتها.

يخدم البشرية

من جانبه، يرى الأستاذ المساعد في الوراثة الجزئية، في قسم علوم الحياة في جامعة البحرين، عبدالله عبدالرسول، ويحمل الدكتوراه في الوراثة الجزيئية من جامعة “ مكجل “ في كندا، أن دخول العالم للمجال التجريبي والمختبري من أجل الأغذية أو المزروعات المعدلة جينيا بدأ مبكرا منذ الثمانينات، ولكن تعميمه كان يعامل بحذر عالمي؛ لأن ليس كل العناصر المعدلة وراثيا صالحة للتعميم، لوجود شروط وبرتوكولات خاصة.

وتابع: هناك تجارب نجحت كما في الأرز “ الإفريقي “، لكن بعض التجارب، والتي كانت على أنواع أخرى كما في التعديل الوراثي للنباتات، ينظر إلى تأثير الجانب الصحي على الإنسان؛ لأنها تشمل تغيير المخزون الوراثي “ للكائن “ الزراعي من ناحية تطويرية، فلكل كائن مفهوم يسمى “ النسق التطوري “، وهو ما يعني التوازن في الصور الجينية في كل مجتمع نباتي أو حيواني، والتي يتم تغييرها من خلال إضافة مؤشرات أخرى، كما في استخدام المضادات الحيوية، والتي تؤدي إلى خلق مناعة لدى مجتمعات هذه الكائنات لها صفة مقاومة “ المضادات الحيوية “، والتي تصل إلى مرحلة يصعب السيطرة عليها مع تطور الأجيال المتعاقبة، فمثلا، عند نقل الجين إلى الكائن المراد تطويره “ حيواني أو نباتي “، فما يحصل أحيانا أن الجينات التي يتم “حقنها “ لتصل إلى الكروموسوم، لا تصل إليه وإنما تصل لمكان آخر، وقد تغير السلسلة الوراثية للكائن.

واستكمل قائلا: ولكن لابد هنا من التأكيد أن هناك تجارب في الجينات الوراثية، خدمت البشرية، كما في هرمون الأنسولين، والذي تم تطويره من الأبقار في البداية ثم تم تطويره من الإنسان من خلال بكتيريا معدلة تحمل هذا الجين المطور ليستخدم في إنتاج دواء يخدم البشرية، ومن خلال تجارب مضمونة.

وختم عبد الله بالقول: إن البحرين لها تجربة رائدة من خلال لجنة وطنية تضع معايير وأخلاقيات وبروتوكولات تنظيمية، لافتا لوجود دراسات بحرينية أو خليجية حول هذا الجانب، مؤكدا ضرورة وجود قيود لفحص الأغذية والمواد المعدلة وراثيا من خلال مختبر متخصص لفحص كافة المنتوجات المعدلة وراثيا، مع ضرورة فرض الجهات المعنية للدول المصدرة على وضع “ملصقات” واضحة على المنتجات توضح أي تغيير جيني أو وراثي فيه، يستطيع المستهلك الاطلاع عليها ومعرفة التعديلات في المنتج .