+A
A-

شركات “الزومبي” وتأثيرها على الاقتصاد البحريني في ظل “كورونا”

يكثر الحديث في الأروقة الاقتصادية والتجارية خلال جائحة “كورونا” عن شركات “الزومبي”، وهي الشركات الحية إلا أنها ميتة في الواقع، فهي شركات لديها ترخيص أو سجل وتزاول عملها بشكل قانوني لكن إيراداتها ضعيفة ولا تحقق قيمة حقيقية للاقتصاد، بل على العكس قد تكون شركات مضرة وتستنزف الموارد الاقتصادية كالعشب الضار والطفيلي في الأرض الزراعية الخصبة، فهل توجد مثل هذه الشركات في البحرين فعلا؟

تصريحات محافظ المصرف المركزي

وأثناء ندوة الأسبوع الماضي، حينما سئل محافظ مصرف البحرين المركزي رشيد المعراج عن حزمة الدعم المقبلة التي قد يتبناها المصرف بعد أن قام بعدد من الخطوات من بينها تأجيل الأقساط عن الأفراد والشركات، أشار المحافظ وبصراحة إلى أن هناك شركات لا يستفيد منها الاقتصاد، وأنها ربما استمرت في وقت سابق لأسباب ما، لكنها قد لا تستمر لفترة أطول.

وأن الدعم المقبل يجب أن يكون مستهدفا أو أكثر تركيزا على الشركات الأكثر تضررا من جائحة كورونا، ومن غير الواضح ما إذا كان المحافظ يقصد شركات “الزومبي”، لكن ذلك لا يمنع من أن شركات “الزومبي” يمكن أن ينطبق عليها نفس الوصف.

وأشار المعراج إلى أنه لا يمكن تحميل البنوك فوق طاقتها، وأن السيطرة على مستويات قروض متعثرة في حدود دنيا يظل هدفا قائما.

شركات “الزومبي” وخطورتها

انطلق مصطلح “الزومبي” من شاشة السينما إلى عالم الشركات في بداية هذه الألفية، حين خرجت اليابان من فترة انتعاش تقلصت على إثرها الأصول المالية التي كانت البنوك اليابانية تقرض الشركات على أساسها، وبدلا من أن تقوم البنوك من شطب الديون غير الجيدة أو المشكوك في تحصيلها، تجاهلت البنوك هذه الأزمة لكي تحافظ على شكل قوي لمعدلات رأس المال، وتحت ضغط من الجهات التنظيمية لمنح القروض للشركات الصغيرة والمتوسطة لدعم الاقتصاد، قامت البنوك بمنح القروض حتى للشركات التي هي أصلا مشكوك في استمرارها في دفع التزاماتها، إذ أعطتهم قروضا جديدة أملا في تعافي الاقتصاد أو تدخل الحكومة وتدعم هذه الشركات، واستمرت هذه الشركات رغم عدم تحقيق إيرادات كافية، لكنها كلفت اليابان تبعات اقتصادية، إذ انهارت في الإنتاجية وتراجع التضخم لنحو عقد من الزمن.

وبات يطلق عليها شركات “الزومبي”، إذ إنها شركات تحقق إيرادات تكفي بالكاد لكي تسدد جزءا من ديونها.

وتزداد هذه الشركات بعد الدورات الهبوطية للاقتصاد، إذ شكلت أزمة 2008 الاقتصادية بداية مرحلة ازدهار شركات “الزومبي”.

وتكمن خطورة هذه الشركات الضعيفة ماليا، أنها تضعف الاقتصاد العام للدولة مع إنتاجية ضعيفة ومزاحمة الشركات المنتجة.

وتزداد المخاوف مع انتشار جائحة كورونا أن تكون هناك بيئة خصبة لهذه الشركات للاستفادة من تسهيلات الإقراض والاستفادة من حزم الدعم.

جعفري: اتفق مع المعراج

وقال المستشار في الشؤون الاقتصادية والإدارية أكبر جعفري “أتفق تماما مع ما ذكره محافظ المصرف المركزي، هناك الكثير من الشركات تستنزف الاقتصاد الوطني، وتحدثنا منذ سنوات وإلى اليوم بضرورة أن نكون أكثر انتقائية فيما يتعلق بجذب الاستثمارات وتحفيز الشركات التي تشكل قيمة مضافة للاقتصاد”.

وقال جعفري وهو خبير في مجال الإنتاجية “كثير من المؤسسات لا تساهم في الاقتصاد، بل على العكس هي تضر الاقتصاد الوطني وتستنزف موارد الدولة”.

ويشير جعفري “قبل 4 سنوات تقريبا، أتذكر أننا طرحنا نقاطا فيما يتعلق بضرورة مراجعة الاستثمارات الأجنبية والمحلية، وأن يتم تقييم هذه الاستثمارات وما إذا كانت تدعم النمو الاقتصادي، فعملية تقييم الاستثمارات مهمة، وفي شركة “جافكون” للاستشارات طرحنا نموذجا لهذه العملية”.

ودعا جعفري الجهات الرسمية لعمل دراسات تقيمية للقطاعات والشركات ومدى مساهمتها في النمو قائلا “بعض الشركات تأخذ من الاقتصاد 10 دنانير، لكنها ترجع لنا دينارين فقط، وهذا يعني أننا نسير للخلف، اعتقد أن كلام المحافظ هو توجه ذكي ومتقدم جدا من شأنه زيادة الإنتاجية ويكون الدعم لمن يحقق القيمة المضافة”.

القاهري: توجيه الدعم للقطاعات المتضررة

أما الخبير في مجال ريادة الأعمال ورائد العمل خليل القاهري، فيتفق تماما أن هناك الكثير من شركات “الزومبي” والمؤسسات التي تفتح وتستفيد من التسهيلات دون أن يكون لها فائدة حقيقية، واستشهد بتجربة المقاولات في فترات معينة، إذ كان الهدف من بعض الشركات هو استخراج “فيزا للعمالة الأجنبية” والمتاجرة بها.

وأقر القاهري أن حزمة الدعم الأولى شملت الجميع، وكانت فرصة لالتقاط الأنفاس، أما الآن فيجب أن يكون هناك توجيها أكبر في موضوع الدعم من جائحة كورونا.

وأكد القاهري أهمية “العدالة” فيما يتعلق بالدعم، فهناك قطاعات بحاجة لدعم أكبر ويجب توجيه الجهد نحوها.

وقال: أكثر شركات “الزومبي” تعيش على حزم الدعم المقدمة.

وأشار إلى تجربته الشخصية في مجال عمله، إذ ألغى خدمات عدة وتوجه للخدمات الإلكترونية، واستفاد من الدعم في مرحلته الأولى، لكن الآن يجد نفسه غير محتاج لهذا الدعم إلا أن ذلك لا يعني أن مؤسسات أخرى ليست بحاجة للدعم.