+A
A-

في العصر الرقمي... “الكاش” يحتفظ بجاذبيته الخاصة

تسلط ورقة البنكنوت من فئة 20 جنيه إسترليني، التي أدخلت في فبراير الماضي، الضوء على فنان القرن التاسع عشر “جوزيف تيرنر”.ويظهر أحد وجهي العملة الورقية البريطانية لوحة زيتية للفنان الإنجليزي تيرنر بعنوان “ذا فايتنج تيميرا” أو “The Fighting Temeraire”، إذ توضح سفينة حربية خشبية يتم سحبها لعملية إعادة تدوير السفن بواسطة قاطرة تعمل بالبخار.

وبعد أسابيع لاحقة من عمليات الإغلاق التي خلفها فيروس كورونا، قد تبدو هذه الصورة للتكنولوجيا القديمة التي استبدلت بأخرى جديدة أكثر ملاءمة للورقة النقدية، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة “فايننشال تايمز”.

وفي جميع أنحاء أوروبا وخارجها، أدى الوباء إلى تسريع عملية التحول بعيدًا عن النقد (الكاش)، وشجع على انتشار المدفوعات الرقمية.

وذكرت رئيسة شركة المدفوعات الأوروبية “فيزا” في الأسبوع الجاري أن الوباء قد يؤدي إلى تحول بعيدًا عن “الكاش” بشكل دائم.

وأشارت إلى أن التحركات المؤقتة للحد من استخدام العملة الورقية؛ بهدف كبح عملية تفشي الفيروس، قد تساهم في تغيير عادات العملاء.

وبغض النظر عن المصلحة الشخصية، فمن المرجح أن تكون رئيسة “فيزا” محقة.

وبالفعل، شهد الكاش تراجعًا في معظم أنحاء أوروبا، كما أن العديد من أولئك الذين أجبروا على البقاء في المنزل قد تحولوا إلى التسوق عبر الإنترنت وخدمات توصيل الطعام بشكل لم يحدث من قبل.

وفي نفس الوقت، وصل سعر سهم “باي بال”، وهي شركة المدفوعات الإلكترونية الأميركية إلى مستوى قياسي مرتفع هذا الأسبوع.

ومع ذلك، قد يكون من الخطأ الاعتقاد أن الكاش سيختفي تمامًا، أو أنه عبارة عن تكنولوجيا عفى عليها الزمن، إذ تعتبر العملات الرقمية أقدم كثيرًا من ذلك.

وربما كانت الأموال الأولى تتمثل في أقراص الطين في بلاد ما بين النهرين القديمة، التي لم تترك أبدًا المعابد والقصور المملوكة للبيروقراطيين، تمامًا مثلما هو الوضع حاليًا بالنسبة للعملات الرقمية المحصورة في رقائق السيليكون.

وقدمت العملة الورقية، التي تم إنشاؤها لاحقًا، مزايا تتمثل في القابلية للنقل، والأهم من ذلك بالنسبة لعصر اليوم، الخصوصية وعدم الكشف عن الهوية.

ولا يشكل “الكاش” جاذبية فحسب لأولئك الذين يريدون الابتعاد عن أعين البيروقراطيين لأسباب خفية، سواء لبيع المخدرات أو في أعمال مقابل تسليم الأموال باليد.

ومع انتقال المزيد من شركات التكنولوجيا إلى أعمال المدفوعات، فإن النقد يمثل وسيلة للمستهلكين للاحتفاظ بالبيانات الخاصة بإنفاقهم لأنفسهم.

وتُعد العملات الرقمية للبنوك المركزية، التي توفر بديلًا حكوميًا لشركات التكنولوجيا الكبرى بمثابة إحدى الوسائل للأفراد المهتمين بالخصوصية للاحتفاظ بسجلات لما يشترونه ويبيعونه بعيدًا عن شركات الإعلان.

ومع ذلك، يشعر الكثير من الناس بالقلق بشأن احتمالية وصول الحكومة إلى هذه البيانات مثلما يقلقون من الشركات الخاصة.

إن العملة الورقية لا يجب أن ينتهي عهدها، لكن كأداة أكثر تخصصًا سيكون من الصعب العثور عليها، إذ تخفض البنوك بالفعل عدد الفروع وأجهزة الصراف الآلي.