+A
A-

لماذا يتهاوى “الملاذ الآمن” أمام أنظار المستثمرين؟

تعرضت مكانة الذهب كملاذ آمن في أوقات الأزمات وعدم اليقين إلى ضربة قوية، مع اتجاه المستثمرين إلى بيع كل شيء مقابل الحصول على السيولة (الكاش).
ويضرب المعدن الأصفر بالأعراف التقليدية “عرض الحائط” وسط حالات عدم اليقين الشديدة، رغم المأزق المتعلق بوباء “كورونا” من منظور اقتصادي بحت أيضًا. ومن المعروف من الناحية التقليدية أن خسائر الأسهم تترجم إلى مكاسب في سوق المعدن النفيس؛ كونه يمثل ملاذًا آمنًا أمام المستثمرين الذين فقدوا شهية المخاطرة.
ولكن هذا المنطق قد انهار على الأرجح أمام حدة الموجة البيعية في الأسواق، إذ يقوم المستثمرون ببيع المعدن مقابل الحصول على السيولة النقدية (الكاش).
وتقول “مارجريت يانغ يان” في “سي.إم.سي” لتحليل الأسواق، إن الذهب ارتفع في البداية استجابةً لخفض الفائدة المفاجئ من جانب الفيدرالي الأميركي، مضيفة “لكن الأسواق مترددة للغاية، إذ يقوم المستثمرون الآن بالتخلص من كل شيء، إنهم يريدون فقط حيازة السيولة”. وأوضحت أن خفض الفيدرالي لمعدل الفائدة وإعادة برنامج التيسير الكمي بمثابة أمور إيجابية بالنسبة للذهب، لكننا في وقت غير تقليدي وربما لن تنجح الحالة النظرية في أوقات التقلبات الشديدة”. وتأتي خسائر الذهب في الأيام الخمسة الماضية مع هبوط الدولار الأميركي من أعلى مستوى في أسبوعين، بعد قرار المركزي الأميركي بتقليص الفائدة للمرة الثانية في اجتماع طارئ بأقل من أسبوعين؛ من أجل تخفيف الضربة الاقتصادية الناجمة عن “الكورونا”.
وفي حقيقة الأمر، تضغط معدلات الفائدة المنخفضة على الورقة الخضراء، ما يجعل الذهب المقوم بالدولار أقل تكلفة بالنسبة للمستثمرين الذين يحملون عملات أخرى. ويقول كبير محللي السوق في شركة “أواندا” الأميركية “جيفري هالي”: إن عوامل مثل الوباء الواسع الانتشار الذي يسبب إغلاق دول على الصعيد العالمي وخفض معدلات الفائدة في اجتماعات طارئة وانخفاض الدولار الأميركي يجب أن تكون داعمة للذهب.
وتابع “للأسف، هذه ليست أوقاتًا عادية”، متوقعًا أنه حال انخفاض أسواق الأسهم أكثر، فإن تسييل مراكز الشراء الطويلة تبدو بمثابة أمر حتمي. ويعزي كبير المحللين الفنيين في موقع “كيتكو” المتخصص في المعادن “جيم ويكوف” الهبوط في أسعار الذهب إلى ذعر “بيع ما يمكن بيعه” في الأسواق، إذ ينفذ المستثمرون عمليات بيع كبيرة في الذهب من أجل جمع (الكاش) لتغطية الخسائر في أماكن أخرى. ورغم أن رد الفعل الأولي للذهب على قرار الفيدرالي الأخير بشأن الخفض الطارئ للفائدة بنحو 100 نقطة أساس كان إيجابيًا للغاية، إذ سجل زيادة تصل إلى 40 دولارًا، إلا أنه قلص هذه الأرباح بل تحول إلى النطاق السالب بخسائر حادة تصل إلى ما يقل قليلًا عن 80 دولارًا، قبل أن ينهي التعاملات بهبوط 30 دولارًا. وفي العادة تكون معدلات الفائدة المنخفضة بمثابة أمر جيد لأسواق المعادن النفيسة، لكن قائمة خفض معدلات الفائدة وعمليات ضخ السيولة بشكل كبير في الأسواق لم تساهم في طمأنة الأسواق.