+A
A-

مدربة “الإشارة” السلوم لـ “البلاد”: لإنشاء مدارس متخصصة للصم

قالت مدربة لغة الإشارة والناشطة لفئة (الصم) عبير السلوم بأن “أغلب الجمعيات المهتمة بالفئات ذوي الإعاقة السمعية وغيرها، مترهلة وتسير على الرتم القديم والتقليدي”. وأضاف السلوم بحديثها لـ “البلاد” بأن” القيادات الموجودة في مجالس الإدارات بها عتيقة ولا تتغير إلا نادرا، نحتاج اقتحام هذه الجمعيات من جانب الفئات الشبابية والتطوعية؛ لمعرفتهم القريبة باحتياجات واهتمامات المعوقين، ومقدرتهم الجديدة والنافعة لهذه الفئات”.

بداية، حدثينا عن نوع الإعاقة التي لديك؟

إعاقة سمعية، (ضعف العصب الحسي الشديد)، وهي إعاقة أعانيها منذ الولادة، وتأثيرها يطال النطق، حيث إنني لم أتحدث إلا متأخرا، مؤثرة على شخصيتي سلبا؛ بسبب شح ثقافة قبول ذوي الإعاقة حينها، وكيفية التعامل معهم.

لكنه تأثير لم يطل مرحلة كبيرة من حياتي؛ بسبب تدخل الوالدين الإيجابي والمبكر، واللذين سعيا منذ البدايات لنقلي من مرحلة إلى أخرى، لتقوية ثقتي في نفسي، وأذكر أن والدي كان يقول لي (غطي إعاقتك بتميزك).

كانت رحلة طويلة جدا، وصعبة، ميزها إصرارها وعنادها بألا تدخلني مدرسة (للصم)، وعليه تم إلحاقي بمدرسة حكومية عادية، والحمد لله وفقت بالنطق تدرجا، حتى أصبحت من الطالبات المتفوقات.

كيف تنظرين لقبول المجتمع البحريني للمختلفين عن غيرهم؟

النظرة تغيرت للأفضل، هنالك وعي كبير في المجتمع البحريني، تقوده بالدرجة الأولى المجموعات الشبابية والفرق التطوعية والتي تهتم دائما بنشر ثقافة ذوي الإعاقة، ودعمهم وتحفيزهم في المجتمع.

وماذا عن دور الجمعيات والمؤسسات الأهلية؟

أغلبها لا تزال تسير على الرتم القديم والتقليدي، كما أن أغلب القيادات الموجودة في مجالس الإدارات بها عتيقة ولا تتغير إلا نادرا، نحتاج اقتحام هذه الجمعيات من جانب المجموعات الشبابية والتطوعية؛ لمعرفتهم القريبة باحتياجات واهتمامات المعوقين، ومقدرتهم الجديدة والنافعة لهذه الفئات.

هل أنت على رضا للدور التي تقوم به المدارس والمؤسسات التعليمية الحكومية في احتضان وتشجيع وتطوير مهارات المعوقين؟

تختلف طريقة التدريس وايصال المعلومة في المؤسسات التعليمية الحكومية وفقا لنوع الإعاقة، وهنالك فئات من المعوقين طبيعة إعاقتهم تساعدهم على التعلم، وعلى تطوير المهارات، منهم مثالا (الكفيف)؛ لأنه يستطيع أن يسمع ولديه المقدرة على التعلم بطريقة (برايل).

هنالك أيضا ذوي الإعاقة الحركية، والتي من الممكن مساعدتهم الاحتياجات اللازمة في المرافق التي يستخدمونها، لكن الإشكالية تكمن في فئة (الصم)؛ لغياب التهيئة اللازمة لهم من التأسيس من المدارس الابتدائية تحديدا.

يضاف إلى ذلك غياب مراحل التدريس لهم، للإعدادية والثانوية، حيث يتم إدخالهم المدارس الحكومية بعد إنهاء الصف الثالث الابتدائي مباشرة، في حين يفترض أن يتم إدخالهم لصفوف متخصصة حتى إتمامهم المرحلة الجامعية بكوادر مؤهلة ومناسبة لهم، حيث إن الإشكالية الرئيسة في إعاقتهم هي ضعف التواصل مع الآخرين.

برأيك يا عبير، ما أكثر التحديات التي تواجهها فئة (الصم) في المجتمع اليوم؟

قلة وجود المترجمين، ففئة (الصم) من حقهم التواصل الطبيعي مع المجتمع، وتلبية احتياجاتهم عن طريق المؤسسات والهيئات، وهو أمر يصعب لهذا السبب، وأؤكد هنا بأنه حان الوقت لإعادة فئة الصم إلى أحضان المجتمع، بتوفير احتياجاتهم من مترجمين، ومن نشر لثقافة الإشارة، وحتى نحول إعاقتهم هذه إلى مواهب وإبداعات وتفوق.

فأنا على سبيل المثل، وفقت بأن أحول هذه الإعاقة إلى أمر إبداعي أفيد به إخواني الصم في المجتمع، كتسهيل معاملاتهم الحكومية، وفي الحق بالحصول على العلاج، وبقية الخدمات الاجتماعية.

فئة الصم هم فئة طبيعية جدا في المجتمع، لكنهم فاقدو لغة التواصل، وهنا يأتي دوري، ودور كل المؤسسات والجمعيات والفرق التطوعية والاجتماعية المختلفة لأن نساعد هذه الفئة العزيزة علينا؛ لكي تكون جزءا أصيلا ونافعا لهذا المجتمع.

ما القوانين والتشريعات التي تحتاجها فئة (الصم) اليوم لكي تكون مستقرة بحياة أفضل؟

أن يعاد النظر في القوانين التعليمية لفئة (الصم) من حيث إعداد مدارس متخصصة تحتضنهم وتهتم بهم، وتكون ممثلة لهم.

ونأمل أيضا بأن يتم إلزام كل مؤسسة حكومية خدمية وحيوية لأن تدرب أو توظف موظفا واحدا على الأقل، على لغة الإشارة، لكي يكون قناة تواصل مع (الصم) أثناء مراجعتهم لهذه الجهة.

ما أهم المشاريع التي قمتِ بها لمساعدة فئة (الصم) لحياة أفضل؟

تدشين خط الطوارئ التابع لوزارة الداخلية، لتلقي مكالمات الطوارئ الخاصة بفئة (الصم) وبحيث يكون التواصل بلغة الإشارة، وعليه قمت أنا زوجي بتدريب قرابة أربعين منتسبا من الوزارة على ذلك.

كما قمنا بتدريب لغة الإشارة في حصص الإبداع بالمدارس الحكومية؛ انطلاقا من مدرسة خولة الثانوية للبنات؛ من أجل إعداد مترجمات صغيرات.

ومن المشاريع التي أنجزناها ونفخر بها، ترجمة السلام الوطني بفيديو تصويري، وبالتعاون مع الحرس الوطني.

ما الذي حببك في أن تكوني ناشطة في هذا المجال؟ ما الذي وجدتِ فيه؟

الذي حببني في هذا الأمر هو زوجي (أصم) وهو من علمني لغة الإشارة، وأحببت أن أدخل هذا المضمار؛ لكي أكون إنسانا شفافا، لدي قيمة عالية، إيمان بأن الناجحين هم الذين يحدثون التغيير في حياة الآخرين.

فئة الصم هم أكثر الناس حاجة بالمجتمع، وأذكر أن أحدهم قال لي ذات مرة (الناجحون هم الذين يستطيعون إحداث التغيير في حياة الغير).