+A
A-

د. منى الجزيري: بصراحة.. التنمر مشكلة تبدأ من “البيت”

لم يعد هناك مجال لإنكار مخاطر “التنمر” في المجتمع البحريني، فالكثير من الباحثين والعاملين في الحقل التربوي والتعليمي يعبرون عن مخاوفهم من هذه الظاهرة، ويطالبون بعدم الاستهانة بهم وإجراء البحوث والدراسات لوضع برامج فعالة لمواجهة الظاهرة بالتعاون بين مختلف الجهات ذات العلاقة، بعد أن تكررت حوادث في العديد من المدارس.

واستنادًا على دراسة أعدتها الباحثة مريم القصاب، فإن 69 بالمئة من الضحايا تعرضوا للتنمر الجسدي، و 81 بالمئة تعرضوا للتنمر الاجتماعي و94 بالمئة تعرضوا للتنمر اللفظي، وهناك 5 بالمئة من الطلاب يواجهون تنمرًا لفظيًا بشكل يومي، والدراسة التي شملت أكثر من 500 طالب أعمارهم  تتراوح بين 18 إلى 22 عامًا أثبتت أن 55 بالمئة مارسوا التنمر الاجتماعي و48 بالمئة مارسوا التنمر الجسدي،  مقابل 76 بالمئة قاموا بالتنمر اللفظي.

حاجــة لغــرس القيـــم

وتذهب استشارية الطب النفسي الدكتورة منى الجزيري مباشرة إلى البيوت، فتعبر عن الأسف الشديد بأن ما نشهده من تنمر مصدره البيت وليس المدرسة، فمع غياب التقارب الأسري وإغفال العاطفة والمحبة وأجواء الحنان بين أفراد الأسرة، ومع تعويض كل ذلك بجرعات من الدلال الزائد من جانب الوالدين الذين يسعوون لكسب لقمة العيش في لهاث لتغطية متطلبات الحياة المعيشية الصعبة، فإنهم يظهرون الحب لعيالهم من خلال إشباع حاجاتهم المادية والدلال الزائد، فأصبحوا يختارون طريق الأشياء المادية والهدايا والفلوس بدلًا من الجلوس مع بعض وتقوية العلاقة بين الوالدين وأفراد الأسرة، والأطفال هنا لا يدركون كل هذا، وهم في حاجة بالدرجة الأولى لغرس القيم واكتسابها من أجواء الأسرة التي أصبح كثير من أولياء أمورها، آباء وأمهات مشغولون بمشاغل الحياة المعيشية، لكن هذا لا يمنع من تنظيم حياتنا والانتباه لمحيط الأسرة.

الأطفـال بحاجــة للإرشـــاد

وفي الحقيقة، تقول الدكتورة الجزيري، أن  هناك نقصًا كبيرًا  في المدارس من جانب المرشدين الاجتماعيين، والكثير من الأطفال يحتاجون الإرشاد ولا يحصلون عليه لأن وقت المرشد ضيق جدًا، فبعض الأطفال هنا تتعقد لديهم بعض التصرفات فتجد بعضهم لا يحترم المعلم ولا الكبار بل حتى المعلمين اليوم لديهم قوانين ولوائح تختلف عما كانت موجودة في السابق من ناحية معاقبة التلاميذ في حالة الخطأ الذي يوجب العقاب المناسب، وفي رأيي أن هذه الأمور جعلت الأطفال والمراهقين يشعرون أنهم أقوياء، وتسببت في انتشار ظواهر عديدة كالتنمر.

لا يهــم أن يكــون طويــــلًا

وتختم  حديثها بنصيحة قائلةً :”يا آباء ويا أمهات.. اقضوا وقتًا لا بأس به مع أولادكم.. ليس مهمًا أن يكون طويلًا.. بل يكون مليئًا بالحنان والعاطفة والصداقة والأكل مع بعض ونسألهم عن أحوالهم في المدرسة، ونجعلهم يتحدثون عما في نفوسهم وعن مشاكلهم”، لأن الوضع الحالي ليس طيبًا.. فالأطفال يعودون من مدارسهم، لينعزلوا في غرفهم منشغلين بالأجهزة الذكية، وأولياء الأمور في لهاث الحياة المعيشية.