+A
A-

هل ينجح التسريح وتغيير الوجوه في مداواة جراح “HSBC”؟

بقي أسلوب الإدارة واحدا رغم تغير الأشخاص

تراجعت الإيرادات 3.2% إلى 13.4 مليار دولار

حرب الصين وأميركا التجارية دمرت أعمال التمويل العالمية

 

عندما تولى نويل كوين منصب الرئيس التنفيذي المؤقت لمصرف “إتش إس بي سي” خلفًا لجون فلينت الذي أطاح به مجلس الإدارة في أغسطس، توقع المحللون تغير أسلوب الإدارة وإجراء تعديلات جذرية داخل المصرف الأكبر في أوروبا.

وعلى مستوى نتائج الأعمال، لم يخيب “إتش إس بي سي” الظنون، وانخفضت أرباحه الصافية بنسبة 24 % على أساس سنوي خلال الربع الثالث إلى 3 مليارات دولار، وتراجعت الإيرادات بنسبة 3.2 % إلى 13.4 مليار دولار، رغم الأداء المقبول للأعمال الآسيوية في ظل المناخ غير المواتي.

وبشكل جزئي، يمكن إلقاء اللوم على مشاكل “إتش إس بي سي” على العوامل الدورية، وقد أدى انخفاض أسعار الفائدة وتباطؤ الاقتصاد العالمي إلى الضغط على هوامش الربح، إضافة إلى التوترات بين أميركا والصين التي تقيد التجارة (يعتبر المصرف أكبر ممول لأعمال التجارة في العالم).

ويضاف إلى ذلك، حالة عدم اليقين التي تخيم على المملكة المتحدة بسبب “بريكست” والاضطرابات السياسية المتعلقة به، فضلًا عن الضغوط في الأسواق الناشئة مثل الأرجنتين وتركيا، إضافة طبعًا إلى سلسلة من المشاكل الداخلية.

 

ما خطط كوين؟

رغم أن البنك يقع في لندن، إلا أنه يحقق أغلب أرباحه من آسيا وخاصة هونغ كونغ، حيث استحوذت المدينة الدولة على 51.7 % من أرباح المصرف قبل الضريبة خلال النصف الأول من هذا العام.

وتتعرّض هونغ كونغ لموجة احتجاجات واسعة وعنيفة منذ يونيو، أثرت سلبًا على العديد من الشركات الصغيرة والمتوسطة، واضطر البنك إلى تقليص الفائدة والرسوم لمساعدة هذه الشركات في ظل حالة عدم الاستقرار الاقتصادي التي تمر بها المدينة.

وكشفت البيانات الرسمية الصادرة نهاية أكتوبر، عن انكماش اقتصاد هونغ كونغ بنسبة 3.2 % خلال الربع الثالث على أساس فصلي، وبنسبة 2.9 % على أساس سنوي، تأثرًا بالاضطرابات التي تشهدها المدينة.

وعقب الإعلان عن نتائج أعمال الربع الثالث، قال كوين إن أداء المصرف لم يكن مقبولًا بما في ذلك أنشطته الأوروبية، مضيفًا: لم تعد خططنا السابقة كافية لتحسين الأداء، لذلك نحن نعمل على تسريع خطط إعادة الهيكلة، وتحويل رأس المال إلى فرص النمو والعائدات المرتفعة.

وفي السابع من شهر أكتوبر، كشفت تقارير صحفية عن عزم المصرف تسريح 10 آلاف موظف، في خطة لخفض الوظائف مرتفعة الأجور ستتركز في الأعمال الأوروبية، وذلك إضافة لخطة لإنهاء عمل 4 آلاف موظف أعلن عنها المصرف في أغسطس عقب رحيل فلينت.

 

مناخ داخلي عدائي

ويشهد المصرف أجواءً داخلية غير مواتية منذ سنوات، وبدأ التوتر الداخلي يتصاعد منذ قدوم الرئيس المشارك للخدمات المصرفية الاستثمارية ماثيو ويسترمان عام 2016، والذي قرّر نقل فريقه إلى الطابق السفلي من المقر لتفادي انتظار المصاعد.

ويقول أحد المطلعين على الأمور داخل البنك لـ”التلغراف”: هذه هي المشكلة، المئات ينتظرون تلك المصاعد كل يوم، وهناك 27 خطوة تتخذها إدارة الموارد البشرية لتعيين موظف جديد، كل شيء فوضوي.

ويضيف المصدر: رحل ويسترمان بعد أقل من 18 شهرًا، وحينها، أعلن أحد كبار المسؤولين التنفيذيين الاحتفال بهذا الرحيل المفاجئ.

وبعد عام، تم إرسال مذكرة من سبع صفحات كتبها كبار الموظفين إلى مجلس إدارة المصرف تهاجم “الفشل التام” للقيادة في وحدة البنوك والأسواق العالمية، وانتشرت الأخبار المتعلقة بهذه المذكرة في لندن، متسببة في تصاعد ما يوصف بأنه “عداوة طويلة الأمد” بين الذراعين التجارية والاستثمارية للبنك.

ومن بين المشكلات الأخرى، اضطرار البنك إلى دفع غرامة قيمتها 1.9 مليار دولار في عام 2012، بعد تورطه في مساعدة عصابات المخدرات المكسيكية في غسل الأموال ومخالفته للعقوبات ضد إيران.

 

هل من فرصة للنجاح؟

وتبدو كلمات كوين عن إعادة الهيكلة مماثلة لما قاله الرئيس التنفيذي الأسبق ستيوارت جاليفر في عام 2015، عندما كشف أيضًا عن خطة لإعادة تشكيل أعمال المصرف تنطوي على إعادة توزيع الموارد وتسريع النمو في المستقبل.

ورغم الجهود التي بذلها لاستكمال خطط جاليفر، لا يزال البنك يواجه نفس المشاكل تمامًا كما كان في 2015، حيث يحقق أغلب أرباح ما قبل الضريبة من آسيا (96.3 % خلال الربع الثالث)، لكن نصف أصوله تقريبًا مخصصة للولايات المتحدة وأوروبا.

وفي الحقيقة، لم تتغير نسبة الأصول المخصصة لهاتين المنطقتين الجغرافيتين بشكل ملحوظ منذ إعلان جالفير في 2015، ما يعكس صعوبة إعادة تشكيل مصرف هائل الحجم مثل “إتش إس بي سي” الذي يعمل لديه 237 ألف موظف في 65 دولة.

ويعتقد كوين أن البنك لديه الآن ضوابط أفضل من عام 2012، لكن بعض البيروقراطية المتبقية تعرقل قدرته على توسيع الأعمال، ولعل ذلك يفسر حديثه عن “إعادة التشكيل” (التي لم يفصح عن المزيد بشأنها باستثناء خطط خفض الوظائف التي تحدثت عنها التقارير).