+A
A-

الصراعات المسلحة أكبر تحدٍّ يواجه حقوق الإنسان

- ضرورة إلغاء التشريعات المقيدة من حق الوصول إلى المعلومات

- استغلال الجماعات الإرهابية للإعلام عمّق من خطابات الكراهية

قال رئيس الاتحاد العربي لحقوق الإنسان عيسى العربي إنه من الأهمية وضع الضوابط التنظيمية والتشريعية المعنية بممارسة حرية الرأي والعبير بما يحصن استغلالها من قبل الأفراد والجماعات الإرهابية في الإعلام ونشر خطاب التحريض والكراهية.


وأوضح العربي بحوار أجرته معه البلاد بأن “موءامة التشريعات الوطنية مع التزامات الدولة الدولية المعنية بحرية الراي والتعبير أمر مهم؛ لتعزيز تقدمها المحرز في مختلف مجالات وتشريعات حقوق الإنسان، والتي من أهمها الحق في الحصول على المعلومات وتعزيز حرية الصحافة والإعلام وحماية الصحفيين على وجه التحديد”.


وأكد بأن هنالك تحديا حقيقيا تواجه دول المنطقة، بتنظيم الإعلام والحق في الحصول على المعلومات وضمان شفافيتها، حيث تعتبر العديد منها مثل تلك القضايا جزء من السيادة المرتبط بقضايا الأمن الوطني، رغم أهميتها في تعزيز الصحافة الحرة والارتقاء بالإعلام.


تعيش المنطقة العربية العديد من الصراعات المسلحة، كيف تنظرون في الاتحاد العربي لسبل الارتقاء بحالة حقوق الانسان والتنمية في هذه الظروف؟


تشكل الصراعات المسلحة أكبر تحدٍّ لتعزيز التزام الدول العربية واحترامها قيم ومبادئ حقوق الإنسان، والارتقاء بمعدلات تحقيق التنمية وفقا لخطة الأمم المتحدة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، لما تمثله من تهديد مباشر للسلام الذي هو حجر الأساس في بناء وتقدم الدول.


وقد مثل ما يسمى بالربيع العربي وتبعاته آخر فصول تلك النزاعات والصراعات بالمنطقة، وأدى إلى تدهور حالة حقوق الإنسان في العديد من الدول العربية، ونعتقد أن على الدول العربية مسؤولية كبيرة في دراسة ومعالجة ما آلت إليه الأوضاع بها، والاستفادة من التجارب الآسيوية، والمضي سريعا في طريق منفصل لتحقيق التنمية المستدامة والارتقاء برفاهية المجتمعات الإنسانية المبنية على احترام حقوق الإنسان وفقا لمقتضيات الحق في التنمية الذي اعتمدته الأمم المتحدة في العام 1986.


تأخر إصدار قانون جديد للصحافة وكذلك تعطل قانون الحق في الحصول على المعلومة في السلطة التشريعية منذ سنوات؟ والسؤال: ما أهمية صدور هذين القانونين على تعزيز حرية الرأي والتعبير ودعم الشفافية؟
تواجه الحكومات على مستوى العالم تحديا حقيقيا يرتبط بتنظيم الإعلام والحق في الحصول على المعلومات وضمان شفافيتها، حيث تعتبر العديد من الدول مثل تلك القضايا جزءا من السيادة المرتبط بقضايا الامن الوطني، رغم أهميتها في تعزيز الصحافة الحرة والارتقاء بالإعلام.


وتهدف جميع التشريعات الدولية المعنية بحرية الراي والتعبير الى تأكيد التزام الدول بتوفير الحرية لمختلف وسائل الإعلام والصحافة، وضرورة إلغاء جميع التشريعات أو السياسات التي تحد أو تمنع من الحصول على المعلومات بشكل كامل وشفاف.


وفي مملكة البحرين، فإن صدور مثل تلك التشريعات الوطنية قد أصبح أمرا ملحا سواء من حيث موءامة التشريعات الوطنية مع التزامات الدولة الدولية المعنية بحرية الراي والتعبير، أو لتعزيز تقدمها المحرز في مختلف مجالات وتشريعات حقوق الإنسان، والتي من أهمها الحق في الحصول على المعلومات وتعزيز حرية الصحافة والإعلام وحماية الصحفيين على وجه التحديد.


مع التأكيد على أن أهمية وضع الضوابط التنظيمية والتشريعية المعنية بممارسة حرية الرأي والعبير بما يحصن استغلالها من قبل الافراد والجماعات في الإعلام الإرهابية ونشر خطاب التحريض والكراهية. مع التأكيد على مسؤولية الدولة عن حماية المجتمع من جميع الأعمال الإرهابية وتعزيز السلم المجتمعي.


# رغم الإنجازات الكبيرة التي تقوم بها البحرين في مجال حقوق الإنسان، فإننا نرى أحيانا بعض التشكيك والنقد، كيف ترى المنظمات الدولية الوضع الحقوقي في البحرين حاليا؟


حرصت حكومة البحرين برئاسة سمو رئيس الوزراء الموقر على المضي في سياستها الهادفة لتعزيز احترامها والتزامها بحقوق الإنسان والارتقاء بحالة حقوق الإنسان بالبحرين في مختلف المجالات بالمملكة، وحرص الحكومة على تحقيق التنمية الإنسانية في ضوء سعيها لتحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة التي نالت البحرين إشادات دولية واسعة في هذا الإطار.


ولعل من أبرز ما يؤكد ذلك الإشادة الدولية التي حظيت بها حكومة البحرين من خلال إشادة مجلس حقوق الإنسان بجهود البحرين وتقدمها خلال الاستعراض الدوري الشامل، وترى العديد من المنظمات الدولية لحالة حقوق الإنسان بالبحرين بالكثير من الايجابية، حيث يمكن التعرف بشكل جلي على الوضع المتقدم لحالة حقوق الإنسان بالبحرين من خلال إشادة العديد من المنظمات الدولية بالتقدم الحاصل في مجال حقوق الإنسان بالبحرين.


وحيث إن منظومة حقوق الإنسان هي منظومة مفتوحة ومتطورة بشكل مستمر، فإن عملية التقدم هي عملية مستمرة ومتطورة وتخضع للعديد من العوامل السياسية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، وبحسب تقارير الاتحاد العربي، فان سجل البحرين الحقوقي قد يشهد تقدما كبيرا وتحسنا نوعيا مستمرا سواء فيما يتعلق بالتشريعات أو ما يخص منها السياسات والممارسات.


يمثل الإعلام الحديث والانفتاح الإعلامي تحديات كبيرة لقضايا حرية الرأي والتعبير بما فيها خطاب التحريض والكراهية، كيف ترون تلك القضايا على المستوى العربي في ظل كونية العالم؟
تعاني الكثير من الدول العربية من تراجع في التزاماتها المعنية بحرية الرأي والتعبير، رغم الالتزام الدولي الواسع بها، والسعى لتعظيم التزاماتها الدولية المعنية بحماية حرية الرأي والتعبير، ويتسبب الانفتاح الاعلامي والإعلام الحديث مع الأسف الشديد في زيادة تراجع الدول العربية عن التزاماتها الدولية المعنية بحرية الرأي والتعبير.


استغلال الجماعات الإرهابية لكونية الإعلام واحترافها في تسخير الإعلام الحديث لنشر خطاب التحريض والكراهية يعد ولعل أحد أصعب العقبات التي تقف عائقا أمام مزيدا من الالتزام بحرية الرأي والتعبير بالعديد من الدول العربية، وقد أصبحت هذه القضة محل جدال واسع بمختلف الهيئات والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان عدا عن الدول، وهو ما يتطلب منها في الوطن العربي العمل على خلق توازن ناجع بين التزامات الدولة المعنية حماية حرية الراي والتعبير وفي الوقت نفسه وفاءها بالتزامها الأصيل في حماية المجتمع من الأعمال الإرهابية والتحريض على الكراهية والإرهاب.


تعمل الأمانة العامة لمجلس التعاون على تعزيز حقوق الإنسان العربي بدول مجلس التعاون، كيف تقيمون أداء المجلس في هذا المجال؟
اهتمت الأمانة العامة لمجلس التعاون منذ العام 2011 بقطاع حقوق الإنسان وسعت إلى إعطاء دفعت قوية لعملها المتعلق بحقوق الإنسان بدول المجلس، حيث أنشأت مكتبا لحقوق الإنسان واعتمدت الاليات المعنية بعملها في إطار دول المجلس.


كما تم اعتماد “إعلان حقوق الإنسان لدول مجلس التعاون” من قبل المجلس الأعلى في ديسمبر 2014، كما أنشأ المجلس مكتبا له كمراقب في جنيف معني بحقوق الإنسان، إلا أننا في الحقيقة نتطلع إلى إيلاء مزيد من الاهتمام بقطاع حقوق الإنسان بالأمانة العامة، وتطوير التنظيمات والآليات الخاصة بإدارة شؤون حقوق الانسان بدول المجلس، لاسيما وأن المجتمع الدولي يتجه إلى الربط بين حقوق الإنسان بخطة الأمم المتحدة؛ لتحقيق التنمية المستدامة 2030.


كما يتجه العالم إلى مفاهيم جديدة قائمة على مفاهيم الأعمال وحقوق الإنسان، وهو ما يسترعي من مجلس التعاون التركيز على قطاع حقوق الإنسان بدول المجلس؛ كونها من الدول المتقدمة في مجال التنمية المستدامة.


بالإضافة إلى دورها الدولي المهم والبارز كاقتصادات كبرى ومصدر رئيس للطاقة بالعالم، ونقترح في هذا الشأن على الأمين العام للمجلس تشكيل هيئة استشارية من الخبراء العرب المعنيين بحقوق الإنسان لتقديم تصوراتهم ورؤاهم المتعلقة بتطوير عمل الأمانة العامة في مجال شؤون حقوق الإنسان.


# برأيكم هل تؤدي المنظمات الحقوقية الوطنية عملها بشكل جيد على المستوى الوطني والإقليمي والدولي؟
ينبغي تقييم أداء المنظمات الوطنية وفقا لحجم الخبرات والمعارف الدولية القائمة عليها، والتمييز بينها من حيث الاستقلالية والنزاهة وخدمة الأهداف الوطنية للدولة، ومن المؤسف جدا أن نعترف بحقيقة تراجع مستوى وأثر المنظمات الحقوقية الوطنية والعربية عموما، على عكس نظيراتها المدعومة من قبل الدول والتنظيمات المعادية التي تمتلك خبرات دولية تعطيها الأثر والفاعلية في حراكها الدولي.


وتعود أسباب هذا التراجع في عمل وفاعلية المنظمات الوطنية إلى انعدام الدعم غير الموجه اللازم لها من قبل الدولة من جهة ومؤسسات المجتمع الأخرى من جهة ثانية، والذي يتسبب في إعاقة هذه المنظمات عن استقطاب الخبرات الحقوقية الدولية أو إجراء برامج التدريب الهادفة لتعزيز معارفها المعنية ببناء وتعزيز قدراتها ومعارفها، وتعذر مشاركاتها الإقليمية والدولية التي تسهم في تعزيز فاعليتها وتعظيم دورها في الدفاع عن الدولة وتعزيز حجم الخبرات الدولية داخل المنظمة.


كما أن ابتعاد المختصين من داخل الدولة عن الاهتمام بمجالات حقوق الإنسان وعدم الانخراط في الأعمال والانشطة والمبادرات المتعلقة بحقوق الإنسان هو عنصر رئيس في تراجع عمل المنظمات الوطنية أمام المنظمات الحقوقية الدولية.


ونشير في هذا الصدد الى ضرورة قيام الدولة بما هو لازم وضروري لتصويب ظروف هذه المعادلة ودعم وتحسين حالة المنظمات الوطنية بما يعزز من حضورها ودرها وأثرها وفاعليتها على مختلف الأصعدة وبجميع المحافل الإقليمية والدولية.