+A
A-

زيارة رئيس وزراء الهند إضافة لرصيد العلاقات

الزيارة التي من المنتظر أن يقوم بها رئيس الوزراء بجمهورية الهند الصديقة ناريندرا مودي إلى مملكة البحرين تلبية لدعوة من رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، تعتبر الأعلى مستوى من الجانب الهندي منذ 3 عقود؛ إذ إنه أول رئيس وزراء هندي يزور المملكة، ما يمثل إضافة جديدة ونوعية وامتدادًا للعلاقات القوية بين مملكة البحرين وجمهورية الهند، التي تستند إلى تاريخ عريق وممتد عبر مئات السنين من التمازج الحضاري والثقافي والتبادل التجاري بين البلدين والشعبين الصديقين، وفي العصر الحديث ازدهرت وتطورت العلاقات الثنائية عبر تطوير العلاقات الاقتصادية التي تشهد نموًا مضطردًا، ومن خلال أوجه التعاون المتعددة في المجالات كافة.

ويأتي اهتمام مملكة البحرين بمواصلة تنمية أفق التعاون والتنسيق مع جمهورية الهند الصديقة للبناء على الرصيد الحافل من العلاقات بينهما، وتقديرًا من مملكة البحرين للموقع المهم الذي تحوزه الهند باعتبارها دولة آسيوية لها ثقلها الآخذ في التنامي دوليًا على الصعد التنموية والتكنولوجية والاقتصادية. وتتميز العلاقات البحرينية الهندية باتساع وتنوع مجالات وأطر التعاون، في ظل ما يمتلكه البلدان من إمكانات وموارد وقاعدة اقتصادية واستثمارية زاخرة بالفرص الواعدة، شكلت منطلقًا نحو مزيد من توثيق عرى التعاون الثنائي منذ بدء التمثيل الدبلوماسي بين البلدين العام 1971.

ويعد إنشاء اللجنة العليا المشتركة بين مملكة البحرين وجمهورية الهند تطورًا بارزًا في إطار توطيد العلاقات الثنائية، إذ حلت اللجنة بديلًا للجنة المشتركة للتعاون الاقتصادي والتقني لتكون أكثر شمولًا لجميع مجالات التعاون، وعقدت اللجنة اجتماعين منذ تأسيسها الأول في نيودلهي في 22 فبراير العام 2015، والثاني في المنامة في 15 يوليو 2018، برئاسة وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة عن الجانب البحريني، ووزيرة الخارجية وشؤون المغتربين الهندية الراحلة سوشما سواراج، وبحثت اللجنة مختلف جوانب وأوجه العلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل تعزيز وتطوير التعاون الثنائي في المجالات كافة وأبرزها التعاون الاقتصادي والتجاري والثقافي وغيرها من الأطر.

وعلى الجانب الآخر هناك كثافة في الزيارات من المسؤولين في الهند لمملكة البحرين مما يتكامل مع عمل اللجنة، ومن أحدثها زيارة مع الوزير الأول لولاية كيرلا بيناراي فيجاين في فبراير 2017، وزيارة وزيرة الخارجية الهندية في يوليو 2018، وزيارة رئيس حزب المؤتمر الوطني في يناير 2018 راهول غاندي، وزيارة وفد برلماني هندي رفيع المستوى في أبريل 2018.

ويعد التعاون على المستوى الاقتصادي من أبرز صور التعاون بين البلدين؛ إذ تمتد العلاقات التجارية والاقتصادية الحديثة بين البحرين والهند إلى مطلع سبعينات القرن المنصرم، وأخذت هذه العلاقات زخمًا جديدًا مع الخصخصة وتنويع الاقتصاد البحريني الذي يشهد تقدمًا متسارعًا، إذ يوفر المناخ الاقتصادي ببابه المفتوح للاستثمار الأجنبي فرصًا حيوية للشركات والمستثمرين الهنود، وهو ما سمح لكثير من الشركات الهندية أن تتخذ من المنامة مقرًا لها للوصول إلى السوق الخليجية، وتعتبر البحرين بالنسبة للمستثمرين الهنود واحدة من أكثر الاقتصادات تنوعًا في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، مع وجود مرافق الاتصالات والنقل المتطورة التي تجعل منه مكانا مهمًا للاستثمار مما يعزز بنية الاقتصاد البحريني ويحفز خلق فرص العمل.

وبحسب الأرقام الحديثة؛ ينمو حجم التبادل التجاري بين البلدين بمعدل سريع ومتواتر، سجل حجم التبادل التجاري العام 2018 نموًا بنسبة تقدر بنحو 24.6 % في الفترة من 2016 - 2018، إذ بلغ حجم التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين (العام 2018) 1.1 مليار دولار، ويشار هنا إلى أن جمهورية الهند هي السابعة في ترتيب الشراكات التجارية لمملكة البحرين بنسبة للواردات والشريك التجاري السادس بالنسبة للصادرات.

وتعزيزًا للمجال الاستثماري، افتتح في العام 2014 مكتب لاتحاد الصناعات الهندية في البحرين؛ بهدف تسهيل عملية التبادل التجاري بين البلدين، ويصنف الأول من نوعه في الشرق الأوسط، ولا يقتصر فقط على التجار الهنود للاستثمار في البحرين ولكنه يشجع التجار البحرينيين للاستثمار في الهند. ويضم المكتب نحو 8000 شركة ويمتلك 65 مقرًا حول العالم.

كما وقعت البحرين مع الهند العديد من الاتفاقات الثنائية، من بينها اتفاقية التعاون الاقتصادي والتجاري والفني، واتفاقية تجنب الازدواج الضريبي على الدخل ورأس المال، واتفاقية تشجيع وحماية الاستثمار، إضافة إلى وجود لجنة مشتركة للتعاون الاقتصادي والتجاري والفني بين البلدين، ومذكرة تفاهم لإدارة وتنمية الموارد المائية بين البلدين.

وتعد العلاقات الاجتماعية بين البلدين قديمة وممتدة، إذ تأسس النادي الهندي في البحرين منذ العام 1915، كما تأسست المدرسة الهندية في البحرين العام 1950، وإيمانًا بعمق هذه العلاقات أطلقت في ديسمبر 2007 الجمعية البحرينية الهندية والتي سعت للاستفادة من التطور في المجتمع المدني إلى العمل بنشاط على تعزيز العلاقات بين البلدين، وليس فقط الروابط التجارية، ولكن وفقا لبيان الافتتاح للجمعية في الحياة السياسية والشؤون الاجتماعية والعلوم والثقافة.

وهناك دور مشهود للجالية الهندية في البحرين من خلال إسهاماتها في تعزيز وتيرة التنمية في المملكة منذ عقود طويلة، وهذا الدور هو محل تقدير من مملكة البحرين قيادة وحكومة وشعبا، وتعد الجالية الهندية أكبر جالية وافدة في مملكة البحرين، ويصل تعدادها ما يفوق 300 ألف، وتعتبر الكثير من عائلات المقيمين وغير المقيمين أن مملكة البحرين بلدهم الثاني، ويتمتعون بكامل حقوقهم الاجتماعية والتجارية، كما يتمتعون بالحرية الكاملة في ممارسة عباداتهم وشعائرهم مثلهم كمثل جميع المواطنين والمقيمين، كما أن لهم الحق في عضوية الجمعيات المهنية وانتخاب ممثليهم في المجالس البلدية، فأصبحوا ضمن النسيج الوطني للبلاد.