+A
A-

جاسم حاجي: البحرين الأكثر قابلية لتطوير برمجيات الذكاء الاصطناعي

التوقف المفاجئ عن استخدام التكنولوجيا قد يصيب بـ”الأمراض الانسحابية”

استخدام التكنولوجيا بكثرة قد يسبب ما يسمى بـ “فرط النشاط ونقص الانتباه”

صعوبات تشريعية لمواكبة المتغيرات في العالم

سيكون الاستثمار أكثر في المجال من قبل القطاع العام

لا يوجد مجال لم يتطرق له الذكاء الاصطناعي

أكثر الدول إنفاقاً في الذكاء الاصطناعي الولايات المتحدة والصين

 

يعود لرئيس لجمعية الذكاء الاصطناعي، جاسم حاجي الفضل في تطبيق العديد من الابتكارات والتطبيقات الخلاقة في عمليات التقنية المعلوماتية، ومن أهم إنجازاته تطبيق التقنية المتقدمة لمركز الاتصال الدولي لشركة طيران الخليج، ونظام حوسبة السحاب وتطبيقات ذكاء الأعمال ومركز للتعافي من الكوارث والتكنولوجيا الخضراء والبيانات الضخمة وتحديث أنظمة أوراكل لإدارة الموارد المالية والبشرية بالإضافة إلى الحصول على شهادات الآيزو الأمر الذي ساعد في تحسين التعامل مع العملاء والمسافرين وخفض تكاليف الشركة. وتمكن حاجي من الحصول على 17 جائزة في مجال التكنولوجيا في منطقة الشرق الأوسط لطيران الخليج بما في ذلك أربع جوائز تقديرية كأفضل رئيس تكنولوجيا المعلومات (CIO).

وشارك كمتحدث رئيسي في أكثر من 20 مؤتمرا للتكنولوجيا في الشرق الأوسط وأوروبا حيث قدم أحدث التقنيات مثل الحوسبة السحابية والبيانات الضخمة وأمن المعلومات وذكاء الأعمال. كما قام بنشر العديد من المقالات المتخصصة في مختلف مواضيع التكنولوجيا. “البلاد” كان لها شرف إجراء حوار معه بشأن الذكاء الاصطناعي:

 

هل يمكن تعريف الذكاء الاصطناعي بطريقة سهلة يستطيع القارئ العادي فهمها؟.

لقد تغير مفهوم ما يُعرف بـ “الذكاء الاصطناعي” بمرور الوقت، ولكن في جوهره كانت هناك دائما فكرة بناء آلات قادرة على التفكير مثل البشر.

يعتقد كثيرون بأن الذكاء الاصطناعي يقدم صورًا عن روبوتات عالية الأداء، شبيهة بالإنسان وبالتالي السيطرة على كل شيء، هل هذا صحيح ولو جزئيا؟

ليس إلى هذا الحد، ولكن تعد تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي ركيزة محورية للكثير من التحول الرقمي الذي يحدث اليوم حيث تضع المنظمات نفسها في وضع يسمح لها بالاستفادة من الكم المتزايد من البيانات التي يتم توليدها وجمعها.

هل ستحل الآلة (الروبوتات، الأجهزة) مكان البشر؟

يتوقع العلماء بانه في سنة 2050 سيصل الذكاء الاصطناعي العام إلى مستوى أذكى من العقل البشري، فسيأخذ الروبوتات ذاتية الرأي دون الحاجة للرجوع للإنسان، نحن أمام متغيرات جديدة لم نرها سابقاً، ستكون هذه التغيرات منافسة بين البشر والروبوتات في تقديم خدمات أفضل وإبداع أكثر في العديد ومختلف المجالات.

 

يقول العالمون في هذا المجال إن الذكاء الاصطناعي يهدف إلى تعزيز القدرات والمساهمات البشرية، كيف سيتحقق ذلك؟.

بالتأكيد وجود الذكاء الاصطناعي سيحدث تغييرا كبيرا في مجال العمل ولكن هذا لا يعني أن يكون التغيير من الناحية السلبية، فوجود الذكاء الاصطناعي سيلغي الوظائف الروتينية بمقابل ظهور فرص عمل جديدة غير موجودة وغير معروفة في عالمنا الحالي، قد يكون هذا الشي إيجابياً للأشخاص الذين يحاولون التطوير من أنفسهم واكتشاف مهارات جديدة. فنحن نعتقد بإن الذكاء الاصطناعي سيكون أعظم محرك للوظائف في العالم.

هل أصبح الذكاء الاصطناعي جزءا أساسيا في صناعة التكنولوجيا، التي لن تمضي البشرية قدما من دونها؟

بالأحرى مستقبل التكنولوجيا هو الذكاء الاصطناعي وتوابعه (بلوك تشين، التعليم الآلي، التعلم العميق)، نستطيع أن نجزم بأن عصر الآلات الذي يعمل ويتم إرشاده من قبل الإنسان انتهى وبدأنا في مرحلة مجاراة الروبوتات وآله العقل الإنساني.

و بالفعل لا رجعة من ربط مجالات المواصلات والطب والمالية والصناعة “4.0” بشكل لا يتجزأ من صناعة التكنولوجيا، فعلى سبيل المثال استثمر “سوفت بنك” 108 مليار دولار في تطوير الذكاء الاصطناعي لوحده.

 

أين العالم العربي، والخليجي، والبحرين من كل ذلك؟ هل نواكب ما يجري حولنا من تطور، أم ما زلنا متأخرين عن الركب؟

لا شك بأن بعض دول المنطقة مع إمكانيات أكبر تمكنوا من استثمار الذكاء الاصطناعي وشراء أجهزة ذكية في هذا المجال من خلال استثماراتهم في برمجيات عالمية. ولكن بالحديث عن البحرين في مجال الذكاء الاصطناعي فشخصيا أعتقد بأن البحرين من أكثر الدول ليس بين دول المنطقة فقط وإنما في الشرق الأوسط تقدم في إدراك الذكاء الاصطناعي وقابلية في تطوير برمجيات الذكاء الاصطناعي، فهذي قدرات خارقة لا يستهان بها.

بالإضافة الى الاستفادة من خريجي وخريجات الجامعات، وتطوير إمكاناتهم وخبراتهم بما يتعلق بهذا المجال.

ما المجالات التي يمكن استثمار الذكاء الاصطناعي فيها عموما، وكيف يمكن تطبيق ذلك في البحرين؟

بشكل عام الذكاء الاصطناعي ومع التطورات السريعة أعتقد لا يوجد مجال لم يتطرق له الذكاء الاصطناعي سواء من خلال تحديث العمليات أو تقليص العمال أو تطوير العمليات أو حتى التركيز على البيانات الضخمة والقرارات الذاتية من خلال الذكاء الاصطناعي أو التعلم الآلي والروبوتات، حيث أن الأعمال الروتينية والقرارات البيروقراطية تتقلص وتقل مع عمليات الذكاء الاصطناعي.

كما أن الذكاء الاصطناعي يدخل بشكل إيجابي في مجال التعليم فهو مساعد كبير من عدة جوانب منها تصحيح امتحانات الطلبة خلال ثوانٍ، التركيز على طاقات الطالب وإمكانياته أو حتى التنبيه بها، سيكون مساعد لذوي الاحتياجات الخاصة وتسهيل التعليم لهم وغيره، بالإضافة إلى التعليم عن البعد وتعليم الروبوتات وتعليم الذكاء الاصطناعي، جميع ما ذكرته سيتم تطبيقه في وقت قريب وليس على المدى البعيد.

بالإضافة إلى أنه يمكن تطبيق الذكاء الاصطناعي في مجال “الطب” حيث يتم استخدامها لتشخيص المرضى بناء على بيانات الجينوم.

وفي “الصناعة” يتم توظيفها في العالم المالي للاستخدامات التي تتراوح من الكشف عن الاحتيال إلى تحسين خدمة العملاء من خلال التنبؤ بالخدمات التي يحتاجها العملاء، في التصنيع يتم استخدامها لإدارة القوى العاملة وعمليات الإنتاج وكذلك التنبؤ بالأعطال قبل حدوثها وبالتالي تمكين الصيانة التنبؤية أوغيرها من المجالات.

تقدر Deloitte أن يتم إنفاق 57.6 مليار دولار على الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي بحلول 2021، أي 5 أضعاف ما كان عليه في عام 2017، كما يشير معهد McKinsey Global إلى إمكانية إنفاق من 3.5 إلى 5.8 تريليون دولار في القيمة التجارية المحتملة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي عبر 19 مجالاً، هل تعتقد بأنها أرقام منطقية؟

لا أتفق مع تقدير “مكينزي”، وأعتقد بأن هناك نوعا من المبالغة في الأرقام بحيث يصل الإنفاق السنوي نحو 6 تريليونات.

أكثر الدول إنفاقاً في المستقبل هي الولايات المتحدة الأميركية والصين، واللتان تتنافسان باستمرار في الإنفاق السنوي على الذكاء الاصطناعي والذي سيصل إلى 150 مليار دولار، ومن بعدهما بريطانيا وفرنسا، ألمانيا، دول الاتحاد الأوروبي، كندا وروسيا وإلى حداً ما الهند.

يذكر أنه في البداية سيكون الاستثمار أكثر من قبل القطاع العام والحكومات ومن ثم القطاع الخاص.

 

إذا سلمنا بهذه الأرقام، كم تقدر حصة المنطقة، أو الخليج العربي منها، وهل يمكن تقدير المبلغ على مستوى البحرين؟

من المتوقع بأن أكثر الدول استثماراً في الخليج العربي هي السعودية وخصوصا ما يتعلق بمدينة “نيوم” ورؤية المملكة 2030، ومن ثم الإمارات اذ من المتوقع أن يكون الإنفاق فيها 96 بليون دولار في عام 2030.

أما بالنسبة للبحرين فيجب أن يكون الاستثمار في مجال البحوث والتطوير في مجال الذكاء الاصطناعي حتى تكون مركزاً وحيداً في الشرق الأوسط لإصدار برمجيات الذكاء الاصطناعي إلى دول المنطقة أو أن تكون ممثلة عن الشركات التكنولوجية العشر الأميركية في المنطقة.

يحذر الأطباء ومتخصصو التغذية والرياضة والصحة الجسدية والذهنية من التكنولوجيا والأجهزة الذكية وتأثيرها على الناس لاسيما الأطفال، ما رأيك بذلك؟

بالطبع هناك تأثير، فقد سجلت مستشفيات البحرين عدداً من حالات الأطفال الذين يصابون بحالة “الصرع” نتيجة عن استخدام الأجهزة الذكية، وغيرها من الحالات.

بالإضافة لأشعة 5G وتأثيرها الكبير على الأشخاص واحتمالية الإصابة بأمراض السرطان أو حتى التأثير على نمو الأطفال من عمر 2 - 3 سنوات.

كما أن هناك عدة دراسات تم إثباتها في تأثير التكنولوجيا على الإنسان ولعل أبرز هذه الدراسات هناك دراسة في السويد تم الإثبات فيها بإن هناك ربط بين استخدام الهاتف والاكتئاب، بالإضافة لدراسة من جامعة “ويلز” بإن التوقف المفاجئ عن استخدام التكنولوجيا قد يصيب الشخص “بالأمراض الانسحابية”.

وعلى نفس السياق فإن استخدام التكنولوجيا بكثرة قد يسبب ما يسمى بـ “فرط النشاط ونقص الانتباه”.

هل تعتقد بأن التطور التكنولوجي، والذكاء الاصطناعي سيؤدي إلى انفلات أمني، أم العكس صحيح؟ ولماذا؟.

من الممكن، فمع التطورات السريعة بشكل يومي في عالمنا هذا من الصعب أن يكون هناك تشريعات ثابتة لأنظمة الذكاء الاصطناعي، لذلك هناك صعوبة على التشريعات أن تواكب التغيرات التي تحدث في العالم، هذا لا يعني عدم وجود تشريعات عليا وأمنية صارمة لا يمكن الخروج عنها، ففي الدول الأوربية هناك تشريع “GDPR” (النظام الأوروبي العام لحماية البيانات) مثل حماية البيانات والصور والفيديوهات والذي تم تفعيله في مايو الماضي في جميع الدول الأوروبية.

 

13 يتوقع العلماء أن يقدم الذكاء الاصطناعي ثورة وتفوق في مجال الطب، هل تؤيد ذلك؟

يشجع استخدام التكنولوجيا والتطبيقات السلوك الصحي لدى الأفراد، ويساعد في الإدارة الاستباقية لأسلوب حياة صحي. إنه يضع المستهلكين في موقع السيطرة على صحتهم، مثلاً: يتم استخدام الذكاء الاصطناعي بالفعل للكشف عن الأمراض، مثل مرض السرطان، بدقة أكبر وفي مراحله المبكرة.كما يتطلب تحسين الرعاية تطابق البيانات الصحية الكبيرة مع اتخاذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب، ويمكن للتحليلات التنبؤية أن تدعم اتخاذ القرارات والإجراءات السريرية بالإضافة إلى تحديد أولويات المهام الإدارية.

كما أن الروبوتات لديها القدرة على إحداث ثورة في رعاية نهاية الحياة، ومساعدة الناس على البقاء مستقلين لفترة أطول، والحد من الحاجة إلى المستشفيات ودور الرعاية.

بالإضافة الى أن الروبوتات تساعد أيضًا الجراحين في إجراء عمليات معقدة بشكل متزايد. باستخدام الروبوتات، لا يوجد هنالك حاجة إلى اجراء أكثر من بضعة شقوق صغيرة في الموقع الجراحي.

 

بطاقة شخصية:

  •  الدكتور جاسم حاجي حاصل على درجة الدكتوراه في إدارة الأعمال من جامعة نورثمبريا في نيوكاسل بالمملكة المتحدة عام 2010.
  •  خبرة تمتد إلى ما يزيد عن 30 عام في مجال التكنولوجيا في شركات محلية وأميركية.
  •  رئيس لجمعية الذكاء الاصطناعي، وعمل على تطبيق عدد من الابتكارات الخلاقة في عمليات التقنية المعلوماتية.
  •  حاصل على ما يزيد عن 15 جائزة في مجال التكنولوجيا في منطقة الشرق الأوسط بما في ذلك ثلاث جوائز تقديرية كأفضل رئيس تكنولوجيا المعلومات (CIO).