+A
A-

عادل أميري .. قصة صعود صناعية عمرها 85 عامًا

استثمار أكثر من مليوني دينار في معدات صناعية جديدة

نستعد لدخول أسواق الخليج بالمنتجات البحرينية

ضرورة زيادة الترويج لعلامة “صنع في البحرين” 

الهاجس الأكبر فتح أسواق جديدة للتصدير 

مصنع “أميري” ينتج 4 ملايين لوحة مفاتيح سنويا

10 آلاف عمود إنارة سنويا و250 كيلومترا حواجز طرق

نصف احتياجات البحرين لأعمدة الإنارة تصنعها “أميري”

تغطية 90 % من احتياجات البحرين من حواجز الطرق

 

قصة صعود بحرينية أخرى في عالم الشركات، فمن كهربائي يعمل في محل صغير بسوق المنامة على شارع الشيخ عبدالله، حوّل محمد علي أميري وأبناؤه “محلات أميري” إلى مجموعة شركات بحرينية تمتلك مصانع كبرى تنتج مختلف المعدات الكهربائية ومعدات الطرق التي تزود بها السوق المحلية والعالمية.

وبعد قرابة 85 عامًا، تضم مجموعة أميري للصناعات الآن 3 مصانع وشركات: “آماتاك” و ”أمجارد” و ”آمالايت”، إلى جانب شركة “أميري للخدمات”.

وللوقوف على جوانب قصة النجاح هذه، “البلاد” التقت الرئيس التنفيذي لمجموعة أميري للصناعات عادل أميري، والذي يعد من الجيل الثاني في عائلة أميري، إذ تولى إدارة الشركة من والده المؤسس في ثمانينات القرن الماضي. وسلط أميري الضوء على أبرز محطات هذه الشركات العائلية التي واصلت تطورها وتوسعها المحلي والإقليمي على مدى الأعوام الستين الماضية.

 

بداية الانطلاقة

يروي أميري في البداية أن والده توفي في العام 2015 بعد مسيرة حافلة بالعطاء، إذ كان يعمل في مجال المقاولات الكهربائية ومارس أعمال الكهرباء بنفسه، كما باشر بعض الأعمال البسيطة منها على سبيل المثال القيام بالتركيبات الكهربائية لشركة بابكو وذلك بالقطعة أو المقاولة، قبل أن يفتتح محله الأول “محلات أميري” في سوق الكهرباء على شارع الشيخ عبدالله بالمنامة القديمة اعتمادًا على خبرته وممارسته للأعمال الكهربائية إلى جانب دراسته اللغة الإنجليزية بالمدارس في الفترة المسائية، فهي كانت اللغة السائدة حينها خصوصا بين أروقة شركة النفط حينما كان الإنجليز يديرون أعمال الشركة، وذلك في العام 1953.

كان الابن عادل في بداية مراحله الدراسية، وعمل أيضًا مع والده في المحل ولم يتجاوز الثماني سنوات، في الفترة المسائية بعد انتهاء الفترة الدراسة. فقد درس عادل المرحلة الابتدائية ثم التحق بالتعليم الفني في مدرسة المنامة الصناعية، قبل أن يقرر أن وقف مسيرة الدراسة؛ لينضم إلى والده ويتفرغ للعمل.

 

التوسع في التجارة

استمرت مؤسسة “أميري” في العمل في تجارة المعدات الكهربائية من مصابيح وأدوات كهربائية ومفاتيح، مستفيدة من النمو التجاري الصاعد الذي شهدته البحرين منذ مطلع سبعينات وثمانينات القرن الماضي؛ بفضل ازدهار صناعة النفط، إذ استمر الوالد أميري في جذب أشهر الشركات العالمية المصنعة؛ ليكون وكيلًا لها في البحرين.

وكان الوالد المؤسس كثير السفر إلى المعارض الدولية والعالمية في الوقت الذي لم تكن فيه وسائل الاتصالات متوافرة ومتطورة كما هو الحال حاليًا، وكانت المعلومات شحيحة عن الشركات المصنعة، إذ قام بزيارة الشركات الخارجية والحصول على الوكالات العالمية وأولها وكالة شركة Square D الإنجليزية قبل أن تضم شركة “شنايدر الكتريك“ والتي حافظت “محلات أميري” على وكالتها بالبحرين.        

ويقول عادل أميري “رغم أننا كان لدينا أعمال مقاولات صغيرة إلا أن تركيزنا كان على التجارة العامة في الأدوات والمعدات الكهربائية، وأول وكالة حصلنا عليها هي من شركة Square D الإنجليزية في العام 1969 قبل أن تستحوذ عليها شركة شنايدر”.

 

البدء من الصفر

ومضى أميري الابن بالقول ”الوالد كان تفكيره تجاريا، فهو لم يعمل موظفا دائما قط، إذ بدأ من الصفر في عالم التجارة بعد أن اكتسب حرفته كهربائيا، وكان يحب السفر إلى هونغ كونغ والمملكة المتحدة وغيرها من الدول؛ للاطلاع على المعدات واستقطاب الوكالات للمؤسسة”. لدى الشركة 5 مواقع حاليًا، إذ شرعت بمرحلة التوسع في السبعينات والثمانيات بشكل واضح بالتزامن مع عصر النهضة العمرانية.

 

الجيل الجديد والتحولات الجذرية

بعد أن تشبع شغف الوالد بالهندسة الكهربائية من خلال الممارسة العملية، قرر ابنه الأكبر عادل محمد أميري (1960) أن يعود إلى مقاعد الدراسة ليتخصص في الكهرباء، وذلك في فترة ثمانينات القرن الماضي، وكانت الولايات المتحدة وجهته، إذ استطاع نيل درجة البكالوريوس في الهندسة والعودة إلى البحرين العام 1987؛ ليتسلم من جديد قيادة دفة الشركة.

عاد أميري الابن من الولايات المتحدة متشبعًا بالعقلية الصناعية، فأخذ يباشر تغييرات جذرية في طريقة عمل الشركة وقيادة أعمالها التنفيذية نحو الإنتاج والإنتاجية في نهج جديد لم يخضه والده من قبل، وبروح الشباب والتغيير. بدأ أميري الابن إقناع والده بدخول عالم التصنيع من خلال افتتاح أول مصنع للشركة، ولا يخفي عادل أن والده كان تقليديا في البداية ولم يكن يرغب في التوسع خارج نطاق التجارة، لكنه اقتنع في نهاية المطاف.

مصنع لحواجز الطرق وأعمدة الإنارة

وفي العام 2000 توسعت مجموعة “أميري” لتضيف مصنع آخر لمعدات سلامة وحواجز الطرق تحت اسم (أماجارد)، التي تثبت على جوانب الشوارع لحماية السيارات وقت الحوادث، في نفس موقع مصنع سترة للمعدات الكهربائية، إذ كان الإنتاج محدودًا في البداية.

وفي العام 2005 توسعت الشركة في إنتاج حواجز الطرق بافتتاح مصنع جديد في المنطقة الواقعة خلف “ألبا”، الذي ينتج كذلك أعمدة إنارة الشوارع والطرق.

وينتج المصنع قرابة 10 آلاف عمود إنارة سنويًا وقرابة 250 كيلومترا من حواجز الطرق وحماية المركبات من الحوادث، إذ يركز إنتاج المصنع على السوق البحرينية وينوي التوسع في السوق السعودية.

ويغطي مصنع المعدات 90 % من احتياجات السوق المحلية من حواجز الطرق، في حين ينتج خط إنتاج أعمدة الإنارة قرابة 50 % من احتياجات البحرين. وبعد أن كانت الشركة تصدر للسوق الكويتية والقطرية، أخذت تصدر أيضا إنتاجها للسعودية والإمارات بشكل أساس، فيما تعتزم فتح مكتب تمثيلي في المملكة العربية السعودية خلال هذا العام.

 

مضاعفة الإنتاج

خلال الأعوام الماضية استطاعت مصانع الشركة مضاعفة الإنتاج سواء فيما يتعلق بإنتاج مصنع لوحات مفاتيح الكهرباء أو حواجز الطرق وأعمدة الإنارة، إذ يفتح ذلك المجال لقدرة تصديرية أعلى في أسواق المنطقة. وتصدر حاليا ما قيمته نحو 25 مليون دولار من مختلف المنتجات لمختلف الأسواق. وتوسعت مجموعة “أميري” أكثر في الأعوام الماضية، لتؤسس شركة “أميري للخدمات” الجديدة المتخصصة مجال خدمات تركيب حواجز الطرق. واستطاعت الشركة طوال السنوات الماضية من رفع قدرتها من نحو 10 عمال عند التأسيس ليصلوا إلى 400 موظف منهم 50 موظفا بحرينيا.

 

أول مصنع للمفاتيح الكهربائية

في العام 1991 افتتحت مجموعة “أميري” أول مصنع لها لصناعة وتجميع لوحات المفاتيح الكهربائية (أميتاك) في منطقة سترة؛ لتكون أول نقطة تحول في توسع الشركة، وحمل المصنع حينها اسم “أميري للصناعات “، حيث يتم صنع وتصميم إطار لوحات المفاتيح الكهربائية التي تستخدم كلوحة تحكم رئيسة في المنازل والشركات والقطاع التجاري، إذ كانت تتم صناعة الإطار في البحرين بينما تجلب المفاتيح من شركات عالمية مثل شنايدر و “ABB”.

كان الإنتاج في البداية لا يتعدى 100 ألف لوحة، إذ كانت الشركة توائم بين استيراد لوحات المفاتيح الجاهزة إلى جانب تزويد السوق باللوحات المصنعة من قبل الشركة بصورة تدريجية، إلى أن رفعت الإنتاج إلى نصف مليون لوحة بعد 25 عاما تقريبا من بدء الإنتاج.

ويسجل المصنع سنويا نسب نمو ما بين 10 و15 % في الإنتاج، وهو ما استدعى افتتاح مصنع جديدة للوحات في 2015 بمنطقة الحد الصناعية، الأمر الذي رفع الإنتاج إلى ملايين القطع سنويا، إذ تصدر إلى الكويت وأسواق الخليج وتعتزم افتتاح مكتب للتسويق في السعودية وعدد من دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى. واستثمرت الشركة في مصنعها الجديد في منطقة الحد الصناعية أكثر من مليوني دينار في معدات جديدة.

 

دماء جديدة في الشركة العائلية

وبالحديث عن مدى انخراط العائلة في نشاط الشركة العائلي، وإمكان استمرارها بصورتها العائلية بعد مرور جيلين، يقول عادل إن شقيقه واصل في نشاط الألمنيوم الذي بدأه والده، إلا أنه واصل العمل بالشركات الأخرى إلى جانب ابنه الأكبر علي أميري، الذي انخرط كذلك في نشاط شركة أميري للصناعات بصورة طوعية؛ حبا في هذا المجال، إذ إنه وبعد أن تخرج من “مانشستر” في العام 2014 انضم مباشرة للشركة؛ ليكون مسؤولاً عن قسم الأعمال الميكانيكية ومصنع حواجز الطرق وأعمدة الإنارة.

ويضيف أميري أنه لا فائدة من إجبار الأبناء على اتخاذ مسار الآباء في العمل، وأنه من الضروري أن تكون هناك رغبة داخلية لمواصلة العمل في هذا المجال لتحقيق الإنجاز. ويشعر أميري بالسعادة؛ لأن ابنه علي لديه رغبة وحماس الشباب، ولذلك هو متفائل من تحقيقه النجاح وإضافة المزيد للنجاح في الشركة، خصوصا أن انخراطه في هذا المجال جاء من تلقاء نفسه.

ومن جهة أخرى، يواصل ولداه سلمان وجلال الدراسة بالمراحل الجامعية وربما يستعدان هما الآخران للانضمام للمساهمة في مسيرة الشركة.

 

التوسع في التصدير التحدي الأكبر

وبخصوص التحديات الرئيسة التي يراها في عمله، يشير أميري إلى أن التوسع هو هاجسه الأكبر، مثل دخول في السوق السعودية والحصول على مشروعات كبيرة خصوصا مع وجود طاقة إنتاجية أكبر لدخول أسواق المنطقة.

ويتوقع دخول السوق الأميركية من خلال طرح منتجات جديدة إضافية، بالاستفادة من اتفاقية التجارة الحرة التي تربط كل من البحرين والولايات المتحدة الأميركية.

ويتابع أن مسيرة الشركة الحافلة تؤكد مستوى الإنتاج البحريني القادر على أن يصل إلى العالمية، مشددا على أن علامة “صنع في البحرين” يجب أن يزيد الترويج لها في دول المنطقة من خلال مشاركة مختلف المصانع البحرينية من خلال جناح واحد لتسويق وترويج الإنتاج البحريني من مختلف الصناعات ذات الجودة العالية التي أثبتت كفاءتها”.

وشدد أيضا على أهمية المشاركة الجماعية من قبل المصانع من خلال جناح يحمل اسم “صنع في البحرين” في المعارض التي تقام في دول الخليج والمنطقة للترويج للمنتج البحريني.